مؤامرة على الرملة البيضاء.. لتحويلها بحراً خاصاً بالأغنياء

مؤامرة على الرملة البيضاء.. لتحويلها بحراً خاصاً بالأغنياء
مؤامرة على الرملة البيضاء.. لتحويلها بحراً خاصاً بالأغنياء

رغم مرور عشرة أيام على قرار وزير النقل والأشغال العامة، يوسف فنيانوس، بالسماح لجمعية "الأزرق الكبير" استكمال أعمال الصيانة، وإعادة تركيب غرف الإدارة والإسعافات الأولية وكيوسكات المبيعات، على المسبح الشعبي في الرملة البيضاء، وسلوكه المسار الإداري إلى وزارة الداخلية والبلديات.. لم تبلّغ الوزارة القرار إلى مفرزة شواطئ بيروت، كي تتمكن "الجمعية" من إعادة الأكشاك. وبالتالي مازال روّاد الشاطئ المجاني الأخير في العاصمة حتى من دون مراحيض لقضاء حاجتهم. وذلك، جرّاء قرار محافظ بيروت إزالة الأكشاك منذ حوالى الشهر بذريعة مخالفتها للقانون وأنّها غير مرخّصة.

تأخير غير مبرّر
وفق مدير الجمعية نزيه الريّس، في حديث إلى "المدن"، كان على "الداخلية" الإسراع بتبليغ القرار لخفر الشواطئ، ليس لكون الموسم الصيفي بات في منتصفه، ولا لكون "الجمعية" تتكبد خسائر مالية كثيرة، لتسيير هذا المرفق المجاني، بل لكون روّاد الشاطئ باتوا محرومين من أبسط الخدمات التي تقدّمها الجمعية، أي المراحيض وغرف تبديل الملابس والإسعافات الأوّلية. 

صحيح أنّ الجمعية ما زالت توفّر خدمة المنقذين وعمّال النظافة على نفقتها الخاصة، إلّا أنّ تأخير المعاملة في "الداخلية" يحرم "الجمعيّة" من تحصيل بعض الأموال من بيع المرطبات والمأكولات وتأجير الطاولات للزبائن، التي تنفقها على الموظفين والخدمات التي تقدّمها. فـ"الجمعية" تدير الشاطئ منذ العام 2003 بموجب ترخيص من وزارة النقل والأشغال العامة. وقد تمّ السماح لها بتركيب أكشاك بيع المرطبات والمأكولات كي تتمكّن من إدارة الشاطئ المجاني، وتقديم خدمات مجانية للمواطنين.
ورغم عدم تشكيك الريّس بنوايا مبيّتة لوزارة الداخلية في تأخير المعاملة، خصوصاً أن علاقة "الجمعية" طيبة مع جميع الوزارات، لكنه يعتبر أنّ هناك تأخيراً غير مبرر. فالروتين الإداري لمثل هذه المعاملات لا يتجاوز عادة عشرة أيام. وقد اجتمعت الجمعية مع خفر الشواطئ وتمّ إبلاغها أنّهم لم يتلقّوا أي أمر بعد من "الداخلية". وأضاف، "تفرض حاجة الناس الملحة إلى الخدمات الصحية والشخصية، تسريع المعاملة عمّا هو عليه الروتين الإداري، إلا أنه ورغم مرور عشرة أيام ما زالوا ينتظرون".

تضييق المحافظ
ولفت الريس إلى أنه لا مخاطر جدّية على رواد الشاطئ، خصوصاً أنّ الجمعية ما زالت تؤمّن المنقذين للراغبين بالسباحة، رغم التضييق الكبير الذي تقوم به شرطة بلدية بيروت، الخاضعة لسلطة المحافظ. لكنّه يربط المسألة بالإشكاليات الكثيرة التي حصلت في الآونة الأخيرة مع محافظ بيروت القاضي زياد شبيب، الذي يبدو أنه لا ينسى ما سببته له الجمعية من إحراجات. 

فقد كانت "الجمعية" أوّل من حذّر من مشروع "إيدن باي"، وتحويل الصرف الصحّي إلى شاطئ الرملة البيضاء، بعدما كان يصب بمحاذاة المشروع، وكشفت عن طمر مجرور الصرف الصحي الذي أدّى إلى فيضان العاصمة بالمياه المبتذلة الشتاء الفائت. لذا اعتبر شبيب أنّ ما قامت به "الجمعية" من كشف تلك المخالفات موجّه شخصياً ضده، حسب الريس. واعتبر أنّ التأخير الحالي بمثابة عملية عضّ أصابع، لجعل الجمعية غير قادرة على تحمل الأعباء المالية التي تنفقها على الموظفين، وبالتالي جعلها توقف أعمالها من تلقاء نفسها. فضرب الموسم الصيفي، سيجعل الجمعية غير قادرة على الاستمرار بتقديم خدماتها المجانية، التي تقوم بها منذ أكثر من 15 عاماً.    

تشهير وتطفيش
ولفت الريس إلى أنّ المضايقات التي يتعرضون لها حالياً من شرطة البلدية، تأتي بعد حملة التشهير التي طالتهم بين أبناء بيروت، بوصفهم يقومون بأعمال غير مشروعة، وغير قانونية، ومخالفة للآداب العامة، حتى وصل بهم الأمر إلى دفع بعض الجمعيّات للتحريض ضدهم والطلب من البلدية جعل الشاطئ أكثر نظافة وأفضل، كما لو أنّ الجمعية لا تقوم بهذا الأمر. وقد تقدّموا بدعوى قضائية ضد أحد المخاتير المحرضين، كما قال الريس، واضعاً هذا الأمر في إطار عملية "تطفيش" الجمعية وجعل الشاطئ لقمة سائغة للمتربصين به. إذ بدرت إلى مسامعهم عن عزم البعض تحويل الشاطئ المجاني إلى "زيتونة باي" جديد. 

في هذا الإطار يعتقد الريّس أن مشروع بقاء المسبح الشعبي مجانياً، سيستحيل في حال تمّ تنفيذ المخطّط الذي بدأوا يسمعون عنه. ووفق ما بدر إلي مسامعهم، يأتي المخطط الجديد ضمن مشروع "تحسين الواجهة البحرية لمدينة بيروت"! إذ سيصار إلى إنشاء موقف للسيارات في الحديقة التي تقع فوق شاطئ رملة البيضاء يتّسع لنحو 300 سيارة، وحفر نفق كبير يصل إلى الشاطئ، حيث سيتمّ انشاء مطعم تحت الرصيف على الشاطئ مباشرة، وذلك بعد شراء الأملاك الخاصة التي يمتلكها ورثة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في المنطقة. وبالتالي سيصبح هذا المسبح غير مجاني ولا يخدم عموم السكان. فتحت حجة تحسين الواجهة البحرية يصبح جميع الرواد ملزمين بدفع رسم دخول، أو أقلّه ممنوع عليهم جلب مأكولاتهم، وفق الريس، وتحويل الشاطئ الشعبي إلى "زيتونة باي" لأغنياء العاصمة.  

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى