يعقد المجلس البلدي لمدينة بيروت اجتماعاً لإقرار دفتر شروط تصميم وتمويل وإنشاء وتشغيل معمل التفكّك الحراري، الخميس 4 تموز، ولرفع تمنٍ إلى مجلس الوزراء لتخصيص عقار مساحته بين 50 و60 ألف متر مربع لإنشاء المعمل عليه.
ضغوط على الأعضاء
في ظلّ موازين القوى، في المجلس البلدي، قد يقر أغلبية الأعضاء بدفتر الشروط. ووفق مصادر "المدن"، يوجد نحو سبعة أعضاء سيصوتون ضد إقرار دفتر الشروط. هذا فضلاً عن وجود أعضاء معترضين لم يحسموا خيارهم بعد، لكنهم يتعرّضون لضغوط كبيرة. وبالتالي، لا يمكن التكهّن إلى أين سيميل صوتهم إلا خلال الجلسة. قد تتغير المعطيات في اللحظات الأخيرة، خصوصاً أن المعترضين في الكواليس كثر، لكن لا أحد يعلم كيف ستسير الأمور، مع ترجيح حصول دفتر الشروط على أغلبية الأصوات.
وعن طبيعة اعتراض الأعضاء، تشير معلومات "المدن"، إلى أن البعض يعترض فقط على موقع معمل التفكك الحراري، وليس على مبدأ اعتماده كخيار وحيد في بيروت. وثمّة أعضاء ليسوا ضد مبدأ التفكك الحراري بالمطلق لمعالجة النفايات، لكنهم يرفضون اعتماده في الوقت الحالي، لعدم وجود ثقة في آلية تنفيذه على أرض الواقع. ففي ظل غياب القوانين والتطبيق الملتوي لها، تنعدم الضمانات لتطبيق دفتر الشروط الذي يلحظ شروط السلامة، من إدارة المعمل ووضع الفلاتر المناسبة وغيرها من الشروط الصحّية. فكما كل شيء في لبنان، الكتابة على الورق شيء، والتطبيق على الأرض شيء آخر. من هذا المنطلق، يرى هؤلاء الأعضاء أنّ معمل التفكّك الحراري سيكون عبارة عن كتلة من السموم وضرره خطير جداً على جميع أبناء العاصمة.
اعتصام رافض للمحرقة
بالتوازي، دعت "بيروت مدينتي" و"ائتلاف إدارة النفايات" ومجموعات مدنية أخرى، إلى تنفيذ اعتصام أمام مبنى بلدية بيروت يوم الخميس 4 تموّز، تزامنا مع انعقاد المجلس البلدي. واعتبرت هذه المجموعات إنّ بلدية بيروت تتجاهل كل المطالب الرافضة للمحارق وتضرب عرض الحائط كل التحذيرات التقنية من الخبراء حول المخاطر البيئية والصحية للمحارق، كما تقارير المؤسسات العالمية التي تنصح بتوقيف المشروع على الأقل لعام ونصف.
ووفق إحدى أعضاء ائتلاف إدارة النفايات، سمر خليل، فقد أوصت الشركة التي طلب مجلس الوزراء من مجلس الإنماء والإعمار تكليفها، لوضع دراسة تقييم الأثر البيئي لدفتر الشروط لمدينة بيروت، بضرورة تأخير إطلاق دفتر الشروط لنحو سنتين، في انتظار استكمال المزيد من الدراسات حول الموقع الذي ستنشأ عليه المحرقة، وأخذ رأي العامة فيها، ودراسة الأثر البيئي للمكان، وللرماد المتطاير، وذاك الذي يبقى في القاع، وكيفية التخلّص منه، ووضع دراسة مفصّلة لنوعية النفايات في العاصمة، والكميات المنتجة وتأثيرها المستقبلي على أداء المحرقة. لكن البلدية لم تأخذ به وتجاهلته.
طعن قانوني
وإزاء تجاهل البلدية لكل التحذيرات من مغبّة هذا الخيار، حمّلت المجموعات المدنية جميع أعضاء المجلس البلدي المسؤولية الفردية من المخاطر الحيّة على السكان، ودعتهم إلى عدم التوقيع وإقرار دفتر الشروط. وحذّرت من أنّ هذا القرار سيلزم أهالي العاصمة بالمحارق لمدة لا تقل عن 25 سنة، ويلقي عليهم كل التبعات الصحية والبيئية الخطيرة المرافقة.
لكن الضغط لن يقتصر على الحملات الدعائية المحذّرة من إنشاء المحارق والتظاهر في الشارع، فقد أكّدت خليل إنّ الضغط الشعبي سيترافق مع ضغوط قانونية، في حال لم يتمّ التراجع عن إقرار دفتر الشروط في المجلس البلدي. وستلجأ المجموعات المدنية إلى الطعن بالقرار في مجلس شورى الدولة. فالبلدية وضعت مخططاً لمدينة بيروت، من دون وجود دراسة استراتيجية لتقييم الأثر البيئي. كما أنّ قانون النفايات الجديد رقم 80 يشترط مراجعة وزارة البيئة لدفاتر الشروط. وهذا لم يحصل في دفتر الشروط الذي تريد البلدية إقراره. فرغم إقرار لا مركزية إدارية في معالجة النفايات، إلا أنّ البلديات ملزمة بوضع خططها بناء على استراتيجية وزارة البيئة. ولن ينفع البلدية تحجّجها بإجراء دراسة تقييم الأثر البيئي لاحقاً. فهذا الأمر غير معقول، وفق خليل، إذ لا يمكن إقرار دفتر الشروط والذهاب إلى إجراء مناقصات لإنشاء المحرقة، ثمّ يُصار لاحقاً إلى دراسة الأثر البيئي.
وليد الحسين - المدن