ثلاثي الهيمنة نصرالله باسيل الحريري.. والحلف المضاد

ثلاثي الهيمنة نصرالله باسيل الحريري.. والحلف المضاد
ثلاثي الهيمنة نصرالله باسيل الحريري.. والحلف المضاد

ثلاثة سيسيطرون على لبنان خلال السنوات القليلة المقبلة. ونقطة التحول هي عام 2022، عندما يستحق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومجلس نيابي، ومجالس بلدية. في عام 2022 ستنتقل قيادة لبنان من جيل قادة الميليشيات أيام الحرب الأهلية إلى جيل القيادات المسيطرة ما بعد انسحاب الجيش الأسدي من لبنان عام 2005.

مسار تصاعدي
القوى الثلاث التي برزت وسيطرت على مجريات الأمور منذ ذلك الحدث الذي عرف بـ"انتفاضة الاستقلال" هما حزب الله، تيار المستقبل، والتيار الوطني الحر. كل منهم له الموقع المحوري ما بين جمهور طائفته، التي هي الثلاث الأكبر في لبنان، موارنة، سنة، وشيعة. ومنذ 2005 وحتى 2022، مسار تقاربهم وتنسيقهم المشترك يتصاعد بشكل مضطرد، تكلل عام 2017 بانتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية، وتعيين الرئيس رئيساً للحكومتين في عهد عون، وإبقاء سياسة الحرب والسلم والعلاقات العربية والدولية رهن أجندة حزب الله.

تتمركز في تلك القوى الثلاث وحولها، كافة عوامل القوى السياسية. فهم يمثلون مجموعات ديموغرافية طائفية هي الأكبر في لبنان، وينعكس ذلك باستحواذهم المباشر على نصف أعضاء مجلس النواب (29 نائباً للتيار، 19 نائباً للمستقبل، 15 نائباً لحزب الله، من دون أن نحتسب من يتماهى معهم بالكامل من خارج كتلهم). ولديهم التأثير الأكبر على الأجهزة الأمنية، فتأثير تيار المستقبل واضح على قوى الامن الداخلي، والتماهي الصريح لقوى أمن الدولة مع المهام التي تُطلَب من قيادات التيار الوطني الحر، والتعاون العميق ما بين الأمن العام وحزب الله وكذلك مخابرات الجيش مع حزب الله، تحت مظلة تنسيق العمل الأمني لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية وتنسيق العلاقة مع النظام الأسدي في دمشق.

كما أن هذا الثلاثي لديه حصرية علاقات لبنان الدولية، خصوصاً مع دول المحاور في الشرق الأوسط. فتيار المستقبل علاقته وثيقة مع فرنسا، والسعودية، وأميركا، وتركيا وروسيا، وقلة من الأحزاب الأخرى قادرة على مجارات المستقبل بشبكة العلاقات الدولية. حزب الله علاقته مع النظام الإيراني، والسوري ومن خلالهما مع روسيا ثابتة وعميقة. ورغم أن التيار الوطني الحر ليس بالمستوى ذاته، لكن من خلال موقع مؤسسه في رئاسة الجمهورية وحجم كتلته النيابية، ونشاطه في الوزارات، لا سيما "الخارجية" و"الطاقة" جعلت من قدرته على التواصل مع القوى الإقليمية والدولية تتنامى، بوصفه وزناً سياسياً يعتد به.

القوى الأخرى
وقد ترجم هذا الثلاثي فعاليته عبر الإمساك الواسع بالاقتصاد الوطني من خلال شركة الكهرباء، ومجلس الإنماء والاعمار، والمرافئ والمطار، والمعابر غير الشرعية، والمؤسسات العامة، والمؤسسات الخاصة ذات الامتيازات من الدولة، وطبعا الوزارت السيادية والأمنية والاقتصادية الكبرى (دفاع، داخلية، خارجية، اتصالات، صحة الخ). ومع مرور الوقت، خصوصاً في حال تنفيذ مشاريع مؤتمر سيدر، قد يتحكموا بكافة مفاصل الاقتصاد والهيئات الرقابية، وحتى مصرف لبنان، والمؤسسات المستقلة التي ما زالت خارج إطار سيطرتهم الكاملة المباشرة. ولا يشت الجسم القضائي عن محاولات تدجينه كاملاً في إطار المنظومة الثلاثية للسيطرة على الدولة اللبنانية.

ماذا تفعل إذاً القوى الأخرى؟ الحزب الاشتراكي، حركة أمل، المردة، القوات اللبنانية، الكتائب؟ أصبح واضحا أن نفوذها يتآكل وبسرعة داخل الدولة، وينحصر تمثيلها النيابي، والاقتصادي، والأمني، والقضائي، والأهم علاقاتها الدولية. فالحزب الاشتراكي قد تقلب الطاولة نيابيا عليه في حال التزم المستقبل بالتيار الوطني الحر في الشوف وعاليه، وبيروت والبقاع، والتحق بهم النائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب. وحركة أمل قد تشهد المصير نفسه. وقد تبين ذلك في ضعف نتائج معظم مرشحي حركة أمل، الذين فشلوا في الحصول على حاصل انتخابي في معظم الدوائر، لولا رافعة الأصوات المؤيدة لحزب الله.أما القوات اللبنانية، فتحصل على كتلة وازنة، لكنها محاصرة بالكامل داخل الدولة والمؤسسات، ولا يمكنها أن تتمدد خارج البيئة المسيحية، رغم محاولتها العمل بنهج إصلاحي وبادخال كفاءات عالية إلى مناصب وزارية.

حلف مضاد؟
يقترب عام 2022 سريعاً، فالمعركة الرئاسية فتحت، والنقاش بمشاريع الوزير جبران باسيل سارية، ومحاولاته تقديم نفسه واضحة للقاصي والداني. تماهي تيار المستقبل مع التيار الوطني الحر ومع حزب الله أصبح أكثر من مؤكد، والالتزام المشترك جلي. وحزب الله يعمل جاهداً لكسب غطاء سني يؤمنه تيار المستقبل، ليضاف إلى الغطاء المسيحي الذي أمنه التيار الوطني الحر، بما يحمي السلاح والحزب من أي هجمات دولية عليه، ويؤمن حماية في أي مواجهة مع إسرائيل في المستقبل.

يحاول الرئيس نبيه بري، والوزير وليد جنبلاط، مواجهة السيطرة المحكمة. ومن هنا يُفهم التنسيق العالي ما بينهما، وكذلك مبادرة الرئيس بري الباكرة لطرح موضوع قانون الانتخابات النيابية، قبل ثلاث سنوات من موعدها. فالسن المتقدم للقائدين العسكريين إبان الحرب الأهلية، وتقدم التنسيق ما بين الثلاثي الهاجم على مصالحهما في الدولة، يجعلهما يدركان أن لا مكان لهما ما بعد 2022 في تركيبة السلطة. أما حزب القوات اللبنانية، فيراهن على تقديم نموذج جيد في الحكم، وكذلك على عامل الوقت، إذ يتمنى أن ينهار التيار الوطني الحر، ليحل هو محله في ثلاثي الحكم بشروط مختلفة، ممثلاً المكون المسيحي. ومن هنا يفهم التقارب مع تيار المردة، الذي يطمح قائده الوزير سليمان فرنجية لوراثة الكرسي الرئاسي. ونرى حزب القوات أيضاً يركز جهوده على توسيع قواعده ما بين الشباب، وكذلك من خلال عمل وزاري وتشريعي نشط، لكسب أكبر نسبة ممكنة من المسيحيين، وطرح خطاب يحافظ على عمق العلاقة مع المجموعات السيادية في لبنان، خصوصاً السنية.

يبقى السؤال هو، هل يستطيع سمير جعجع، ووليد جنبلاط ونبيه بري وسليمان فرنجية، وسامي الجميل، وآخرون من الوقوف في وجه الثلاثي نصر الله، باسيل، والحريري؟ ثلاث سنوات قليلة ونعرف الجواب.

مارك ضو - المدن

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى