بينما قرر رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان عقد مؤتمر صحافي ظهر الخميس، للحديث عن التقرير النهائي حول ملف التوظيف، في مكتبة مجلس النواب ، الأمر الذي ينتظره جميع اللبنانيين لمعرفة مضمون التقرير والنتائج التي يمكن أن تترتب عنه، يسبقه زميله في البرلمان، رئيس لجنة الإعلام والإتصالات، النائب الدكتور حسين الحاج حسن بعقد مؤتمر صحافي للحديث عن نتائج اجتماع اللجنة مع شركة "تاتش" للاتصالات، والذي يُعطي صورة عن هدر مئات الملايين من الدولارات في هذا القطاع الذي سُمي "نفط لبنان" يوماً ما، وربما ما زال إذا أحسن استثماره.
ربما الصدفة زامنت بين المؤتمرين والملفين. ولكن ما توصلت إليه لجنة الاتصالات الأسبوع المنصرم من معلومات دفعها إلى تحديد موعد خاص لكل من شركتي "تاتش" و"ألفا". وبما أن موعد تاتش كان الأربعاء وتأخر اجتماع اللجنة بسبب كثرة المعلومات، ترك رئيس اللجنة الحديث للخميس وحدد موعداً لـ"ألفا" في 3 حزيران 2019 أي الشهر المقبل، إلا أن هناك شبه إجماع على توصيف هذا الملف بالفضيحة الكبرى، وهدر مئات ملايين الدولارات بسبب السياسة والزبائنية والمحاصصة.
غياب الرقابة
خلال لقاء الأربعاء النيابي الأسبوم الماضي وبالتزامن مع انعقاد اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات، أثير خلال اللقاء موضوع الهدر في شركات الخليوي الذي تناقشه اللجنة، فأكد الرئيس بري أنه لا بد من متابعة الموضوع حتى النهاية.
بيَن اجتماع اللجنة يوم الأربعاء في 15 أيار الجاري أن هناك زيادة على معدل مصروف شركتي الخلوي السنوي بحدود 208 مليون دولار خلال العام 2018 حين كان المعدل خلال السنوات العشر الأخيرة بقيمة 450 مليون دولار سنوياً بينما بلغ عام 2018، 658 مليون دولار. وهذه الزيادة دفعت إلى تحديد مواعيد للشركتين لطرح مجموعة من الأسئلة من قبل النواب واللجنة، بحضور وزير الاتصالات محمد شقير.
واضح تماماً أن جلسة الأربعاء للجنة بينت مكامن الهدر والفساد في هذا القطاع، على الرغم من بعض الإيجابيات التي لا بد من تسجيلها، حسب تعبير رئيس اللجنة النائب الدكتور حسين الحاج حسن لـ"المدن"، في هذا المجال.
بينت جلسة الأسبوع الماضي وجلسة الأربعاء أن هناك مشكلة كبيرة في المناقصات التي تشمل التجهيزات والبرامج والمعدات والصيانة والسيارات والمحروقات والايجارات، وكذلك رعاية الإحتفالات والإعلانات التي لا لزوم لها، إضافة إلى أن مداخيل الشركات من بعض العقود التي تجري في ما يُسمى بالخدمات الإضافية.
سجلت اللجنة ورئيسها لوزير الاتصالات محمد شقير ومجلس الوزراء وقف الـ 5 آلاف خط التي كانت موضوعة بتصرف بعض موظفي الدولة، وهي خطوط مفتوحة. كما نوهت بخطوات الوزير في خفض رعاية الإحتفالات إلى النصف، مع المطالبة بخفضها إلى الصفر.
تصف النائب بولا يعقوبيان لـ"المدن" هذا الملف بأنه كتلة من الفضائح في أماكن عدة لا تعد ولا تُحصى.
يقول رئيس اللجنة النائب حسين الحاج حسن لـ"المدن": "نعم هناك خلل وهدر في المال العام يجب وقفه ومعالجته. والسبب الرئيسي لذلك هو السياسة".
الهيئة الناظمة وتلزيمات بلا مناقصة
يؤكد عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب بلال عبدالله لـ"المدن": "وجود هدر بمئات ملايين الدولارات في هذا القطاع بسبب سوء الإدارة والزبائنية والمحاصصة وغياب الرقابة". ويضيف:" هناك هدر في كيفية التشغيل وصرف الأموال والإستئجار والصيانة والرعاية والتبرعات وغيرها. وبالتالي، فإن كل ذلك ربما يطرح إعادة النظر في عقد التشغيل والعودة إلى السؤال الأساسي وهو أين الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات ؟ وأين أصبحت شركة "ليبان تلكوم" الوطنية؟".
ولأن طبيعة الجلسة كانت أشبه بإستجواب شركة "تاتش" ورئيسها أمري فوركان، فإن أحد النواب توجه إليه بسؤال عن تلزيم كاميرات المراقبة للمحطات بقيمة 650 مليون دولار من دون مناقصة، بينما كان هو يتحدث عن الشفافية في العمل. وقد أجاب فوركان بلا تردد بأن أمراً سياسياً طلب منه تلزيم جهة أو شركة محددة.
وهذه الواقعة دفعت بهذا النائب إلى التحضير لاستجواب سيرفعه للحكومة حول هذا الأمر.
في الخلاصة: تلزيمات وصفقات، كما في كل مفاصل الدولة، في قطاع الاتصالات. ولكن هل يعلم المواطن أن كل ما يجري الحديث عنه ينفق من خزينة الدولة، لأن شركتي الخلوي تعودان للدولة وليست شركات خاصة، كما يمكن أن يفكر البعض أو يتصور؟