تجهَد الشركات الصينية لإثبات وجودها في السوق اللبنانية. حوالى 100 صيني حضروا إلى لبنان كممثلين عن أكثر من 30 شركة ومؤسسة حكومية شاركوا في منتدى الاستثمار الصيني ــــ اللبناني بهدف توسيع نسبة التبادلات التجارية مع الشرق الأوسط، انطلاقاً من لبنان
قبلَ أن يبدأ بكلمته في منتدى الاستثمار الصيني ــــ اللبناني، الذي افتتح يوم السبت الفائت، وقفَ السفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان ليقول إنه لاحظ بأن معظم الحضور في قاعة مبنى عدنان القصار للاقتصاد العربي لم يستخدِم جهاز الترجمة من الصينية الى العربية، في إشارة إلى عدم اكتراثهم بمعرفة ما قالته رئيسة المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية غاو يان. قد يكون كيجيان قد فسّر هذا التصرف على أنه استخفاف، قابله بإلقاء كلمته باللغة العربية، علماً بأن نصف الموجودين هم من الصينيين. هذا الأمر إن دلّ على شيء، فقد دلّ على جدية الجانب الصيني في التعاطي مع لبنان، لتحقيق ما يريده اقتصادياً في المنطقة. أما الجانب اللبناني، فيظهر أن تلقفه لهجمة العملاق الآسيوي إلى بلاده ليسَ بالمستوى المطلوب. ربما في هذا القول الكثير من المبالغة، لكن فيه الكثير من الصحة أيضاً، عكسها وزير الصناعة وائل أبو فاعور بعدَ التوقيع على مذكرة تفاهم بين المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية ووزارة الصناعة لتعزيز الاستثمارات الصينية في المناطق الصناعية اللبنانية، بقوله إنه «وقّع على مذكرة لم يطّلع عليها»، بحجة الثقة بالمسار الذي سلكته!
لا شكّ بأن الصين تسعى إلى أن يكون لها حضور أعمق وأقوى في لبنان. حضور يتجاوز استيراد لبنان الضخم منها، والذي بلغَ عام 2018 نحو 2 مليار و22 مليون دولار أميركي. الحلم الصيني اقتصادي لا لبس فيه، يهدف الى تعزيز مداخل الصين الى الأسواق العربية والتصدير نحو وجهات جديدة، نظراً الى أهمية موقعه في خريطة «حزام واحد، طريق واحد». وهو الموقع الذي يسمح له بأن يكون نقطة انطلاق نحو الشرق الأوسط في قطاعات عدة، كما قالت يان. الأخيرة اختارت لبنان كأول بلد في برنامج زيارتها الرسمية للبلدان العربية، واقترحت «زيادة حجم الاستثمارات المشتركة الصينية ــــ اللبنانية وتعزيز التعاون في البنى التحتية والتعاون في المجال السياحي والإفادة من مبادرة الحزام والطريق في هذا المجال»، قبلَ أن تعلن عن «إنشاء مكتب فرعي للمجلس في لبنان». يطرح ذلك السؤال عن حجم الاستثمار الذي تريده الصين في لبنان، ومدى تجاوب لبنان مع «شهية» الشركات الصينية؟
كان لافتاً في المنتدى، حضور أكثر من 100 ضيف صيني ما بين رجال أعمال ومديرين ورؤساء شركات ومستشارين ومستثمرين، حضروا الى لبنان كممثلين عن أكثر من 30 شركة صينية وجهات حكومية، مؤكدين أن «شركاتهم أجرت دراسات كبيرة، خلصت الى أن مناطق كثيرة في لبنان تمتد على طول الحدود البرية والبحرية، هي بمثابة مراكز استراتيجية للاستثمار». وقد لفت عدد منهم إلى أنهم بدأوا بالفعل بإجراء لقاءات مع رجال أعمال لبنانيين واقتصاديين لبلورة رؤية حول مشاريع في قطاعات عدة تطاول كل لبنان، من البنى التحتية والأنفاق، إلى المرفأ والمطار، كما منطقة اقتصادية في البقاع، ومشاريع تتعلق بالكهرباء والنفايات ومشروع للقطار من بيروت إلى الشمال.
ومن بين الحاضرين، رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية الصينية للهندسة هجين داي الذي لفت إلى أن «سبب حضوره هو أن لبنان دولة رئيسية في استكشاف السوق في الشرق الأوسط»، شارحاً بأن «الشركة هي إحدى أقوى الشركات الصينية التي تنتشر أعمالها في 140 دولة ومنطقة وتعمل في قطاع السدود ومشاريع الري»، وقد «مرّت بالفحص المقدم لسد بسري». تولي الشركة بحسب داي «اهتماماً بالغاً بالسوق اللبنانية»، وهي ستعمل «للاندماج في البنى الاقتصادية والاجتماعية، لإبراز مزاياها في الاستثمار في مجال الطاقة والمياه». ويرى أن «التعاون بين البنوك الصينية واللبنانية عامل أساسي في نجاح هذه المشاريع، ويعزز من إمكانية التبادلات المالية بين لبنان والصين».
بدورها، تقول «جاسمين بان» وهي المديرة التنفيذية لشركة «falconnect investment» التي تعمل في مجال التجارة عبر الإنترنت وتقديم الاستشارات للشركات الراغبة بالدخول الى السوق الصينية، إن «لبنان أرض خصبة للاستثمار»، ولا سيما أن «لدى الشركات الصينية رغبة بزيادة التصدير من لبنان إلى الصين من خلال أبرز المواد اللبنانية المرغوبة لدينا». ونفت وجود أي خوف من الوضع الأمني أو الاقتصادي، «بل على العكس هناك سباق دولي باتجاه لبنان، يتقدمه اليوم الروس والصينيون».
المصدر: الأخبار