"أنقذوا موقع الباشورة الأثري" تحت هذا العنوان سينطلق مسير "أثري" لتعريف اهالي بيروت بتاريخ بعض المواقع الأثرية المتبقية في مدينتهم. في 24 من الشهر الجاري حدد الموعد، اما التجمع ففي الموقع الأثري الذي كان امام جريدة "النهار"، وصولاً إلى منطقة الباشورة، وتحديداً العقار 740 حيث ما بقي من السور الروماني الذي هو موضع دعوى أمام مجلس شورى الدولة، بعد ان سمح وزير الثقافة السابق للشركة المستثمرة "عالية" بفكّه رغم معارضة المديرية العامة للآثار، في مخالفة للمادة 17 من المرسوم 3058 .
ففي شهر ايلول من السنة الماضية ضجّت مدينة بيروت بقضية نقل السور الروماني القديم في مدينة الباشورة الذي يعدّ أحد أهمّ المعالم الأثرية في المدينة لصالح مشروع عقاري ضخم "مول"، في خطوة اعتبرت تدميرا ممنهجا للمعالم الأثرية التي يجب تحصينها عوضاً عن العمل للقضاء عليها. مع العلم ان الباشورة تنقسم الى جزئين، السور الروماني الضخم والمدافن القديمة. وبحسب المعلومات التي تداولتها مواقع الكترونية حينها فان "وزير الثقافة السابق غطاس خوري اتخذ القرار بتقسيم المشروع الى قسمين الاول هو الدمج والثاني اعادة الدمج"، شارحةً أن "جزء من المدافن القديمة سيبقى مكانه على أن يشيّد المشروع تحته أو فوقه والقسم الآخر من سيشهد إعادة دمج، أي أنها ستنقل من مكانها على أن تعاد إليه بعد تشييد المشروع". أما في القسم المتعلّق بالسور الروماني، فالمعلومات تشير الى أن "إعادة الدمج ستحصل عبر تفكيكه من مكانه على أن يعاد تركيبه بعد تشييد المشروع". وزير الثقافة إتخذ هذا القرار بمرسومين يحملان رقم 3056 و3057 لتسهيل المشروع الذي تنفذه شركة "عليا" العقارية. وعند رفض قراره واعتبارها منطقة أثرية على الدولة حينها أن تستملك تلك العقارات مع ما ستكلفه هذه الخطوة من ملايين الدولارات.
صدر قرار إعدادي قبل ثلاثة اشهر عن "شورى الدولة" بوقف الأعمال في العقار إلى حين ورود جواب وزارة الثقافة وتسليم الملف الإداري للحفرية. ولأن ذلك لم يحصل إلى اليوم، سيكون المسير موعداً لإطلاق تحرّك جديد من أجل هوية بيروت التي تفقد بسبب الابنية الجديدة لاسيما المراكز التجارية. التحرك اعتبره ناشطون نواة تؤسس لحملة وطنية هدفها حماية هوية العاصمة الأثرية والتراثية.
سبق ان اندثرت اثار كثيرة في بيروت، فالسور الروماني ليس تاريخ بيروت الوحيد الذي يواجه هذا المصير، ولم يبقَ اليوم إلا سبعة مواقع أثرية غير محمية وهي في طريقها الى ملاقاة ذات المصير اذا استمرت العقلية السياسية ذاتها التي يحكمها الجهل، فهل ستنقذ خطوة المسير وما سيتبعها من خطوات الموقع الاثري من ايدي العابثين؟