جريمة بحق الانسانية، ضحاياها اموات على قيد الحياة، اشخاص منسيون في مستشفى للامراض العقلية والنفسية "الفنار"، محرومون من ادنى مقومات الحياة، بين القاذورات يقضون ايامهم، لا تدفئة ولا طعام، لا ادوية ولا علاج. وجعهم كان مختبئ بين اربعة جدران الى ان كتب لمعاناتهم ان تخرج الى العلن بعدما قصدت مواطنة مع صديقتها المستشفى للتبرع باغطيه لهم، لتصدم وتوثق ما شاهدته بصور نشرتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليتفاعل الرأي العام مع قضيتهم.
" من البعيد وعلى رأس جبل في الزهراني، تراءى لي مبنى المستشفى بلونه الارميدي، وهندسته الجميلة، محيطا بغابة من الاشجار ... وحين وصلنا وجدنا رجلا سألناه عن المدير المسؤول قال : " ان زوجة السيد اللبان الذي بنى المستشفى استلمت بعد موته ادارتها ,وهي تعاني من الزهايمر الان، وتسكن الفيلا الصغيرة تلك، وابنتها ايضا مريضة، الان لا احدا مسؤول ... واضاف حين سألناه عن مصير المرضى... المؤسسة ليست ماشية، فهي تموت بمن فيها، من سنتين لم يسأل عنا احد، ووزارة الصحة تتهرب ولا تجيب، لم نقبض راتبنا انا وكم موظف هنا منذ اكثر من سنتين، لم يبق سوى قلة من الموظفين، ودكتور طفيلي وكنج للاعصاب، ودكتور غصن صحة عامة، وصافي العشّي " ... بحسب ما كتبته المواطنة التي زارت المستشفى.
" ثياب المرضى بالية، مصفوفة فوق بعضها بفوضى رهيبة على الادرج، ونفايات واوساخ نثرت في كل مكان، واثار او ما تبقى من الوان دهان على الحيطان والادراج والقاعات والكراسي والدرابزينات المزنجرة ... وحين دخلنا الى قاعة كبيرة حيث اسرة المرضى الممزقة والمتسخة ومن دون الشراشف، وقفت اللواتي تستطيع منهن الوقوف الى جانب بعضهن البعض، ترتجفن من الخوف ومن البردلانه ليس لديهم مازوت للتدفئة ولا كهرباء، لا اشتراك ولا بطاريات ... ركضت بعضهن تشكي وتبكي لنا معاناتها، احداهن اقسمت ان عقلها سليم وتريدنا مساعدتها على الخروج، وغيرها حدثتنا كيف تخلص منها والديها لان شكلها غير مرغوب به، واخرى رماها زوج امها، وشابة ارمنية لا تعلم لماذا اتوا بها الى هذا المركز وتوسلت الينا لانقاذها ... وغيرهن كثيرات وراء كل منهن قصة .... اما الحالات الخاصة جدا، يقبعن في اسرتهن من دون حراك" .
سنوات وعشرات الاشخاص يعيشون الموت في كل يوم، والمسؤولون في طغيانهم يعمهون، همهم جني المزيد من الثروات، من دون ايلاء اية اهمية للمواطنين، "وزارة الصحة تنحت عن واجباتها رغما انها تقبض على كل مريض مبلغا من ايطاليا، ووزارة الشؤون الاجتماعية في خبر كان" ... اين الرؤساء والنواب والوزراء؟ اين رجال الدين؟ اين المسؤولين عن المواطنين؟ مع العلم انهم من كل الاطياف والفئات.... منذ سنوات والمرضى يئنون من الجوع والبرد والالم من دون ان يسمع انينهم احد! فهل سيتم وضع حد لمأساتهم بعدما ظهرت الى العلن؟!