اليأس الذي يضرب اللبنانيين ظهر اليوم على صورة مرعبة بعدما انتشر خبر احراق جورج زريق نفسه في باحة مدرسة في الكورة احتجاجاً على رفض اعطاء طفلته افادة مدرسية لنقلهما الى مدرسة رسمية.
باحة مدرسة بكفتين كانت المسرح الذي شهد افظع المشاهد، فبعد ان انقطع امل جورج بحصوله على افادة مدرسية لصغيرته، وعجزه عن مواجهة ضغوطات واستفزاز مدير المدرسة له، مساوما اياه على المال المتوجب عليه مقابل الحصول على افادة، على الرغم من ان القانون اللبناني يلزم المدارس على اعطاء افادة لتلاميذها متى طلب منها ذلك. لم يجد جورج مفرّاً من اضرام النار في نفسه" وبحسب ما قاله شقيق الضحية شكري للاعلام" حاول جورج الوصول الى حل وسط يرضي الطرفين من خلال طرح فكرة تعهده بدفع المبلغ المتوجب عليه على دفعات لكن ذلك لم يرق لادارة المدرسة، فما كان من اخي الا ان اطلع المدير على خطوته التي ينوي اتخاذها اي احراق نفسه، من دون ان يرف جفن للمدير ليقدم بعدها جورج على تنفيذ ما هدد به".
انتفى الشعور بالانسانية عند الكثيرين، باتت المادة اهم عند البعض من معاناة الناس، وحذّر شكري من وجود أشخاص على مثال مدير المدرسة، "بسبب تصرفاتهم سيشهد المجتمع أحداثاً كتلك التي حصلت مع أخي خصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي في البلاد مؤكدا ً أنه سيرفع دعوى بحق المدير لمحاسبته على ما حصل.
بعد انتشار خبر موت جورج اصدرت إدارة ثانوية سيدة بكفتين الأرثوذكسية البيان التالي: "إن ادارة الثانوية تأسف للحادث الأليم الذي وقع أمس على مدخل الثانوية والذي أدى إلى وفاة المرحوم السيد جورج فريد زريق الذي نصلّي لأجل راحة نفسه وتعزية قلوب ذويه.
ويهمّ إدارة الثانوية أن تشرح الظروف التي رافقت الحدث الأليم وتُبيّن للرأي العام ولوسائل التواصل الاجتماعي حقيقة ما جرى، لأن ما يتم التواصل به والإعلان عنه لا يمّت للحقيقة بصلة إذ إنه تمّ التركيز على أن المرحوم ونتيجة مطالبة إدارة الثانوية له بدفع الأقساط المدرسية وعدم التزامه، هددت بطرد ابنته، الأمر الذي دفعه لإحراق نفسه. إنه لأمر معيب أن يتم التداول بهذا الأمر وبهذه الخفة، إذ أن إدارة الثانوية وتبعاً لأربعة نداءات خطية متتالية، منذ مطلع العام الدراسي الحالي، طلبت من أولياء الطلبة الحضور إلى المدرسة لتسوية أوضاعهم المالية والادارية الخاصة بأولادهم ولم يصدر عنها إطلاقاً اي تهديد بطرد أي تلميذ، كما أن إدارة الثانوية، وتوضيحاً لما حصل، سوف تكشف إدارة المدرسة أن المرحوم وبسبب أوضاعه الاقتصادية تعاطفت معه منذ تسجيل ولديه سنة 2014 - 2015 على إعفائه من دفع الأقساط المدرسية باستثناء رسوم النقليات والقرطاسية والنشاطات اللاصفية، وعليه فكل ما يتمّ التداول به هو غير صحيح ولا يمت إلى الحقيقة بصلة. كما تتمنى إدارة الثانوية على جميع وسائل الاعلام توخّي الدقة والصدق وعدم زجّ إسم ثانوية سيدة بكفتين الارثوذكسية قبل مراجعة إدارتها، تحت طائلة تحميلهم كافة المسؤوليات".
هي صورة تعكس مدى الفقر المستشري داخل جدران بيوت اللبنانيين، ومدى نفاذ صبر الناس من تردي الوضع الاقتصادي. انفجر غضب جورج الذي اكتفى الما وقهرا، فما كان منه الا ان اتخذ قراره بانهاء حياته علّها تصل صرخته التي لم يستطع احد سماعها... هو اليأس من كل شيء، من اقساط المدارس والباطلة وضيق الحال. فضل جورج الموت على الشعور بالتقصير تجاه عائلته المؤلفة من طفلين، فالنار بالنسبة له كانت اهون من عيشه على قيد الحياة.