قمة عربية اقتصادية في بلد على شفير الهاوية اقتصادياً، مفارقة تعيشها العاصمة بيروت التي تتحضر لاستقبال القمة في التاسع عشر والعشرين من الشهر الجاري، وسط اضطرابات فيما يتعلق بدعوات دولتين لحضور القمة هما سوريا وليبيا، ووسط غياب كبير لملوك ورؤوساء وامراء دول اخرى.
تجاذبات كبرى شهدها لبنان قبل ايام بسبب القمة، اولها تعلق بدعوة الرئيس السوري بشار الاسد، وثانيها رفض حضور الوفد الليبي من قبل نواب "حركة أمل" بسبب قضية غياب الإمام موسى الصدر وعدم تجاوب السلطات الليبية في التحقيقات، رفض ترجم على الارض بنزع الاعلام الليبية التي رفعت على الطرقات، الامر الذي دفع رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج الى الاعتذار عن القدوم إلى بيروت، مبدياً أسفه لـ"أفعال سلبية"، ادت الى ردود فعل سلبية تمثلت بهجوم عدد من الشبان الليبيين على السفارة اللبنانية في طرابلس، الامر الذي دفع بالسفير اللبناني محمد سكيني الى اتخاذ قرار باغلاقها لايام.
اليوم تتصدر القمة الاقتصادية واجهة اهتمام لبنان، الرئيس سعد الحريري اصدر قرارا بتعطيل الادارات العامة يوم الجمعة، كما اغلقت الطرق في وسط بيروت، مع انتشار امني كثيف، كل هذا من اجل اجتماع اعتذر عن حضوره عدد كبير من الملوك والرؤوساء والأمراء منهم رئيس تونس الباجي قائد السبسي وامير الكويت صباح الجابر الصباح، ليؤكد الحضور حتى الساعة الرئيسان الموريتاني والصومالي فقط.
المضحك المبكي ان القمة العربية الاقتصادية الرابعة ستعقد في لبنان الذي يعاني اقتصاده منذ زمن وسط تحذيرات من انهيار وضعه الاقتصادي فيما لو لم تتشكل حكومته عما قريب، وبدلا من ايلاء الاهتمام للمشاورات والتأليف انعدمت الاتصالات وتراخى العاملين على خط التأليف، ما يطرح السؤال اي افادة سيجنيها لبنان من هذه القمة بعد ان تم التطبيل لمؤتمر "سيدر" من دون ان يتمكن السياسيون من جعله امرا واقعا بغض النظر عن اغراق لبنان بمزيد من الديون الناتجة عنه.
بدأت الاجتماعات التحضيرية للقمة التي لا يتوقع منها ان تخرج بأي جديد يفيد الشعوب العربية، فكما جرت العادة لا تتعدى اجتماعات الرؤوساء والملوك العرب سوى كونها مسرحية فلكورية، ففي القمة الاقتصادية العربية الأولى التي أقيمت في الكويت عام 2009 وحملت عنوان "قمة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة"، اتفق الزعماء العرب على المساعدة في إعادة إعمار غزة وشدد البيان الختامي على مكافحة البطالة والأمية ورفع مستوى التعليم وتعزيز دور القطاع الخاص ورجال الأعمال من أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة، ووضع غزة اليوم ما هو الا دليل على فشل هذه القمة الذريع.
وفي القمة الاقتصادية العربية الثانية التي أُقيمت في شرم الشيخ - مصر عام 2011، جدد من خلالها الزعماء العرب التزامهم الكامل بالاستراتيجيات التنموية والفكر الاقتصادي المتطور الذي تم إقراره في قمة الكويت 2009، وأكدوا اصرارهم على تنمية المجتمعات العربية بشرياً وتكنولوجياً عن طريق الشراكات العربية. كما تمّ اعتماد الإستراتيجية العربية للحد من مخاطر الكوارث 2020، وخصوصاً الكوارث البيئية الناتجة عن التغيّر المناخي والتلوّث، ولا شيء من هذه القرارات تم تطبيقها، كذلك حال القمة الاقتصادية العربية الثالثة التي أُقيمت في الرياض - السعودية عام 2013، حيث تعهد الزعماء بحماية المستثمر والاستثمارات وعوائدها في الدول العربية وضرورة تمتع المستثمر العربي بحرية الاستثمار في إقليم أي دولة طرف في المجالات المتاحة وفقاً للأنظمة والقوانين، كذلك الامر لم يطبق اي من بنودها.
كل ما سيخرج عن القمة الاقتصادية الرابعة لا يتعدى ان يكون حبراً على ورق، لذلك هي مفلسة ليس فقط في بدايتها بالحضور الضعيف للرؤوساء بل بقرارتها التي لن تغير شيئاً من واقع الحال.