"لبنان في مواجهة العواصف الاقتصادية القادمة"... حلقة نقاش نظّمها "حزب الحوار الوطني"

"لبنان في مواجهة العواصف الاقتصادية القادمة"... حلقة نقاش نظّمها "حزب الحوار الوطني"
"لبنان في مواجهة العواصف الاقتصادية القادمة"... حلقة نقاش نظّمها "حزب الحوار الوطني"

لأن إزدهار الاقتصاد الوطني من أولى اهتماماته، نظم "حزب الحوار الوطني" برعاية النائب فؤاد مخزومي، بعد ظهر أمس حلقة نقاش تحت عنوان "لبنان في مواجهة العواصف الاقتصادية القادمة" وذلك بمشاركة وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال رائد خوري والوزير السابق في حكومة الرئيس سليم الحص الدكتور ناصر السعيدي، في فندق البريستول.

بعد النشيد الوطني ونشيد "حزب الحوار" افتتح النائب مخزومي جلسة النقاش بكلمة اعتبر خلالها ان "العواصف الاقتصادية القادمة على البلد يمكن اعتبارها تحديات باستطاعتنا مواجهتها وعدم السماح لها بان تكون مكلفة وهدّامة، القرار بيدنا ولهذا السبب دعونا للحديث بصراحة، لا لكي نشكوا هماً بل لكي نضع يدنا على الجرح ونبحث عن علاج له".

نظرا لتراجع المداخيل الخارجية واستمرار مزاريب الهدر كما قال مخزومي "ارتفع الدين العام، ووصلت كلفة الفساد الى حوالي الـ10 مليار دولار سنوياً، هذا مبلغ يمكّننا من تامين حوالي 10 آلآف وظيفة لتحريك عجلة الاقتصاد، وكما نعلم ان حجم الدين العام حتى نهاية شهر ايلول الماضي 83 مليار دولار. نستورد بنحو 18 مليار ونصدر بنحو الـ4 مليارات، وصندوق النقد الدولي يتوقع ان تصل نسبة العجز المالي نسبة للناتج المحلي لهذه السنة الى 9,7 بالمئة، الضرائب على المواطن تزيد من دون دورة اقتصادية والدين يرتفع وحمولة الانفاق مستمرة".

ومن الحقائق التي لا يمكن تجاهلها كما لفت مخزومي ان "اكثر من 350 الف لبناني يعيشون على مدخول ادنى من دولارين ونصف يومياً واكثر من مليون لبناني يعيشون على اقل من 4 دولارات يومياً، وبحسب اليونيسف بلغت نسبة البطالة بين الشباب 37 بالمئة علماً ان حوالي 60 بالمئة من اللبنانيين هم دون سن الثلاثين".

المؤلم بحسب مخزومي "توقف قروض الاسكان وارتفاع هجرة الشباب ويأسهم من العيش في لبنان" هذا واقع كما قال مخزومي "مضطرون الى الاعتراف به كي نعلم كيفية التخلص منه" واضاف "واضح ان القطاع العام ليس مؤهلا لمواجهة تحديات مرحلة يزيدها تعقيدا حجم النزوح السوري ومتطلباته الانسانية والمادية".

"يجب على القطاع العام التعاون مع الناجحين في القطاع الخاص كي يستفيد من نجاحهم لخدمة البلد" قال مخزومي قبل ان يضيف "كل بلدان العالم التي تمر في ظروف صعبة تخفّض الضرائب وترتفع مستوى التعليم كي تكسب افكار ومهارات جديدة، واذا لم نطور شبابنا بناء على مناهج تنسجم مع العصر عندها نكون نسير في عكس التاريخ".
وتساءل "بعد 25 سنة من الاعمار هل استطعنا ان نوفر فرص عمل؟.. مؤتمر سيدر لحظ حاجتنا الى البنى التحية، ما يعني ان 25 سنة من الاعمار ولم ننشئ بنى تحتية، واذا كان من المفترض ان تخلق اموال سيدر فرص عمل للبنانيين، الا ان عمّال البنى والتمديدات معظمهم لا يحملون الجنسية اللبنانية".

على الرغم من كل الاجواء السلبية الا انه كما طمأن مخزومي "توجد اخبار جيدة، اليوم كما في مطلع التسعينات من القرن الماضي، هناك حلول تنضج لكن علينا ان نسأل ما هو دورنا في تحديد طبيعة حصتنا او تحديد دور لبنان من الذي يتم التحضير له، ففي تسعينات القرن الماضي اختصروا لبنان بمركز خدمات مالية وسياحية وعلى هذا الاساس حصلت الاستدانة بمبالغ مرتفعة جدا واصبح العمران غير منتج وغير مفيد الا لمفهوم الخدمات المطروح، اليوم الرؤية مختلفة نحتاج الى خطة انمائية شاملة وايجابية تؤهل لبنان الى كل انواع المنافسة، يعني على الاقل مجلس تخطيط او وزارة تخطيط، فالنتائج السابقة اوضحت مدة خطورة حصر المشاريع الحيوية لجهة واحدة خاضعة الى مزاج حاكم او وزير، كما أن مجلس الانماء والاعمار مشكلة وليس حلاً والمجالس الرقابية التي زاد عددها على الثمانين هيئة خاضعة لارادة وزير او رئيس حكومة بلا رقابة ولا محاسبة من قبل مجلس النواب وهذه مشكلة وليست حالاً".

خوري
بعد كلمة مخزومي تحدث الوزير خوري حيث قال "داب الثلج وظهرت المشكلة، فعندما انخفض المردود من اللبنانيين المقيمين في دول الخليج وافريقيا، بدأنا نشهد هذه الازمة الاقتصادية، في حين انه كان يجب معالجتها في الماضي وليس الآن، فما نشهده اليوم تراكمات اوصلتنا الى هذا الدين العام والنسبة المرتفعة للبطالة" كما تطرق الى العامل الخارجي الذي يؤثر بنسبة كبيرة على الدين العام في لبنان وهو "رفع نسبة الفوائد في اميركا"، عدا عن ان ازمتنا الكبيرة تتجلى "في عدم الانتاجية والتصدير والاستيراد، نحن نصدر ما قيمته مليارين ونصف المليار دولار ونستورد بقيمة 20 مليار دولار ما يعني ان العجز حوالي 18 مليار دولار، الامر الذي يؤدي الى التضخم، اضافة الى التاثير السلبي لاقرار سلسلة الرتب والرواتب التي اقرت تحت الضغط الشعبي حيث كانت قيمتها المتوقعه 1200 مليار بحسب وزارة المال لكن المبلغ ظهر مضاعفاً".

ولفت خوري الى ان "الموازنة ليست عملية حسابية بل جزء من رؤية اقتصادية، فهي للحد من الصرف، باختصار لدينا مشكلة التخطيط، نحن بلد لا يخطط، يعيش يومياته، نفسنا قصير، سبق ان اقترحنا على مجلس الوزراء بعد الاستعانة بشركة اجنبية خطة اقتصادية منتجة لمعرفة مكامن قوتنا من اجل التركيز عليها، ولكي يكون لدينا خارطة طريق واضحة لبلد منتج، فقطاعنا العام اليوم يشكل 40 بالمئة من اقتصادنا، اي انه يأكل من القطاع الخاص اساس اقتصاد لبنان منذ 100 سنة، يتم رفع الضرائب واستدانة الاموال من الخارج لتمويل القطاع العام الامر الذي ادى الى هذه المشكلة الكبيرة".

خوري وبعد ان امل بـ "اعادة البنى التحتية عما قريب ولو من خلال الاستدانة على فوائد منخفضة" اكد ان "ذلك لا يكفي، اذ يجب خلق قطاعات منتجة، فنحن كلبنانيين لدينا الكثير من السمات التفضيلية في صناعات مهمة من التكنولوجيا الى غيرها حددناها في الدراسة التي وضعناها، كي نعرف بداية ما هي اولوياتنا لنركز عليها ولتسير كل الوزرات القادمة على خارطة طريق واحدة". 

وان كان خوري مع جلب الـ 11 مليار دولار والخطة الاقتصادية على المدى الطويل الا انه شدد على ضرورة اخذ اجراءات سريعة على المدى القصير وهي "اولا رفع الرسوم الجمركية على معظم البضائع للتخفيف من كمية العملة الصعبة التي تذهب خارج لبنان ولحماية الصناعات اللبنانية، كما يجب الانتهاء من ملف الكهرباء لتوفير ملياري دولار عجز، واعادة النظر في النظام التقاعدي للقطاع العام".

الوزير السعيدي
اما الوزير السعيدي فتحدث عن الواقع الاقتصادي والمالي حيث قال "نسبة النمو منخفضة نحو واحد بالمئة هذه السنة، نسبة البطالة نحو 15 بالمئة، التضخم نحو 7 بالمئة، حجم الدين العام نحو 157 بالمئة من الناتج القومي، العجز المرتقب لسنة 2018 نحو 10 بالمئة ما يعني ان حجم الدين بالنسبة للاقتصاد المحلي سوف يرتفع بين 8 الى 9 بالمئة، اما خدمة الدين واجور الدولة فتستوعب اكثر من 91 بالمئة من موراد الدولة، واذا ضفنا اليها دعم الكهرباء 11 بالمئة يعني اننا نستدين كي تتمكن الدولة من القيام باعمالها من دون اي استثمار مباشر اضافي"، وفيما يتعلق بالوضع الخارجي اشار السعيدي الى ان "ميزان المدفوعات الجاري سلبي هذه السنة نحو 25 بالمئة".

"الصورة خطيرة فيما يخص الوضع الاقتصادي الكلي" بنظر السعيدي، و "الامر يتطلب نوعين من السياسيات، سياسة تواجه حجم الدين ككل، ومجموعة سياسات لمواجهة العجز السنوي" واضاف "يتم التداول بثلاثة امور على انها حلول: اولا النفط والغاز، لكن اية موارد من النفط والغاز لن تحصل قبل عشر سنوات ما يعني ان هذا ليس حلاً، اما الحل الثاني عن مشاركة لبنان باعادة اعمار سوريا فهو الاخر لن يحصل في المدى القريب بل هو مشروع طويل الامد، ثالثا حل قوننة الحشيشة والقول انها ستدر مواردا ضخمة للدولة لكن في الحقيقة تدخل الدولة قد يخفف من هذا المورد".

وذكر السعيدي مجموعة اصلاحات يحتاجها لبنان حيث قال "هناك اجماع من قبل الاقتصاديين والمنظمات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي على ان لبنان بحاجة الى خطة للاقتصاد الكلي وخطة اصلاح مالي" شارحا "اي حكومة قادمة ستواجه الخيارات التالية: رفع الدعم عن الكهرباء، رفع سعر صفيحة البنزين، كما يفترض مواكبة ذلك مع وضع شبكة امان اجتماعية لتجنب زيادة الفقر، اجراء تخفيض حجم القطاع العام ككل، ففي السنة الماضية تم اقرار سلسلة الرتب والرواتب وذكرت الحكومة ارقاما بنحو 800 مليار دولار ككلفة لكن ما ظهر ان الكلفة الحالية 1800 مليار دولار الامر الذي اضاف عبئاً ضخما على الدولة، لذلك علينا تخفيض حجم الدولة الامر الذي يتطلب تخفيض اي توظيف فيها" كما ستضطر الحكومة في السنوات المقبلة الى "رفع الضرائب على القيمة المضافة، كما ان من الاجراءات التي يمكن ان تساعد تحسين بيئة العمل، الخصخصة، مشاركة القطاع الخاص بمشاريع البنى التحتية واخيرا دخول لبنان في الاقتصاد الرقمي، وهذا يتطلب مجموعة استثمارات وهو يسمح لقطاع الخدمات بما فيه القطاع المصرفي بزيادة نسبة النمو".

وختم "رسالتي واضحة، الوقت يداهمنا، التأخير في تأليف الحكومة يصعّب الوضع ويجعل من الاجراءات والاصلاحات المطلوبة اصعب وكلفتها اكبر".

غبريل
رئيس قسم البحث والتحليل الاقتصادي في "بنك بيبلوس" الدكتور نسيب غبريل اعتبر ان الحل الاول لمعالجة المشكلة الاقتصادية" محاربة التهرب الضريبي" شارحاً "30 بالمئة من الاقتصاد اللبناني هو اقتصاد موازي، اشخاص ينشئون معاملاً، مصانعاً ومصالحا من دون دفع الضريبة والتسجيل في وزارة المالية ولا تسجيل موظفيهم في الضمان الاجتماعي، كما ان مكافحة التهرب عبر الحدود يساعد على زياد المداخيل الجمركية" لافتاً إلى ضرورة تطبيق القوانين التي اقرت، منها قانون السير الذي يجب ان يطبق بشكل كلي وقانون حماية الملكية الفكرية، ومثلا 40 بالمئة من لوحات السيارات في لبنان رسمية معفية من رسوم الميكانيك، كل ذلك يؤدي لادخال نحو مليار دولار الى خزينة الدولة من دون ان نكون بحاجة الى فرض اية ضرائب جديدة".

اما فيما يتعلق بموضوع القطاعات الانتاجية والغير انتاجية أكد غبريل أنه "يجب دعم الزراعة والصناعة، مع العلم ان كل القطاع الخاص هو قطاعات انتاجية تخاطر وتستثمر، مع العلم ان تسليف المصارف لهذا القطاع تصل الى نحو 60 مليار دولار، أما القطاع العام فهو غير منتج و يجب اعادة هيكليته بشكل كلي بدء من اعادة اصلاح النظام التقاعدي الذي يكلف لبنان ما تكلفه الكهرباء".

اسكندر
اما كبير الاقتصاديين في لبنان الدكتور مروان اسكندر فاعتبر ان اهم نقطة لحل المشكلة الاقتصادية تكمن "باستعادة الثقة بلبنان" وشرح "اللبنانيون العاملون في الخارج كانوا يرسلون 9 مليارات دولار وخلال الازمة المالية العالمية سنة 2008 ارسلوا 20 مليار دولار، لذلك يجب ان تكون الدولة فعالة اذ كيف سيثق اللبنانيون بها بعد ان ارتفع الدين العام 30 مليار دولار منذ سنة 2008، واذا لم تخلق هذه الثقة كل ما يحكى هامشي". 

جمالي
في حين تطرقت النائب ديما جمالي الى حالة الاحباط التي يعاني منها الشباب في لبنان، قائلة "نحن ننتظر تشكيل الحكومة على احر من الجمر للقيام بالاصلاحات المطلوبة وتنفيذ سيدر الذي هو لمستقبل البلد والشباب الذين يريدون البقاء في لبنان من دون ان يعطوا الفرصة لذلك" واضافت "الحكومة المقبلة لديها استحقاقات حقيقة اما ان نستطيع السير في مشروع سيدر ونستعيد الثقة بالدولة واما فالامر سيكون محزناً للجميع".

ابو دياب
كما جرت عدت مداخلات لاعطاء الرأي والاستفسار منها مداخلة الصحافي والاستاذ الجامعي غسان ابو دياب الذي قال "في الف باء الاقتصاد نعلم ان تثبيت سعر صرف العملة هو سياسة ظرفية، وهذه السياسة الظرفية اصبح عمرها 25 سنة في لبنان فماذا بعد؟ وما الافق بعد 10 سنوات؟ الاقتصاد الريعي دمّر اقتصادنا الانتاجي واتت اوضاعنا الامنية على ما تبقى من خدمات وسياحة، ماذا بعد؟ الحل ليس برفع الرسوم الجمركية بل بالافراج عن الـ200 مليار دولار من مصرف لبنان".

وفي ختام المؤتمر أكد مخزومي على الاستمرار في عقد جلسات نقاش تتناول كافة الملفات مؤكدا انه "علينا أن نخرج بحلول، بيروت برهنت أنها مستعدة من أجل التغيير، وفي السنة القادمة سأعاود فتح مصنع الانابيب في عكّار الذي يخلق الف فرصة عمل، لأني لن أقبل أن أكون خارج بلدي بعد اليوم".

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى