كما كان متوقعاً، حمّل المواطن اللبناني فاتورة كباش الدولة مع أصحاب المولدات، فمن دون أن يعلم السبب حمّل تكلفة ما أعلنه وزير الإقتصاد رائد خوري، "قيمة التأمين" لضمان حق أصحاب المولدات، وهو 100 ألف ليرة للخمسة أمبير الاولى ومن ثم يضاف 75 ألف ليرة كل خمسة أمبير إضافية. فبدلاً من أن تعمل الدولة على تأمين حق المواطنين بالكهرباء 24/24، دخلت لتنيظم "قطاع" المولدات، وخلافاً لهدفها المعلن بتخفيض قيمة ما يدفعه المستهلك، ها هي منذ خطوتها الاولى تزيد على كاهله مبلغاً من دون وجه حق.
لكن على ماذا سيؤمن المشتركون؟ وعن أي حق يتحدثون؟ الوزارة تبرر الأمر بأن أغلبية أصحاب المولدات يضعون فاتورة مسبقة في أول الشهر بناءً على التعرفة المحددة من الوزارة عن الشهر الذي سبق، لكن بعد تركيب العدادات بات التأمين حق، خوفاً من الذين يلغون إشتراكهم وبالتالي عدم دفعهم فاتورة الشهر، الا أن ما يحصل فعلياً هو منح أصحاب المولدات تعويضات مالية مسبقة، فهل هكذا تكون حماية المستهلكين؟
وعلى عكس ما أعلنه خوري من أنه "لا مزيد من المفاوضات مع أصحاب المولدات"، لا تزال المفاوضات سارية وهي تطال السعر والتكاليف، لا بل مع وعود بإلغاء محاضر الضبط بحق بعض المخالفين، في وقت بدأ اصحاب المولدات فرض المبلغ على المشتركين، حيث أغلبيتهم يقتطعون من قوت يومهم لإنارة منازلهم.
صباحاً ترأس خوري إجتماعا لمراقبي مديرية حماية المستهلك في الوزارة في حضور المديرة العامة للإقتصاد "عليا عباس| ومدير حماية المستهلك "طارق يونس"، كرر خلاله تأكيده أن "قيمة التأمين هو 100 ألف ليرة للخمسة أمبير الاولى ومن ثم يضاف 75 ألف ليرة كل خمسة أمبير إضافية"، وشرح "منذ أسبوع حتى اليوم حصل تقدم كبير ملحوظ في موضوع تركيب العدادات، وفي كل المناطق اللبنانية التي أصبحت مغطاة من مراقبي مديرية حماية المستهلك بالنسبة لمحاضر الضبط، وسنتابع بهذه الطريقة، وهناك مواكبة من البلديات سترونها عمليا، وهناك بعض البلديات لا تقوم بواجباتها كما يجب وذلك إما لديها تآمر مع بعض أصحاب المولدات وإما لديها منفعة بطريقة ما، ويتعاملون مع مراقبي الوزارة بطريقة غير منطقية وغير لائقة وإذا إستمروا بهذه الطريقة سنضطر الى فضحهم في الإعلام".
لافتاً إلى أنه "عند تركيب العدادات في كل لبنان هناك توفير ما يقارب 500 مليون دولار اميركي وهي دراسة مؤكدة، 160 في المئة، وهذا التوفير هو على جيبة المواطن سنويا ولمدة سنتين كحد أدنى هناك توفير مليار دولار أميركي، لذلك لا يتوهم الناس أمام تهويل أصحاب المولدات ويجب أن يعرف المواطن أن تركيب العداد هو في مصلحته، وسيشعر بذلك عند أول فاتورة سيدفعها. وهنا أشجع كل الناس على تركيب العدادات لأن ذلك يصب في مصلحتهم والبعض القليل الذي لا يريد له الحق يجب أن يكون خطياً لضمان حقه. وأنا على ثقة مع الوقت سيعود هؤلاء الى تركيب عدادات عندما يعلم الفرق الناتج عن عملية تركيب هذا العداد".
وتابع: "إننا نتلقى بعض الشكاوى من المواطنين بأن أصحاب المولدات يهولون عليهم بموضوع التأمين. إن القرار الذي أتخذ بالأمس بشأن أموال التأمين هي أموال للمواطن تحفظ الحق من خلال مستند قانوني، فاتورة يحصل عليها المواطن ويسترد حقه عندما يريد، وبالتالي يحفظ حق المولد في حال تخلف المشترك عن تسديد المتوجب عليه، علما أنه حاليا أصحاب المولدات يتقاضون مسبقا ثمن الفاتورة الشهرية التي أبدلت بالتأمين الذي يسترده المستهلك ساعة يشاء، لذلك فإن العدادات لمصلحة المواطن ولو لم يكن ذلك صحيحا لما تحرك أصحاب المولدات".
وفي وقت سابق أشار خوري في إلى أنه "يجب أن تكون جميع العدادات التي يتم إستيرادها لتركيبها لدى المشتركين مطابقة للمواصفات المعتمدة لدى مؤسسة كهرباء لبنان وحائزة على شهادة مطابقة صادرة عن معهد البحوث الصناعية" وأنه "في حال تكفل المشترك بشراء العداد المطابق للشروط المحددة في المادة السابقة يتوجب على صاحب المولد حسم ثمنه على دفعات متساوية من فاتورة الإشتراك الشهري وذلك خلال مدة لا تتجاوز السنة على ألا يتعدى ثمن العداد 35000 ليرة لبنانية، مشدداً على أنه لا يتحمل صاحب المولد أي مسؤولية في حال لم يتمكن أحد المشتركين من تأمين مكان مخصص لتركيب العداد في الأقسام المشتركة وفقا للمواصفات المنصوص عليها في المادة الرابعة من القرار مما منع صاحب المولد من تركيب عداد لديه، إنما يبقى على عاتق صاحب المولد تركيب عدادات لدى باقي المشتركين الذين تمكنوا من تأمين مكان مناسب، كما يتحمل صاحب المولد كلفة العداد وتركيبه ولكن تقع على عاتق المشترك كلفة التمديدات العائدة له بعد ابراز كافة الفواتير اللازمة".
"تمخض الجبل فأنجب فأراً"، عبارة تنطبق على خطوة وزارة الإقتصاد ومن آزرها من الوزارات، ليبقى المواطن "كبش المحرقة" في صراع "الجبابرة".