جمال الديك
سرب رئيس الجمهورية ميشال عون بأنه أمهل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى تاريخ 1 أيلول لتشكيل الحكومة، وإلا فإن عون سيتحرك لإنقاذ عهده، خصوصا وأن أوساطه تتصور أن السعودية تحاصر عهده وتمنع تشكيل الحكومة، وتتصور تلك الأوساط أن السعودية تحرض الحريري على التراخي، وتحرض القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي على رفع سقف مطالبهما والتشبث به. وتزعم أوساط قصر بعبدا أيضاً أن الرئيس يريد تحرير الحريري من النفوذ السعودي!.
ما هي الخيارات المتاحة أمام رئيس الجمهورية؟
- إرسال كتاب شكوى وتذمر إلى مجلس النواب، وهذا الكتاب - على الأرجح - لن يجدي نفعاً.
- الدعوة إلى إستشارات نيابية جديدة، والأسماء المرشحة هي نهاد المشنوق وعبدالرحيم مراد وفيصل كرامي وربما نجيب ميقاتي، وهذه خطوة غير دستورية.
- إيفاد جبران باسيل في جولة غربية للتحريض على السعودية.
- إستدعاء القائم بالأعمال في السفارة السعودية "وليد البخاري" عبر وزير الخارجية جبران باسيل وإبلاغه إحتجاج العهد على تعطيل تشكيل الحكومة.
ما هو موقف حزب الله من خيارات عون؟
على الأرجح هو على علم بها ومؤيد، فالحزب يحرض أبواقه منذ فترة بشكل مبرمج وممنهج على مهاجمة السعودية، وقام أحد الصحفيين المحسوبين على الحزب ملوحا بميني 7 أيار، وما يعزز التنسيق بين بعبدا والضاحية إختيار تاريخ 1 أيلول، إذ يريد الحزب تشكيل الحكومة والدخول فيها بتمثيل عال قبل معركة إدلب، وقبل إستكمال العقوبات الإقتصادية على إيران، وقبل تطورات المحكمة الدولية التي ستطاله لا محالة بصورة أفدح من السابق.
المطلوب من الحكومة الجديدة بات واضحاً: التطبيع مع بشار الأسد، إسترهان لبنان في معركة إيران مع المجتمع الدولي، تمكين حزب الله من الدولة تماماً، وتمهيد الطريق للتيار العوني من أجل إستحواذ أكبر على السلطة في سبيل تصفية حسابات داخلية ومراعاة أهداف مستقبلية تتعلق بالرئاسة الأولى وإتفاق الطائف، وأن يظهر ذلك كله في سياق صراع مسيحي - سني ومسيحي - عربي بدلاً من أن يبدو صراعاً شيعياً سنياً أو إيرانياً عربياً. في ظل هذه الأهداف ليست هناك مشكلة عند قوى 8 آذار إزاء فرط التسوية، مهما كانت التداعيات.
في حال تحرك رئيس الجمهورية صراحة ضد السعودية، أو إنقلب على الدستور والتسوية، ليس مستبعداً أن تكرر المملكة النموذج الذي طبقته مع قطر ثم كندا، والعلاقات السعودية مع قطر من جهة ومع كندا من جهة أخرى، أهم وأعمق بالتأكيد من العلاقات السعودية اللبنانية.
إذا وضع لبنان نفسه في خانة معاداة السعودية، فقد وضع نفسه حكماً في خانة معاداة الإمارات والبحرين، وقبل كل هذه الدول وبعدها: الولايات المتحدة الأميركية، خصوصا وأن كل هذه الدول تعلم علم اليقين أن تعطيل تشكيل الحكومة سببه التيار العوني لبنانياً وإيران إقليمياً.
السيناريوهات المطروحة في هذه السياق واضحة وكارثية: مقاطعة لبنان سياسياً واقتصادياً، ما يستتبع ذلك من تأثير مباشر على الأوضاع المالية والمعيشية للمواطن اللبناني في الداخل والخارج، والأخطر من ذلك انفلات الشارع في لبنان.
هل تعي قوى 8 آذار خطورة خطواتها المقبلة أم أن هذه المخاوف هي هدفها الأساس ومخططها الأصل؟!