دهم معمل لتصنيع المرتديلا الفاسدة في البقاع... ضبط كمّيّات كبيرة من المواد الغذائيّة الفاسدة من معلّبات على أنواعها وعلب شوكوماكس وحلاوة وغيرها في محلّة الرحاب - بئر حسن، دهم مستودع للحوم في منطقة المنية - الضنية في محلة البداوي، حيث عثر على أكثر من طن ونصف الطن من اللحوم الفاسدة، بالاضافة الى 4 سيارات تحتوي لحوماً فاسدة... أخبار تداولتها وسائل الاعلام قبل ايام مرت مرور الكرام على مسامع اللبنانيين الذين اعتادوا على الفساد بدءاً من رأس الهرم في الدولة اي السياسيين وصولاً إلى ادق التفاصيل في حياتهم. والدليل عدم ايلائهم كل هذه الاخبار اي اهمية، اضافة الى التقرير الصادر عن "مركز البحوث العلمية والزراعية" في نيسان الماضي بعد اجراء فحوصات على مواد غذائية مستوردة ومحلية أظهرت تلوث عدد كبير منها، على رأسها الحليب ومشتقاته من الالبان والاجبان التي تحتوي على ملوثات من نوع كوليفورم، إيشيريشيا كولي، والمكورات الذهنية والفطرية، حيث تراوحت نسبة العينات غير المطابقة بين 56 و62%.
لم ينس اللبنانيون بعد حملة الفساد الغذائي التي اطلقها بزخم وزير الصحة السابق وائل ابو فاعور وواكبتها وسائل الاعلام بقوة، بمراقبة من المواطنين الذين صدموا في بدايتها كونهم المرة الاولى التي شعروا خلالها ان الدولة تهتم بصحتهم، لكن مع الوقت انحسرت الحملة بعد اغلاق ملحمة من هنا ومطعم من هناك، لتكتب نهايتها على أعتاب غطاء السياسيين والأحزاب. لنسمع بعد مرور وقت طويل عن عودة الفساد الغذائي للمأكولات التي نتناولها بشكل يومي، ما يعرض حياتنا لخطر الاصابة بامراض عدة... نحن يومياً نموت على البطيء على يد سياسيين همهم زيادة سرقاتهم وتوزيع الصفقات فيما بينهم، واليوم هم غارقون في التناحر على المقاعد الحكومية ونحن ننحر أمام أعينهم.
تجار الموت يسرحون ويمرحون، واطفالنا يأكلون السموم، لقمة عيشنا مغمسة بالامراض والميكروبات، والمسؤولون يتقاذفون المسؤوليات، "الطاسة" ضائعة بين 8 ادارات معنية، وكل ادارة ترمي المسؤولية على الأخرى الأمر الذي يعزز الفساد الغذائي، وما يزيد الطين بلّة وجود نحو 150 مفتشاً في وزارة الصحة و300 في وزارة الاقتصاد بمن فيهم الاداريون وغيرهم، وذلك لتغطية كامل الاراضي اللبنانية، مؤسساتنا مهترئة شعارها "لا للشفافية والاعلاء من قدر المحسوبية والرشوة".
كل شيء في لبنان بات ملوثاً، الهواء والماء والمأكولات، اخبار الفساد في كل المجالات لم تعد ذات اهمية تذكر لدى المواطنين، الذين يعلمون علم اليقين ان ما يتم اكتشافه من معامل ومطاعم للمأكولات الفاسدة ليست سوى واحد بالمئة من جنون الفساد الذي ينخر أدق تفاصيلنا اليومية، فالمزروعات تروى بمياه المجارير، الاسماك تسبح في بحر النفايات، اطنان الدجاج الفاسد التي تدخل من سوريا وغيرها، المسالخ لا تراعي ادني الشروط الصحية، لا بل المضحك المبكي اقفال مسلخ اللحوم التابع لاتحاد بلديات الفيحاء بالشمع الاحمر، لانه غير مستوفي الشروط الصحية والفنية، وذلك بناء لطلب وزير الصحة غسان حاصباني، ما يطرح السؤال أين تذبح الماشية ومن يراقبها هناك؟ وغيرها الكثير من الامور التي تجعلنا نقف على عتبة الموت من دون أن نعلم متى ننزلق ونلفظ آخر أنفاسنا بسندويش من المرتديلا او الشوكولا وربما الحلاوة أو بقطعة من اللحوم او الاجبان عالية السموم!..