"نحن عنصريون بلبنانيتنا، مشرقيون بانتمائنا، عالميون بانتشارنا، ومن يتحدث عن القانون الدولي وحقوق الإنسان فليذهب إلى أماكن أخرى حيث تنتهك حقوق الإنسان... على المجتمع الدولي الكف عن تشجيع السوريين على البقاء في لبنان وعدم عودتهم الى سوريا... لا يستطيع اعطاء دروس لنا بالانسانية... نحن نريد ان نحافظ على الهوية اللبنانية، ونحن احرار بهويتنا الوطنية... إن تكاليف النزوح السوري على لبنان كبيرة على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وهي بحجم وجود وطن أو زواله، والحل هو عودتهم الى بلادهم..." هذا الكلام لم يقله رجل فضاء بل رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل اضف اليه لاءاته الثلاث" لا توطين، لا اندماج، لا انخراط في سوق العمل"، ليتفاجأ اللبنانيون قبل أيام ان عداوة التيار البرتقالي للسوريين التي لم تتوقف في يوم من الايام انقلبت عند وجود المصالح والملايين الى الحديث عن مرسوم صدرعن عمّ باسيل رئيس جمهورية لبنان الذي حمل سيف محاربة التوطين، "باع" جنسيات لبنانية الى سوريين ميسوريين اضافة الى رجال اعمال من تابعيات عربية وأجنبية مختلفة يناهز عددهم الـ400.
في بلد يسلب فيه حق الأم اللبنانية بإعطاء جنسيتها لأبنائها متى كانت متزوجة من اجنبي، بذريعة أنّ قوانينه تمنح الأبناء جنسية الأب وليس الأم، وبعد سنوات طويلة من النضال ورفع الصوت للمطالبة بحق كرّسته الانسانية قبل الدستور، منحت الجنسية للغرباء وحرمت على ابناء اللبنانيات، فللأسف نحن في زمن أصبحت فيه الهوية الوطنية سلعة تشترى وتباع لمن يستطيعون دفع ثمنها، لا بل اكثر من ذلك اعلن باسيل في عيد الام عن تقدّمه إلى الحكومة بمشروع قانون يرمي إلى تعديل قانون الجنسية - القرار رقم 15 الصادر بتاريخ 19/1/ 1925 - إذ يعتبر لبنانيا كل شخص مولود من أب أو من أم لبنانية، ويجيز للمرأة اللبنانية المتزوجة من غير لبناني حق منح الجنسية اللبنانية لأولادها، باستثناء دول الجوار... عنصرية باسيل في منح الجنسية لابناء الام اللبنانية استثنت دول الجوار والمقصود منه بالتحديد السوريين والفلسطينيين ومع ذلك عندما ظهرت الدولارات بات السوريين اشقاؤنا بالدم!
على الرغم من كل البلبلة التي احدثها خبر المرسوم على مواقع التواصل الاجتماعي، لا إيضاحات رسمية من الجهات المعنية حتى الآن عن الظروف التي أملت توقيعه وتفاصيل الحالات التي أفادت من منحها الجنسية اللبنانية، سواء من دوائر القصر الجمهوري أو من رئاسة الحكومة أو وزارة الداخلية، اسئلة عدة تطرح عن ملابسات ما يدور خلف الكواليس منها ما طرحها النائب نديم الجميل حيث سأل: "لماذا هذا التكتم من المسؤولين في شأن هذا المرسوم؟ وما هي المعايير التي إعتمدت لتجنيس من شملهم هذا المرسوم؟ ولماذا لم تعرض الأسماء قبل الموافقة والتوقيع على المرسوم على الأجهزة الأمنية المختصة للتحقق من كل شخص؟ وهل بهذه الخفة نلعب بديمغرافيا البلد فيما المواطنون ما زالوا يتخوفون من إرتدادات المرسوم السوري رقم 10 ومن البند 49 الذي ورد عند إقرار الموازنة العامة في المجلس والذي أوقف المجلس الدستوري مفاعيله؟. ولماذا تهريب هذا المرسوم بهذه السرية المطبقة وعدم نشره بالجريدة الرسمية وعدم تمكين اللبنانيين الإطلاع على حيثياته؟".
هي صفقة مشبوهة أخرى يتم تمريرها من تحت الطاولة... ملف جديد من ملفات الفساد التي يبدع عرابيها في التكتم عليها! على الرغم من تبريرات بعض المدافعين الذين يدورون في فلك رئيس الجمهورية منهم وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال سليم جريصاتي الذي اعتبر في بيان أن" المرسوم الجمهوري يوجه بمنح جنسية لبنانية إلى مستحقين تمّ التدقيق في ملفاتهم في المديرية العامة للاحوال الشخصية في وزارة الداخلية والبلديات، وأن كل ما يثار بهذا الشأن ماهو إلا غبار من سراب في بعض المنابر السياسية والاعلامية، وأن هذا الإجراء يندرج كليا في دائرة اختصاص رئيس الجمهورية عملا بالمادة 3 المعدلة من قانون الجنسية اللبنانية الصادر بتاريخ 19 كانون الثاني 1925، ويتوافق مع شروطها توافقا كاملا"، فعن اي اختصاص يتكلم جريصاتي بعد أن باتت الجنسية تباع بالمزاد الخفي في عهد سمته الرئيسية الرياء؟ عهد يهاجم الضعفاء والفقراء ويفعل المستحيل للدولارات!