جنسيتي حق لي ولأسرتي

جنسيتي حق لي ولأسرتي
جنسيتي حق لي ولأسرتي

بهية سكافي

كل من ولد من رحم امراة لبنانية هو لبناني شاء من شاء وأبى من أبى. اولاد الام اللبنانية تغذّوا من رحم الارض اللبنانية استنشقوا هواءه لبنان الملوث، دماءهم دماء لبنانية منهم من مات في الحرب اللبنانية الاهلية، ومنهم من استشهد دفاعا عن الوطن. كما ان طلب الجنسية لا يخضع لمعايير المال والحسب والنسب والدين والمنطقة، هو حق كفله الدستور. 

في آذار الماضي اعلن وزير الخارجية جبران باسيل تقدمه للحكومة بمشروع قانون يجيز للمرأة اللبنانية المتزوجة من غير لبناني حق منحها الجنسية لأولادها باستثناء دول الجوار (سوريا وفلسطين)، لانه يرفض التوطين ويخشى على ديموغرافية البلد.

ومن منزل رولا جارودي في قريطم أعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق تأييده "إعطاء المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها"، واعداً "أن يكون هذا الموضوع بنداً أساسياً في مرحلة ما بعد الانتخابات". وقال: "إما الجنسية لأبناء كلّ الأمهات، أو لا جنسية".

بينما كان المرشحون للانتخابات النيابية يجولون على الشعب يطلقون الوعود ويفرشون البحر طحينة وظائف، كهرباء، نفط، طبابة، مياه، لا نفايات بعد 6 ايار، (لالا لاند) كانت الرئاسة الاولى والثانية ومعهما وزارة الداخلية يعملون على انجاز مرسوم جديد للتجنس بلغ عدد الاشخاص المجنسين فيه نحو الـ 400 مجنس . اسباب عدة كانت وراء تمرير صفقة التجنيس بتكتم شديد لعل ابرزها تجنب اي تاثير سلبي على العملية الانتخابية، خصوصا لناحية القواعد الشعبية للمرشحين. 

المشكلة تكمن في العقلية الحاكمة لدى بعض الأطراف التي لديها الحذر والخوف من الديموغرافية وهاجس "الإبتلاع"، ولطالما رفعت شماعة "التوطين" وإذا بها لم تعد تتحسّس من الجنسية السورية والفلسطينية أمام اغراء الأموال. لا يمكن للمرء فهم هذا القانون، إذ يعتبر لبنان من الدول العربية الليبرالية والمتقدمة نسبياً، لكن عندما يتعلق الأمر بالمساواة بين الجنسين، يصبح الطريق طويلاً لتحقيق ذلك. يعترض بعض المسؤولون اللبنانيون على منح المرأة الحق في منح جنسيتها لأطفالها وزوجها، حيث يقولون ان توسيع هذا الحق ليشمل المرأة قد يخل بالتوازن الديموغرافي في البلاد، في حين لم يستطع أي منهم تفسير كيف لا يخل الرجال بذلك لتوازن عندما يمنحون جنسيتهم لأطفالهم. 

هذا ولم يصدر عن قصر بعبدا أي تعليق في شأن مرسوم التجنيس الذي لم ينشر في الجريدة الرسمية، بحجة انه مرسوم اسمي عادي لا يحتاج الى نشر، ويمكن إيجاده لدى المديرية العامة للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية.

في السياق اسئلة كثيرة تطرح: متى تم توقيع المرسوم؟ هل قبل اعتبار الحكومة مستقيلة ام بعد ذلك؟ إذا كان قبل الاستقالة فهذا يعني اثناء الانتخابات، واذا كان في مرحلة تصريف الاعمال فهل النطاق الضيق لتصريف الاعمال يسمح بتوقيع مرسوم بهذه الجسامة؟ كيف لا ينشر المرسوم؟ اذا قرر نواب (لا سمح الله) او متضررون الطعن به امام مجلس شورى الدولة فعلى اي نص يستندون لاعداد الطعن؟وهل سيصلون الى نتيجة؟ لماذا لم يوضح احد من اي جهة رسمية حقيقة ما أحاط بهذا المرسوم من ظروف؟ 

وللتوضيح فإن المرسوم يمضي عليه ثلاثة اشخاص رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية، اما النواب فلا دخل لهم. طبعا يحق لهم الاعتراض وهذا بطبيعة الحال مستبعد لانه وفي فترة الاستيزار، حيث يلهث معظمهم نحو المناصب، عليهم حماية راسهم علّ وعسى ينجحون في ايصال "فرد او افراد" من "جماعتهم" الى كرسي الوزارة الحرزانة. 

المفاجأة كانت بالنسبة لكثيرين، تكمن في جنسيات الاسماء التي وردت في المرسوم اذ ان حارسي الوطن لطالما اعربوا عن تخوفهم على الديموغرافيا وأحجام الطوائف وقد وصلت الشعارات الى حد القول ان "السوري والفلسطيني رح ياكلوا البلد ويسيطروا عليا ويكبونا برا".المفارقة ان الاسماء التي وردت معظمها من دول الجوار (سوريا وفلسطين). 

منذ يومين منح الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الجنسية الفر نسية لمهاجر غير شرعي، لانه قدّم خدمة جليلة وتضحية كبيرة عبر انقاذ طفل من الموت. طبعا يحق لرئيس الجمهورية ميشال عون ان يمنح الجنسية اللبنانية لكل انسان قدم خدمات وتضحيات جليلة للوطن ولا جدال في ذلك، لكن اين تلك الاسماء التي وردت في المرسوم الحالي من هذه التضحيات؟ 

ثلاثية المال والسياسة والمحسوبيات لطالما رافقت الحياة السياسية في لبنان، والامثلة على ذلك كثيرة، هذه العلاقة تجلت اليوم في مرسوم التجنيس. بعض الاسماء التي وردت في المرسوم هم من رجال الاعمال والمال والبعض الآخر يحظى برضى ودعم بعض اصحاب السلطة ما يؤشر الى عملية عرض وطلب بيع وشراء للجنسية اللبنانية. لكن يبدو ان الفقراء من النازحين هم من يشكلون خطرا على الديموغرافيا أما الأثرياء النازحين فيستحقون الجنسية، وليس فقط الاقامة، وليذهب الخطر الديموغرافي الى الجحيم فداء لامتلاء جيوب مسؤولينا الذين لا يشبعون!

وهنا يسأل احد المعنيين لماذا لا تقوم الدولة اللبنانية بفتح مكاتب بحيث تحدد تسعيرة الجنسية ويتقدم عندها اللبناني من أب اجنبي بطلب يحصل خلاله على الجنسية؟ هل من المعقول ان مواطنا اجنبيا لمجرد امتلاكه للمال او علاقات مع اشخاص في السلطة ان يُمنح الجنسية اللبنانية بينما اللبناني من اب اجنبي ممنوع عليه ذلك وعليه ان يقف في الطابور كي يجدد اقامته؟ 

مرسوم التجنيس الجديد مسألة خطيرة يجب منعها، وأشدد على ضرورة ان يكشف المعنيين عدد المشمولين بالمرسوم. إذا كانت الدولة تعتقد أن هذا الأمر هو مفيد، عليها نشر الأسماء الذين سوف يحصلون على الجنسية مع تبرير سبب منحهم اياها والكشف لماذا تم إصدار المرسوم أول العهد وليس في نهايته سيما وان العهد والحكومة ومجلس النواب يدّعون أنهم بصدد مكافحة الفساد. الاولوية للنساء اللبنانيات يا معالي ويا سعادة ويا فخامة ويا سيادة القانون ...الأولوية للنساء اللبنانيات.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى