وأضاف التقرير: "أكثر ما يثير الاهتمام هو تراجع الرئيس ترمب مرة أخرى عن قراره بسحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا، وقد رسم البنتاغون والبيت الأبيض مهمة جديدة لهذه القوات، كما رسم مساحة الانتشار".
وتحدّث مسؤول في الإدارة الأميركية وقال إن "إعادة نشر القوات في البلاد،" ويقصد سوريا، "يعطينا وضعية نتابع من خلالها مهمتنا ويعطي الرئيس الأميركي خيارات، فيما يعود الفائض من القوات إلى أرض الوطن".
ويحمل هذا التصريح الكثير من المعاني، وأولها أن الرئيس الأميركي يفي بوعوده بسحب بعض القوات وإعادتها إلى الولايات المتحدة. هذه العودة مهمة للرئيس الأميركي أمام ناخبيه، لكن الأهم هو إبقاء بعض الجنود ولماذا يبقون؟ وما هي الخيارات التي يحتاجها الرئيس الأميركي؟
وقال المسؤول الأميركي "إن المهمة في سوريا اليوم كما كانت منذ بدء العمليات في العام 2014 وهي هزيمة داعش المستديمة".
وكرر مسؤولون آخرون هذا التصريح علناً من منابر مختلفة، وآخرها تصريحات مسؤولين في البنتاغون ووزارة الخارجية الأميركية، لكن تراجع الرئيس الأميركي عن السحب الكامل للقوات للمرة الثالثة يشير إلى مهمة غير معلنة لهذه القوات.
المسؤول الأميركي أكد بالمقابل أن "الولايات المتحدة تتابع شراكتها مع قوات سوريا الديمقراطية ضد داعش بالقضاء على بقايا التنظيم، وتأمين حقول النفط التي احتلها داعش من قبل، واستغلّ مواردها لتمويل نفسه"، لكنه لم يشر إلى دور هذه الشراكة في مواجهة النظام السوري ومنع تمدّد الإيرانيين إلى شمال شرقي سوريا.
وتقول مصادر"قوات سوريا الديمقراطية" إن منع دخول إيران وقواتها إلى هذه المنطقة هو جزء أساسي من مهمة القوات الأميركية، وإن "قوات سوريا الديمقراطية" ملتزمة أيضاً بهذه المهمة، وإن موارد النفط ستستغلّها قوات سوريا الديمقراطية لتمويل الحكم المحلّي، فيما ترفض هذه القوات عودة النظام إلى هذه المنطقة بالصيغة السياسية الحالية للنظام السوري.
وبحسب التقرير، يبدو هذا التصريح على أهمية خاصة لأن قوات سوريا الديمقراطية طلبت مساعدة الولايات المتحدة ضد الاجتياح التركي عندما بدأ، لكن إدارة ترامب أبلغتهم أن واشنطن أخذت قرارها، أي أنها تسمح للقوات التركية بالدخول إلى منطقة شمال شرقي سوريا، وردّت على "قوات سوريا الديمقراطية" والأكراد بالقول :"أخذنا قرارنا، خذوا قراركم!".
وتشير المعلومات من الإدارة الأميركية والمعارضة السورية ومصادر "قوات سوريا الديمقراطية" والأكراد إلى أن منطقة انتشار الأميركيين و"قوات سوريا الديمقراطية" ستكون، بحسب ما هو متعارف عليه، جنوب منطقة الثلاثين كيلومتر، لكنها بدون إطار زمني.
وهناك الكثير من الريبة في صفوف الأطراف المنخرطة في هذا الترتيب، فالرئيس الأميركي التزم البقاء أكثر من مرّة وتراجع في موقفه، ويعبّر الأكراد عن فقدان ثقة بينهم وبين الأميركيين، كما أن هناك حالة من انهيار الثقة بين الكونغرس والرئيس الأميركي بشأن سوريا.
ويعبّر عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ عن معارضتهم لسياسات الرئيس المتقلّبة، كما أن هناك تيارات مختلفة داخل وزارة الخارجية الأميركية. بعضها يريد الاعتماد على "قوات سوريا الديمقراطية" والأكراد وبعضهم الآخر يريد التعاون مع تركيا وحلفائها، فيما يبدي المدنيون والعسكريون في مبنى وزارة الدفاع وفي قيادة المنطقة المركزية تأييدهم للبقاء في سوريا، والتعاون مع "قوات سوريا الديمقراطية" للتأكد من تثبيت الانتصارات ومنع التمددين التركي والإيراني.