أعلن البنك المركزي التونسي أن احتياطي البلاد من النقد الأجنبي تراجع إلى 11.3 مليار دينار تونسي بما يعادل نحو 4.6 مليار دولار، وهو لا يغطي أكثر من 80 يوماً من قيمة واردات البلاد، بعد أن كان الاحتياطي يغطي 82 يوماً. وقال خبراء إن هذا التراجع ينذر بالعديد من المخاطر التي تنتظر تونس، حال استمرار تهاوي الاحتياطيات إلى أكثر من ذلك.
وأرجع "المركزي التونسي" هذا التراجع إلى حاجة البلاد لحشد موارد من النقد الأجنبي في بداية كل عام، لتوفير المخزونات اللازمة من الطاقة والمواد الأولية الغذائية والصناعية، إضافة إلى خدمة الديون الخارجية. وكانت الحكومة التونسية تخطط هذا العام لرفع أسعار الخبز للحد من تكلفة الدعم، لكنها تراجعت على أثر تحذيرات من غضب شعبي.
وقال تجار، إن ديوان الحبوب التونسي الحكومي اشترى نحو 67 ألف طن من قمح الطحين اللين و50 ألف طن من الشعير للتوريد من مناشئ خيارية في مناقصة عالمية.
وتعاني تونس من تفاقم العجز التجاري، الذي وصل بنهاية العام الماضي لمستوى قياسي عند 15.5 مليار دينار، بينما بدأت إيرادات السياحة مؤخراً في التعافي بعد الضربات المتلاحقة التي تعرضت لها الفترة الماضية بسبب الأعمال الإرهابية، وتتوقع الحكومة نمو إيرادات السياحة هذا العام بنحو 25 في المئة مقارنة بالعام السابق.
ووافق البرلمان التونسي، الشهر الماضي، على تعيين محافظ جديد للبنك المركزي، مروان العباسي، الذي تتطلع البلاد إلى أن يسهم في إعادة الاستقرار للعملة المحلية، ويكبح الضغوط التضخمية.
وتعهد العباسي في جلسة لنيل الثقة أمام البرلمان باتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة مؤشرات اقتصادية وصفها بأنها "مخيفة".
ويتوقع "المركزي التونسي" اتجاه الاحتياطات من العملة الأجنبية نحو الارتفاع قريباً بفضل الموارد المتوقعة بالعملة الصعبة من مبيعات زيت الزيتون والتمور، بالإضافة إلى التعافي المطرد لقطاع السياحة، وتحسن الاقتصاد الأوروبي الذي يمثل سوقاً رئيسية لصادرات البلاد.
وبينما تعكس البيانات الاقتصادية عن العام الحالي تحسناً نسبياً للنشاط التجاري التونسي، حيث ارتفعت الصادرات في كانون الثاني / يناير بنحو 39 في المئة، فإن اقتصاد البلاد يتأثر سلباً بارتفاع حجم تداول السيولة خارج القطاع المصرفي، من بينها مبالغ كبيرة من العملات الأجنبية، الذي وصل إلى مستوى قياسي بلغ 12.5 مليار دينار، وهو ما أثر بصفة مباشرة على مخزونات الدولة من النقد الأجنبي.
كما تأثرت إيرادات الدولة من النقد الأجنبي بالاحتجاجات التي عطلت إنتاج الفوسفات في منطقة حوض المنجمني جنوب البلاد للمطالبة بفرص عمل، وهو ما أعاق صادرات البلاد من هذا الخام.
ويقول خبراء إن نزول الاحتياطي تحت حدود 90 يوماً من الواردات ينذر بالخطر، وفي هذا الشأن، يوضح عز الدين سعيدان، الخبير الاقتصادي التونسي، أن تراجع احتياطي تونس من العملة الصعبة إلى مستوى 80 يوماً من الواردات يمثل مخاطر تنذر بعدم القدرة على سداد الديون الخارجية من جهة، ويقلل من فرص نجاح طرح السندات الدولية الذي تعتزم الحكومة إجراءه في آذار / مارس المقبل لاقتراض مليار دولار.
ودعا وفقاً لصحيفة "الاقتصادية"، إلى الإسراع في عملية الإصلاح الهيكلي لإنقاذ الاقتصاد والمالية العمومية، وإنعاش محركات الاقتصاد التونسي الأساسية ألا وهي التصدير والاستثمار، حتى يستعيد الاقتصاد التونسي توازنه المفقود، على حد تعبيره.