في قراءتها، انطلقت درغام من روسيا التي يربطها "تحالف مكلف" مع إيران في سوريا، موضحةً أنّ رفض موسكو الاضطلاع بدور مماثل في لبنان، دَفَعَ "حزب الله"، حليف إيران، إلى التطلّع إلى الأموال والخبرات الصينية لترميم بيروت والمرفأ. وعلقّت بالقول: "من شأن عامل السرعة وغياب الشروط اللذيْن يرافقان الدعم الصيني أن يوفرا طريقاً مختصراً لـ"حزب الله" لاستباق القوى الأخرى المتدخلة كمنقذة للمدينة وأن يرفعا مستوى هيمنته على المشهد السياسي اللبناني لتبلغ حد الاستئثار بالقرار".
في ما يتعلق بالقيادة الإيرانية، اعتبرت درغام أنّها تستغل الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية لتعزيز تحالفتها القائمة أو تأمين دعم جديد مع روسيا والصين في ساحات مثل لبنان وسوريا والعراق، لافتةً إلى أنّ فترة انشغال واشنطن قد تطول حتى كانون الثاني المقبل، فإذا خسر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستستدعي عملية تنصيب الرئيس الجديد مرور البلاد بفترة انتقالية.
في ما يختص بالدول الخليجية، رأت درغام أنّها أقل انكشافاً في وقت تتقدم فيه إيران في المنطقة، نظراً إلى المصالح التجارية الصينية الإيرانية الكبرى في الخليج، لا سيما السعودية والإمارات. ولذلك، قد تساعد موسكو وبكين الدول الخليجية لاحتواء المخططات الإيرانية المعدّة لمنطقة الخليج، على حدّ ما كتبت درغام.
في المقابل، وصفت درغام وضع لبنان بـ"غير المحظوظ"، بحجةً أنّ الدوافع الروسية والصينة لردع سيطرة إيران المحتملة على البلاد بالغائبة. وكتبت درغام: "ستعارض الولايات المتحدة الأميركية بشدة أمّا الدول الخليجية فستكون رغبتها في التدخل محدودة، على الرغم من أنّها لن ترغب في تجاهل تداعيات النفوذ الإيراني المتنامي في لبنان والمواجهة المحتملة بين القوى العظمى على أراضيه.
وعلّقت درغام بالقول إنّ الانقسام بين الحلفاء الغربيين يمثل جواً مشجعاً بالنسبة إلى روسيا، حيث يبدي الطرفان رغبة في تعزيز تعاونهما مع إيران على صعيدي التجارة والسلاح، مؤكدةً أنّ واشنطن سترد بفرض عقوبات على البلدين "من دون أن تكون شديدة القسوة"، فمن شأن نظام عقوبات شامل أن يترك آثاراً مدمرة على اقتصاد البلديْن، بحسب ما قالت درغام.
وانطلاقاً من الثمن الباهظ المترتب عن تأييد روسيا والصين لإيران، تساءلت درغام عن دوافع "بقاء التحالف قائماً"، كما تساءلت عن دوافع الاعتراف بـ"حزب الله"، معتبرةً أنّ التحالف مع إيران التي تنشط في العراق واليمن والغراق "أغلى مما يستحق".
وأوضحت درغام أنّ روسيا والصين تخاطران بتحييد دول الخليج، لا سيما إذا ما بدأتا بتزويد إيران بالسلاح "الذي ستهدد به السعودية أو الإمارات"، مؤكدةً أنّ الإدارة الأميركية- بصرف النظر عن انتمائها- لن تتسامح مع تدفق السلاح الروسي والصيني إلى إيران في ضوء المصالح الأميركية الاستراتيجية في العراق وسوريا.
بالعودة إلى إيران، استبعدت درغام أن تلين جهودها الرامية إلى التأثير على روسيا والصين لتزويدها بالأسلحة، معتبرةً أنّها تدأب لتثبت أنّها اللاعبة الوحيدة في لبنان عبر مساعيها الهادفة إلى "استئصال النفوذ الأميركي والأوروبي" من عملية إعمار المرفأ. أمّا على الضفة الصينية، فكتبت درغام: "قد تقرر الصين أنّ إيران توفر مجالاً حيوياً لنفوذ أوسع في الشرق الأوسط من جهة، وأنّ علاقتها مع الدولة العربية مستقرة تماماً (..) من جهة ثانية"، رجحت أنّ تعيد بكين حساباتها إذا ما بات واضحاً أنّه يتعين عليها أن تختار صفاً في ظل الاستقطاب الإقليمي الحاصل بين إيران وأغلبية الدول العربية.