كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
بسبب دعوة خبراء التغذية والأطباء المُلحّة إلى التركيز على المأكولات الصحّية، يعتقد العديد من الأشخاص أنّ الإكثار منها سيزيد من منافعها. لكنّ الحقيقة هي أنّ بعض أنواعها قد يؤدي إلى نتائج عكسيّة تماماً، ليتحوّل إلى مادة سامّة وخطِرة جداً. كيف؟ إليكم التفاصيل!
قالت إختصاصية التغذية، راشيل قسطنطين، لـ«الجمهورية» إنّ «الدراسات سلّطت الضوء على مجموعة مأكولات تشتهر بقيمتها الغذائية العالية ومنافعها الصحّية العديدة، إلّا أنها قد تصبح خطيرة جداً عند الإفراط في كمّيتها أو مزجها مع أدوية معيّنة». وعرضت في ما يلي أهمّ الأطعمة المعنيّة بهذا المجال:
الـ«Grapefruit»
تنتشر هذه الفاكهة في حميات غذائية عديدة لاحتوائها على نسبة عالية من الفيتامين C، والمعادن كالماغنيزيوم والبوتاسيوم، والألياف، وهي مثالية للأشخاص الذين يريدون خسارة الوزن بفضل قدرتها على دعم حرق الدهون. كذلك يُعتبر الـ»Grapefruit» قليل الوحدات الحرارية، وهو مفيد في تطهير الجسم من السموم، ومثالي لتقوية الجهاز المناعي والوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا، ويملك فاعلية في خفض الكولسترول، ويؤثر إيجاباً في القلب والأوعية الدموية. ولكن ما يجهله الكثيرون أنّ الـ»Grapefruit» يتفاعل مع بعض الأدوية، خصوصاً الأنواع الخافضة للكولسترول. يرجع السبب إلى احتوائه على مواد فعّالة تُبطل الإنزيمات المسؤولة عن تكسير غالبية الأدوية المستهلكة.
وبالتالي فإنّ الدواء لا يتفكّك ويبقى في الدم لفترة أطول، ما يزيد من انعكاساته السلبية. ومع الوقت، يؤدي ذلك إلى تلف خطير في الكبد والعضلات وفشل الكِلى.
كذلك قد يؤدي الـ»Grapefruit» إلى تعطيل امتصاص بعض الأدوية، فيقلّل مفعول علاجها لاحتوائه على مادة «Naringin» المسؤولة عن ذلك. حتى شرب 200 ملل (كوب صغير) من الـ»Grapefruit» قد يعوق وظائف بعض الأدوية مثل تلك الخاصة بالكولسترول، والمناعة، وضغط الدم، والضعف الجنسي، ومضادات الهيستامين، والعقاقير النفسية، والعلاج الكيماوي.
السوس
تشتهر مادة عرق السوس المستمدّة من جذور نبتة السوس بمذاقها اللذيذ، وهي تتوافر في السكاكر، والكحول، وبعض المشروبات. ثبُت أنّ السوس يملك فوائد عديدة كتهدئة المعدة، ومحاربة الالتهابات، وتعزيز المناعة، ويُستخدم لعلاج مشكلات الجهاز الهضمي، وحالات التسمّم الغذائي، والقرحة، والحرقة. كذلك يمكن تناوله كمكمّل غذائي لأنه ينظف الجهاز التنفسي، ويحفّز إنتاج البلغم في المجاري التنفسية، وقد بيّنت دراسات عديدة أنه قد يعالج السرطان خصوصاً الذي يُصيب الثدي والبروستات.
غير أنّ عرق السوس يحتوي على حامض «Glycyrrhizinic» الذي يعزّز احتباس المياه والصوديوم في الجسم، ما يسبّب التورّم وارتفاع ضغط الدم وانخفاض نسبة البوتاسيوم، ويؤدي إلى اضطراب دقات القلب، وضعف العضلات. لذلك يجب الامتناع عن السوس في حال معاناة الضغط وتناول أدوية خاص به، أو وجود مشكلات في القلب والكِلى. إشارة إلى أنّ إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) تنصح الحوامل والمرضّعات بتفادي السوس بمختلف أشكاله.
التونة
يُعتبر مصدراً غذائياً مهمّاً لغناه بالبروتينات، والصوديوم، والفوسفور، والماغنيزيوم، والكالسيوم، والنحاس، والبوتاسيوم، وفيتامينات أساسية، والأوميغا 3 الخافض للكولسترول الضارّ، وتبيّن أنه يحافظ على نموّ العظام ويزيد من كثافتها، ويلعب دوراً فعّالاً في إنقاص الوزن لكثرة بروتيناته وقلّة كربوهيدراته، فيحفّز عملية حرق السعرات الحرارية وإزالة الدهون المتراكمة. كذلك فإنّ التونة ينظم معدل ضغط الدم ويحمي الجسم من السموم.
ولكن على رغم ذلك، يجب عدم المبالغة فيه لاحتوائه جرعة عالية من أحد المعادن الثقيلة هو الزئبق الذي يؤثر سلباً في الصحّة. علماً أنّ الأنواع الأخرى من السمك الكبير تُعتبر بدورها من أكثر المصادر تلوّثاً بالزئبق السامّ لاحتوائها على الـ»Methylmercury» الذي ينعكس سلباً على الجهازين العصبي والمناعي. يجب على الحوامل والمرضّعات عدم تناول التونة بكميات عالية لأنه يؤثر في الجهاز العصبي والدماغ عند الجنين والطفل. الأمر ذاته ينطبق على مرضى السرطان والكِلى.
الورقيات الخضراء
كالملوخية والسبانخ، هي صحّية جداً وتحتوي على الفيتامينات A، وC، وE، وK، ومعدني البوتاسيوم والحديد. لكن من جهة أخرى، فهي مضرّة للمرضى الذين يشكون من سَيلان الدم لاحتوائها على الفيتامين K الذي يُمنع على الأشخاص الذين يتناولون أدوية تجلّط الدم. هذه الخضار قد تؤثر في فاعلية عقاقير السَيلان، لذلك يجب عدم تناول كمية عالية منها عند المزج بينهما.
البروكلي والملفوف
يُنصح باستهلاك هذه الخضار الكرنبية لكثرة مضادات الأكسدة فيها، جنباً إلى البروتينات، والحديد، والكالسيوم. غير أنها تنعكس سلباً على سير عمل الغدّة الدرقية لأنها تؤثر في القدرة على امتصاص اليود بسبب توافر مادة «Isothiocyanate». لذلك يجب الحذر من عدم تناول كميات كبرى من هذه الخضار في حال معاناة مشكلات في الغدّة تفادياً لحدوث أيّ اضطرابات فيها.
اللوز المرّ
من المعلوم أنّ اللوز مُفيد جداً، ويُستخدم زيته منذ القِدم وحالياً هناك إقبال كثيف على حليب اللوز. لكن هناك نوع من اللوز يُعرف باللوز المرّ الذي يحتوي على مركّبات مهمّة جداً تمنع عدوى البكتيريا، والطُفيليات، والفيروسات، وهو مُسكّن للألم، ومضاد للسرطان بفضل توافر حامض «Hydrocyanic» الذي قد يمنع تكاثر الخلايا السرطانية ونموّها. ولكنّ الأبحاث بيّنت أنّ هذه المادة هي سامّة وقاتلة، وبالتالي يجب عدم تناول كمية عالية من اللوز المرّ لأنّه في النهاية سامّ. لذلك يجب الامتناع عن تقديم زيت اللوز للرضّع، والأطفال، وكبار السنّ، أو المُصابين بأمراض خطيرة.
ودعت قسطنطين أخيراً إلى «الانتباه جيداً وعدم غضّ النظر عن هذه المعلومات القيّمة التي تؤثر كثيراً في الصحّة، وقد تكون في غاية الخطورة على رغم كل فوائدها المُثبتة علمياً».