كتب د. أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:
لا يمرّ يوم من دون أن نقرأ مقالاً يتناول فوائد الرياضة للإنسان. فللرياضة فوائد جمّة في كل المراحل العمرية. والرياضة في عالم الطفل، لا سيّما عند دخوله المدرسة، أساسية لنموّه الجسدي. أما بالنسبة للراشدين، فتساعد الرياضة في تنشيط حركة الجسد وفي حرق السعرات الحرارية، كما تبعد الإنسان عن الإضطرابات النفسية خاصة القلق والإكتئاب… ولا يستطيع الفرد إنكار أهمية الرياضة الخفيفة عند الأشخاص المسنّين. ولكن ماذا عن الرياضة عند الطفل ما بين عمر الشهر والسنة ونصف؟ هل هي مهمّة؟ وكيف للوالد والوالدة تحفيز المهارات الحرَكية عند طفلهما؟
خلال أشهره الأولى، يبدأ الطفل بإستعمال جسده وتكون لديه ردّة فعل تظهر من خلال يديه ورجليه. ويزداد هذا الحراك مع مرور الوقت، حيث يبدأ الطفل بالتدحرج بمفرده والدبدبة. ففي هذه المرحلة، يتطوّر النّظام العضلي عند الطفل. وللأهل دورٌ بارزٌ في مساعدة الطفل على تطوير مهاراته العضلية وممارسة الرياضة بشكل خفيف. ومن خلال الممارسة والتكرار والتدريب، يتقن الطفل، شيئاً فشيئاً، الحركات المناسبة لبناء عضلات جسمه. ويُسرّع تشجيع الأهل ومساعدتهم له عملية الإتقان.
أهمّية تنمية العضلات عند الطفل
في الأشهر الأولى من عمر الطفل، تكون عضلاته غير قادرة على الحركة. ولكن مع مرور الوقت وعندما يصبح عنقُ الطفل ثابتاً وقوياً قادراً على سند رأسه، نتأكّد أنّ عضلات الطفل تنمو. وطبعاً ليس هناك عمر محدّد لنموّ العضلات وثبات النظام العضلي عند الطفل لأنّ كل الأطفال ينمون بوتيرتهم الخاصة. وكلّما تنمو عضلات الطفل وتصبح فعّالة في حياته اليومية، كلّما يستطيع الطفل الحراك والإستقلال عن أهله. ونشهد في الكثير من الحالات في العيادات النفسية تأخّراً ملحوظاً للحركة عند الطفل وضعفاً عامّاً في النظام العضلي عنده. وإذا تمّت دراسة هذه الحالة، نستنتج أنّ الطفل الصغير يقضي يومه في سريره، مستلقياً دون أيّ تشجيع من قبل الأهل أو حراك، أو نجد بعض الأطفال الذين تخطّوا عمر السنة ولكنّهم يتميّزون بالإختلال العضلي بسبب مشاهدتهم التلفاز لساعات وساعات دون أن يحرّكوا جسدهم. بالمقابل، نرى بعض الأولاد الذين لم يتجاوزوا عمر الستة أشهر وهم يتحرّكون ويستعملون أجسادهم كطفل أكبر منهم سنّاً. ونلاحظ عند عائلات هؤلاء الأطفال تشجيعاً مستمرّاً للحراك وتحفيزاً لاستعمال نظامهم العضلي باستمرار ومرات عدة في النهار.
كما يؤكّد العلماء وأطبّاء الأطفال أنّ النّشاط البدني المستمرّ للطفل له فوائد أخرى كحماية العظام وزيادة قوّتها، إضافة إلى الفوائد على الصعيد النفسي كالإنفتاح الإجتماعي وكسب عدد كبير من الأصدقاء على رغم صغر سنّ الطفل.
تشجيع الطفل على الحراك
يبدأ الطفل عادة بالحراك، على الصعيد النفسي-الحركي، مستقلّاً عن والدته بعمر الأربعة أشهر. ولكن طبعاً هذه ليست قاعدة عامة. وهناك بعض القواعد الذهبية التي تساعد الأم في مراقبة تطوّر طفلها العضلي-الحركي وأهمّها:
– أوّلاً، تشجيع الطفل على اكتشاف العالم الخارجي الذي يحيطه مع الإبتعاد عن «الضرب» أو التوبيخ إذا لعب بشيء، فالطفل هو في طور اكتشاف الأشياء الموجودة حوله.
– ثانياً، السماح للطفل أن يلتقط أو أن يُمسك الأشياء بيده وتشجيعه لاكتشاف هذه الأشياء مع تسميتها ويعني ذلك، عندما يمسك الطفل كباية بلاستيكية من المهم أن تفسّر الأم له أنّ هذه كباية. إذ إنّ مسك الاشياء باليد، ينمّي العضلات الصغيرة عنده.
– ثالثاً، اللعب مع الطفل من خلال التقاط الأشياء الموجودة حوله وهذه طريقة مثلى لتقوية قبضة يده كما تقوّي عضلات كتفيه وتساعد في التآزر النظري-الحركي.
– رابعاً، مساعدة الطفل في النوم على بطنه الذي يؤثّر بشكل مباشر على نموّ عنقه بشكل سليم وسلامة كتفيه وعضلات ظهره واسترخاء جسمه.
– خامساً، الإستلقاء على الأرض مع الطفل الصغير: يمكن أن يستلقي الطفل بقرب أّمه على حصيرة ناعمة أو سجادة طرية.
بعض التمارين لتطوير النظام الحركي-العضلي-النفسي
ولكي يستطيع الطفل الجلوس بشكل مستقيم والتحرك بدون أن يتعثّر بالأشياء التي تحيطه، يجب أنّ يتعلّم الطفل ويتمرّن على الكثير من المهارات الحركية في المرحلة العمرية التي تراوح ما بين عمر الشهر والسنة ونصف. ويتداخل في هذا العمل الدماغ والجهاز العصبي والجهاز العضلي لمساعدة الطفل في مهامه. وهناك تمارين بسيطة يمكن أن تقوم بها الأم لتنمية الحركات العضلية النفسية عند الطفل وأهمّها:
– التدحرج والوثوب: حركتان أساسيّتان لجلوس الطفل المستقيم ولتوازنه الجسدي.
– إلتقاط الأشياء الصغيرة، كالإمساك بالملعقة والرسم وإصدار الكلمات، التي تنمّي العضلات الصغيرة عند الطفل وتحفّز المهارات النفسية-الحركية الصغيرة.
– اللعب مع إخوته يحفّز إستعمال عضلات اليدين والرجلين والمعصمين والشفتين واللسان.
– تشجيع الأهل لحراك طفلهم من خلال مسك الأشياء واكتشافها واستخدام الألعاب بأحجام مختلفة وأشكال مختلفة.
– إستعمال الألعاب بمختلف أنواعها: الطرية والصلبة والخشنة والناعمة… كما يمكن إستبدال تلك الألعاب بأدوات من البيت كأواني المطبخ ولكن يجب الإنتباه إلى أن لا تؤذي الطفل أبداً.