على عكس ما تداولته بعض وسائل الإعلام اللبنانية حول موافقة وكالات التصنيف الائتماني تأجيل التصنيف لستة أشهر، أصدرت وكالات التصنيف الثلاث قراراتها تجاه لبنان، يوم الجمعة 23 آب، فقررت وكالة "ستاندرد أند بورز" إبقاء تصنيف لبنان عند مستوى B-، أما وكالة "موديز" فصنفت لبنان بمستوى C، فيما خفضت وكالة "فيتش" التصنيف إلى CCC.
وذكرت وكالة "فيتش" في تقريرها، في توصيف الواقع اللبناني، أنه "لا توجد خطة متوسطة الأجل ذات مصداقية لتثبيت الدين الحكومي". ولأن تخفيض التصنيف يدل على عدم الثقة حيال لبنان، رأت الوكالة أن الثقة الضعيفة تنبع "من عدم الاستقرار السياسي المحلي وعدم فعالية الحكومة، وتدهور النمو الاقتصادي والمخاطر الجيوسياسية، بما في ذلك السياسة الأميركية ضد إيران وحزب الله، وضعف العلاقات بين لبنان ودول الخليج. فضلاً عن إثارة وزير المالية علي حسن خليل موضوع إمكانية إعادة هيكلة الدين المحلي، لتخفيف عبء الفائدة على الحكومة، والموافقة البطيئة على الميزانية. والمأزق الأخير في مجلس الوزراء في تموز لم توفر أي تخفيف".
في السياق، "ونظراً لاحتياجات التمويل الخارجية الكبيرة، مع عجز الحساب الجاري بنسبة 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي"، توقعت الوكالة "خفض إجمالي احتياطات العملات الأجنبية لدى البنك المركزي (باستثناء الذهب وغيرها من أصول العملات الأجنبية) إلى حوالى 29 مليار دولار بحلول نهاية عام 2019 و3 مليارات دولار أخرى في عاميّ 2020 و2021 (ما يقرب من 5.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي تقريباً)".
كما توقعت الوكالة أن يبيع المصرف المركزي "أكثر من 3.8 مليار دولار من الأوراق المالية الأجنبية (باستثناء 2.9 مليار دولار من سندات اليورو اللبنانية). وستنخفض احتياطيات العملات الأجنبية إلى أقل من 60 في المئة في عام 2019 وإلى 48 في المئة في عام 2021، والتي ستكون الأدنى منذ فترة 2000-2002، عندما وصلت النسبة إلى 37 في المئة".
بيان وزارة المالية
وفي المقابل، أسرعت وزارة المالية في إصدار بيان، لا يخلو من الركاكة والضعف، رداً على التصنيفات الائتمانية الجديدة، جاء فيه: "اصدرت وكالة ستاندرد اند بورز(Standard and Poor's) للتصنيف الائتماني تقريرها الدوري، وقررت إبقاء تصنيف الدولة اللبنانية على ما هو (B- مع نظرة سلبية) خلافا للتهويلات والتحليلات. وأبلغت الوكالة وزير المالية أن قرارها مستند على نقطتين اساسيتين:
1- بدء الإصلاحات الهيكلية في المالية العامة في موازنة 2019، والتي ستستكمل بإصلاحات جديدة في موازنة 2020، وخصوصاً في الجمارك والمشتريات ونظام التقاعد والتهرب الضريبي وقطاع الكهرباء، ما سيخفض عجز الموازنة برأيها تدريجيا إلى 4,8 من الناتج القومي في العام 2022.
2- تتوقع الوكالة استمرار مصرف لبنان على القدرة على الدفاع عن الليرة من خلال احتياطه. مؤكدة ضرورة تنفيذ الإصلاحات المرجوة بوتيرة سريعة وخلق الجو السياسي المناسب لتحريك العجلة الإقتصادية.
بالمقابل، اصدرت وكالة فيتش (Fitch Ratings) للتصنيف الائتماني تقريرها الدوري أيضاً، الذي قررت فيه خفض تصنيف الدولة اللبنانية مرتبة واحدة من B- إلى CCC. جاء هذا التصنيف نتيجة التحديات الناجمة عن ازدياد ضغط التمويل الخارجي من جراء إنخفاض تدفق الودائع في القطاع المصرفي والبطء في تطبيق خطة الكهرباء.
كما وأشار التقرير أن الإجراءات التقشفية في موازنة 2019 ملحوظة، ولكن هنالك تطلع إلى خطة طويلة الأمد للسيطرة على ارتفاع الدين كنسبة من الناتج القومي.
لحظ التقرير العمل الجدي حول موازنة 2020 وإلتزام الدولة باقرارها في وقتها، ولكن تشكك الوكالة بالتقلبات السياسية المتكررة التي قد تؤدي إلى التأخر في تنفيذ السياسات الاقتصادية المرجوة.
هذا التصنيف هو تذكير للبنان أن عمل الحكومة ليس ترفاً بل ضرورة قصوى في المرحلة المقبلة، بما يتضمن من أهمية مناقشة موازنة 2020 وإحالتها إلى مجلس النواب، الإسراع في تنفيذ خطة الكهرباء، مكافحة التهرب الضريبي وإطلاق العجلة الإقتصادية من خلال مقررات البيان الوزاري.
هنا نكرر أن هذين التصنيفين هما تذكير بأهمية تخفيض العجز وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي بدأنا بها وسنزيد وتيرتها في موازنة 2020 وما بعد، وبمثابة تذكير أن لبنان لديه القدرة على تجاوز الصعاب فيجب عدم التراخي للحظة واحدة".
المصدر المدن