مناورات باسيل وغضب برّي وأخطاء جنبلاط.. السلطة ترقص فوق البركان

مناورات باسيل وغضب برّي وأخطاء جنبلاط.. السلطة ترقص فوق البركان
مناورات باسيل وغضب برّي وأخطاء جنبلاط.. السلطة ترقص فوق البركان

كتب منير الربيع في "المدن": قبيل تكليفه برئاسة الحكومة، كان حسان دياب يتردد إلى عين التينة للقاء الرئيس نبيه برّي، في جولات المشائين المسائية. بعد التكليف، تغيّرت العادة. طلب دياب أكثر من موعد من رئيس مجلس النواب فلم يلق جواباً.

 

مناورات باسيل وغضب برّي

نظرة الكثيرين إلى دياب، هي أنه جاء نتاجاً للثورة المضادة التي بدأتها قوى السلطة، خصوصاً بعد موقف الوزير جبران باسيل الأول، عندما ادعى تحوله إلى المعارضة. حينها روّج باسيل لنفسه كخارج على الطبقة السياسية والتركيبة الحاكمة! واعتبر أنه ليس جزءاً من النظام. في ذاك الخطاب، أراد باسيل أن يقدم نفسه كقوة ثورية خارج الطبقة السياسية! في الوقت ذاته، عمل على تسمية وزراء محسوبين عليه بشكل غير ظاهر وغير مباشر.

 

لعبته هذه هي التي أثارت الرئيس نبيه برّي أكثر من مرّة، فاستبق الجميع في إعلانه رفضه المشاركة في هذه الحكومة، خصوصاً بعد اكتشافه أن رئيس الجمهورية وباسيل يناوران للحصول على ما يريدانه من حسان دياب. انتفض برّي عندما وجد أن كل ما يجري يهدف إلى تطويقه أكثر، إلى حدّ يظهره وكأنه خارج اللعبة والتركيبة في تشكيل حكومة حسان دياب. إذ كان معروفاً أن الحكومات تتشكل بمباركة برّي ومساعيه، والمبادرات تخرج من عين التينة. بسبب موقف برّي تعرقل تشكيل الحكومة، واقتنع باسيل أنه لن يكون بإمكانه تمرير التشكيلة التي يريدها.

 

لم تكن مناورات باسيل وحدها التي تغضب برّي، إنما الدور البارز الذي يلعبه النائب جميل السيد في توجيه دياب ومساعدته ونسج خيوط حكومته، والدور التنسيقي الذي كان يلعبه شادي مسعد المقرب من باسيل إلى جانب دياب. استفزّت هذه التفاصيل برّي، فرفع الصوت منادياً الحريري للعودة إلى تصريف الأعمال، لعلمه أن ما يجري لن يؤدي إلى تلبية مطالب المنتفضين، بل إلى تكريس الانقلاب عليهم من قبل جبران باسيل. وبري لن يسمح لباسيل أن يستأثر بالحكومة وطريقة تشكيلها. خصوصاً أن أي تغيير في المنظومة القائمة، التي يراد لحسان دياب أن يمثلها كصورة مستحدثة للطبقة السياسية، سيكون برّي من أول وأكثر المصابين فيه.

 

أخطاء جنبلاط

طبعاً وليد جنبلاط سيكون أيضاً من أكثر المصابين مما يجري. خصوصاً أن باسيل مدعوماً من بعض القوى المحلية والخارجية، كان يتعاطى مع جنبلاط وبرّي كالأسد الجريح الذي يمكن استضعافه. أي تغيير غير جذري في التركيبة اللبنانية القائمة، حتماً سيضرّ بوليد جنبلاط، الذي لم يعد بإمكانه الجلوس في منزله مكتفياً بالتغريد وإطلاق الإشارات على تويتر. وجد من واجبه التحرك لمواجهة تدمير التركيبة القائمة لصالح تركيبة جديدة يصطنعها رئيس الجمهورية وجبران باسيل، وتقوم على ضرب الطائف وتخطي الدستور، وتحاول ركوب موجة الانتفاضة الشعبية لتحقيق أهداف سياسية. أخذ جنبلاط على عاتقه التحرك باتجاه عين التينة، وكان موقفه في منتهى الصراحة، عندما أعلن عن تواصله مع جميل السيد لإبلاغه بموقفه من التوزير. طبعاً أخطأ جنبلاط في اتصاله بجميل السيد، وظهر في موقف متناقض مع نفسه، عندما أعلن أنه لا يريد المشاركة في الحكومة، لكنه دخل في مفاوضات حولها. وأخطأ أكثر عندما تواصل مع السيد وليس مع الرئيس المكلف. لكنه حاول أن يصحح الخطأ على طريقته. فإعلانه من منبر عين التينة أن جميل السيد "من الذين يشكلون حكومات" هدفه قطع الطريق على حكومة حسان دياب وإجهاضها قبل أن تولد. فتماهى مع موقف برّي في ضرورة تفعيل تصريف الأعمال من قبل الحريري.

 

الحريري وحسان دياب

القراءة السياسية لهذه المواقف ربطاً بموقف سليمان فرنجية، تعبّر عن تحرك مضاد ضد تحركات باسيل، والسيد، وجريصاتي المدعومين من رئيس الجمهورية للتنسيق مع حسان دياب. وسيستكمل الموقف بلقاء سيعقد بين الحريري وجنبلاط، والحريري وبرّي. لكن رئيس تيارالمستقبل، كان واضحاً بالأمس في اجتماعه مع كتلته النيابية والنواب والوزراء السابقين في تيار المستقبل. إذ أكد أنه غير مستعد للعودة إلى رئاسة الحكومة، ولا يريدها حتى وإن عرضت عليه، محمّلاً مسؤولية ما جرى لرئيس الجمهورية وباسيل، اللذين يريدان الاستحواذ على كل شيء، ويعرقلا كل شيء في البلد. وشدد الحريري على أن التسوية انتهت، ولا يمكن المشاركة في أي حكومة، أو ترؤس أي حكومة في هذا الوضع، لأن الانهيار مقبل على البلاد. والحكومة ستكون عبارة عن محرقة. ويتمسك الحريري بأن الحكومة هي حكومة باسيل، وكل الخلافات التي تتم اشاعتها بين دياب وعون ليست إلا لعبة مفضوحة لإظهار دياب وكأنه صاحب موقف وقرار، وهي تهدف إلى استنباط تعاطف سنّي معه.

 

استشعر باسيل بالتكتل ضده، فذهب إلى برّي، لترتيب العلاقة، وليقول له إن موقفه المرتفع السقف بعد اجتماع التكتل الأسبوعي لا يستهدفه. وجرى الاتفاق على التنسيق في إعادة تصويب الوجهة الحكومية لدياب. وهذا ما دفع باسيل إلى التراجع عن موقف مهم جرى التمهيد له في الأيام السابقة قائلاً: "حصلت تطورات تفرض علينا تحمّل مسؤوليتنا". في المقابل، دياب لا يزال متمسكاً بموقعه. لا شيء لديه ليخسره. كل يوم خسارة في إطالة التأليف على اللبنانيين، يعتبره في صالحه رئيساً مكلفاً. وحتماً، يرى نفسه صاحب لقب دولة الرئيس، لأن لا آلية لسحب التكليف. والحلّ الوحيد بتشكيله حكومة وتوقيع مراسيمها. وإسقاطها يتم فقط في مجلس النواب. لكن عندها سيصبح هو رئيس حكومة تصريف الأعمال. هذا آخر الخيارات لدى دياب الذي يعتبر أن الفرصة لا تزال ممكنة لتشكيل حكومة أصيلة، مراهناً على حاجة الجميع إليها.

 

لقاء بري باسيل، هو من أجل استعادة المبادرة من قبل قوى 8 آذار، ومن أجل تسريع عجلة تشكيل الحكومة. فقد طلب بري من باسيل عدم اتخاذ موقف تصعيدي ضد دياب، أو البحث عن بديل، لأن لا بديل حالياً، ولا بد من البحث عن صيغة توافقية، تلبس لبوس الاختصاصيين والمستقلين، لكنها عملياً، تكون حكومة إعادة تثبيت توازناتهم هم أنفسهم الذين يحكمون منذ دهر ونيّف.

 

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى ترامب يطالب بايدن بإجراء اختبار معرفي بسبب قرارته “المريعة”