'قانون الشراء العام': حان وقت الانتقام من إدارة المناقصات!

'قانون الشراء العام': حان وقت الانتقام من إدارة المناقصات!
'قانون الشراء العام': حان وقت الانتقام من إدارة المناقصات!

كتب ايلي الفرزلي في "الأخبار": من يريد أن يعرف أيّ إصلاح تريده الحكومة، ما عليه إلا إلقاء نظرة على مشروع قانون الشراء العام (الصفقات العمومية) المقدم من "السيد وزير المال"، علي حسن خليل، والموضوع على طاولة لجنة الإصلاحات الوزارية، بوصفه أحد أوجه الإصلاح المرتجى.

المشروع الحالي كتب على أنقاض محاولتين سابقتين لتصويب بوصلة الصفقات، انتهتا بسحبهما من قبل الحكومة على وعد بإعداد قانون عصري شامل.
لجنة الإدارة والعدل كانت قد عكفت، على مدى سنوات طويلة، على درس مشروع قانون يرمي إلى تعديل بعض أحكام مرسوم إنشاء التفتيش المركزي (المرسوم الاشتراعي الرقم 115 /1959) والوارد إلى مجلس النواب بموجب مرسوم صادر يوم 2/1/2013. خلال كل تلك السنوات، كان الجهد منصبّاً على أولوية البحث في مسألة استقلالية إدارة المناقصات عن التفتيش المركزي وكيفية تعزيز دورها في تنظيم دفاتر الشروط وإعداد ملفات التلزيم ومنع تجزئة الصفقات بشكل مخالف للقانون… وبالفعل، كانت اللجنة قد قطعت شوطاً كبيراً نحو تفعيل إدارة المناقصات، لكن عملها انتهى بطلب الحكومة استرداد المشروع.

 

المرة الثانية التي أعيد فيها طرح الأمر، كان في اقتراح القانون الذي قدّمه النائبان نواف الموسوي وهاني قبيسي ويقضي بتوسيع مهمات إدارة المناقصات بحيث يتم إخضاع كل الصفقات العمومية لها، بخلاف ما يجري حالياً ويؤدي إلى عدم خضوع ما يزيد على 93 في المئة من الصفقات لأي رقابة (المؤسسات والمجالس العامة والبلديات غير خاضعة لرقابة الإدارة)، لكن عندما طرح الاقتراح المعجّل المكرر على الهيئة العامة، في 12 تشرين الثاني 2018، طلب رئيس الحكومة سحب الاقتراح، بحجة أن الحكومة تعدّ مشروعاً متكاملاً يتعلق بالصفقات العمومية.

يضم مشروع القانون الجديد، الذي لم يطرح بعد على مجلس الوزراء بانتظار الموافقة عليه في لجنة الإصلاحات، 97 مادة، تخلص عملياً إلى نسف كل الأفكار الإصلاحية التي طرحت قبلاً. تلك المواد هي عبارة عن تجميعة مثالية لتسييب الصفقات العمومية، على حدّ قول أحد المعنيين. فبدلاً من زيادة عدد الجهات التي يفترض أن تخضع مناقصاتها لرقابة إدارة المناقصات، ذهب المشروع ليحرر حتى الجهات القليلة الخاضعة لها من سلطتها الرقابية، نازعاً منها أدواراًَ هي علّة وجودها.

من دفاتر الشروط تبدأ المشكلة. لا علاقة لإدارة المناقصات بوضع هذه الدفاتر ولا بوضع ملاحظاتها عليها. تلك صلاحية الجهة المتعاقدة، التي تضع أيضاً معايير التقييم والتلزيم (المادة 18)، وهي أيضاً التي تجري التأهيل المسبق للعارضين وتحدد إجراءاته (المادة 19). حتى لجان التلزيم التي كانت تشكّل وفقاً لآلية تفترض عرض الأسماء على التفتيش المركزي، تحررت من هذا الضابط وصارت من مسؤولية المرجع الصالح لتوقيع العقد (المادة 81)، أي الوزير في الإدارات العامة، ومجلس الإدارة في المؤسسات العامة والمجلس البلدي في البلديات والمجالس الإدارية في الهيئات… وهذه الجهات تعنى حتى بالخطوات الإجرائية، فتشير المادة 20 إلى أنها هي التي تحدد طريقة ومكان التأهيل وليس إدارة المناقصات، وهي أيضاً التي تتواصل مع العارضين (الفقرة الثانية من المادة 21)، أضف إلى أنها تقبل العرض الفائز وتعلن اسمه أيضاً (المادتان 23 و24)، فيما تحرر المادة 32 لجان الاستلام من أي ضوابط.

باختصار، سيكون الوزراء، الذين يتمتعون بالأساس بصلاحيات واسعة وتحوم حول استغلالهم لسلطاتهم شبهات عديدة، مكلّفين بإجراء المناقصات من ألفها إلى يائها، فيما لا يحقّ لإدارة المناقصات التدقيق ولا المراقبة.

لكن المناقصات ليست كل شيء. هنالك أيضاً استدراجات العروض وطلب اقتراح الخدمات الفكرية والاتفاق الرضائي وطلب عروض الأسعار، والمناقصة مع حوار مع العارضين، وهي كلها أبواب مشرّعة للفساد خصصت بها "الجهة الشارية" (المادة 45).

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى ترامب يطالب بايدن بإجراء اختبار معرفي بسبب قرارته “المريعة”