ألقت المندوبة الدائمة للبنان في الامم المتحدة أمال مدللي كلمة أمام مجلس الامن الدولي جاء فيها: "السيد الرئيس، إنه لشرف كبير لي أن أخاطب هذا المجلس ولأول مرة بصفتي المندوبة الدائمة للبنان.
اسمحوا لي أن أبدأ بالإشادة بالعمل الرائع التي قامت به بعثتكم لهذا الشهر. إن جهود كازاخستان في مجال تشجيع الحوار وحل النزاعات سلميا كانت مثالا يحتذى. كما نتوجه بالشكر العميق للبعثة الدائمة لليابان لرئاستها للمجلس الشهر الماضي، والشكر أيضأ للخبراء".
وأضافت: "السيد الرئيس، إن السلام في الشرق الأوسط يبدو بعيداً الآن أكثر من أي وقت مضى. الفجوة بين الافرقاء كبيرة جداً، إذ يشعر العرب والفلسطينيون إن المبادئ الأساسية للسلام قد تم التخلي عنها. إن القدس تبقى هي الاهم والأكثر حساسية بين مواضيع الحل النهائي. إلا أن مطالبة إسرائيل بالحق الحصري في السيطرة على القدس، واعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل قد أديا عمليا إلى انهاء عملية السلام بالنسبة للعرب، وهو ما يضع حدا لأي أمل بسلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط، كما أنه يضع شعوبنا في يأس، والشعوب اليائسة تقوم بأمور يائسة".
وقالت: "إن لبنان الذي دفع أكبر ثمن لانعدام السلام خلال عدد من الحروب الإسرائيلية عليه، يفهم خطورة الوضع عندما تغلق كافة الطرق للسلام. طالما دعم لبنان السلام بناء لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وحل الدولتين، ومبادرة السلام العربية في بيروت عام 2002. إن فشل المجتمع الدولي وهذا المجلس الموقر الذي يمثل ارادة المجتمع الدولي، في اعادة التأكيد على المبادئ الاساسية للسلام قد يغرق المنطقة في المزيد من النزاعات مع تداعيات دولية خطيرة".
وتابعت: "السيد الرئيس، إن الشعب اللبناني، لا سيما في الجنوب، يتعرض يوميا للانتهاكات الإسرائيلية للجو والبحر والبر، في خرق مستمر للسيادة و لقرار الأمم المتحدة رقم 1701 للعام 2006. فقد علمنا الأسبوع الماضي عن نية إسرائيل الأحادية الجانب، لإنشاء جدار ليس فقط على طول الخط الأزرق، بل في مناطق محتلة حساسة، وهذا من شأنه أن يهدد مجددا بزعزعة الاستقرار في الجنوب وقد يؤدي إلى الصراع.ان هذه الاعمال الاستفزازية تعكس وباستمرار تجاهل إسرائيل الكامل لالتزاماتها بموجب القرار 1701. فإذا كانت إسرائيل مهتمة بتحقيق الأمن والاستقرار، فهناك طريقة سهلة: فلتنسحب من الأراضي اللبنانية المحتلة، وتضع حدا لخروقاتها المتكررة للسيادة اللبنانية، وتنزع مصدر التوتر. إننا نحث الأمم المتحدة وهذا المجلس على منع تكرار المزيد من الاستفزازات الاسرائيلية. إن آخر ما يحتاجه الشرق الأوسط هو الخطأ في الحسابات الذي قد يؤدي إلى اشتعال الصراع".
وأضافت: "لقد أعادت حكومتي تأكيد التزامها التام بتنفيذ القرار 1701 بأكمله، وتبقى مصممة على العمل مع قوات "اليونيفيل" وعبر اللجنة الثلاثية لتسريع ترسيم الخط الأزرق خاصة في المناطق الحساسة. إن الحكومة اللبنانية طلبت المساعي الحميدة للأمين العام للأمم المتحدة في العام 2016 وهي تشجع على هذه الجهود منذ ذلك الحين.كما نقدر جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لحل مسألة ترسيم الحدود البحرية والمناطق الاقتصادية الخالصة بين لبنان وإسرائيل بما يتماشى مع مبدأ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. إن عدم حل هذه المشاكل سيبقى مصدرا للتوتر وتهديدا للأمن والسلام. وبرغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تواجه لبنان، إضافة إلى العبء الناجم عن استضافة اكثر من مليون نازح سوري، والصراع في سوريا، فإن القادة اللبنانيين ملتزمون إقامة انتخابات برلمانية في أيار 2018، كما أنهم أيضا ملتزمون مع المجتمع الدولي بتعزيز استقرار لبنان عن طريق ثلاثة مؤتمرات :
- مؤتمر روما 2 لتعزيز قدرة الجيش اللبناني وهو حجر الأساس في استقرار لبنان ورأس الحربة في محاربة الإرهاب.
-مؤتمر الارزة الذي سيعقد في باريس للنهوض بالاقتصاد اللبناني وإعادة إحيائه.
-مؤتمر بروكسل لمساعدة لبنان على تحمل أعباء أزمة اللاجئين".
ورأت مدللي أنَّ "هذه الجهود تعتبر أساسية لحماية لبنان والمحافظة عليه كمثال للتعايش في المنطقة، وللحفاظ على استقراره".
وختمت: "السيد الرئيس، نحن لسنا محكومين بحلقة العنف المفرغة في الشرق الأوسط. فعن طريق المساعدة القيمة لمجلسكم الكريم يمكن لمنطقتنا أن تتجاوز المنطق القاتم للنزاعات وتحقق اخيرا السلام الذي طال انتظاره".