أخبار عاجلة
حركة الأسواق التجارية خجولة! -

دولة بزجاج 'مفيّم'... لماذا تختبىء من ناسها؟

دولة بزجاج 'مفيّم'... لماذا تختبىء من ناسها؟
دولة بزجاج 'مفيّم'... لماذا تختبىء من ناسها؟
لم يفهم اللبنانيون، الذين يتطلعون إلى قيام الدولة بما تعنيه من إلتزام بالقوانين المرعية الإجراء، وبالتالي لا يبقى تحت سقفها "ناس بسمنة وناس بزيت"، أو يكون على سطحها صيف وشتاء في آن، وألاّ يصنف المواطنون، الذين سواهم الدستور بالحقوق والواجبات، درجات وأصحاب إمتيازات، لماذا أسقطت لجنة المال والموازنة النيابية عدداً من المواد في جلسة يوم الأثنين، التي مرّرها مجلس الوزراء في إطار زيادة الإيرادات المالية في مشروع موازنة العام 2019، ومنها المادتان 61 و62 المتعلقتان بالرسوم على الزجاج الداكن ورخص السلاح لغير السياسيين والشخصيات"، وذلك منعاً لتعميم هذه المسألة وتشريع ما لا يجب تشريعه، إضافة إلى سبب دستوري يكمن بعدم منح صلاحية الاستثناء لوزارتي الدفاع والداخلية، حسب تبريرات لجنة المال.

وبذلك يكون النواب الذين صوتوا لمصلحة إسقاط هاتين المادتين قد ساهموا، من حيث لا يدرون، أو يدرون، لا فرق، قد وقفوا إلى جانب تعميم الفوضى وتعميم المنطق الميليشياوي، الذي لا يزال يتحكّم بسلوكيات بعض المسؤولين، الذين لا يتطلعون، مع الأسف الشديد، إلاّ لما يصبّ في خانة مصالحهم الشخصية، مفضلينها على المصلحة العامة، وقد يكون هذا الإجراء واحد من بين أمثلة كثيرة تظهر مدى ربط التشريع، الذي من المفترض أن يكون من أجل المنفعة العامة، بما يخدم مصالح فئة معينة من الناس، وهذا ما يشجّع كثيرين ممن لا يزالون يعتبرون أنفسهم فوق القوانين على الإطاحة بما تبقى من هيبة لدولة القانون والعدالة الإجتماعية.

وفي تبرير إسقاط المادتين 61 و62 ذهب البعض إلى أبعد من السبب الدستوري، معتبرين أن استيفاء الرسوم من رخص السلاح والزجاج الداكن يعدّ تشريعاً للتشبيح والاعتداء على كرامات الناس، مطالبين بحصر التراخيص بفئات محددة، وفق دراسة دقيقة تصدر عن وزارة الداخلية لاحقاً، وقد تناسى أصحاب هذه النظرية أن تشريع الفوضى يبقى أفضل من إبقاء الوضع على ما هو عليه، خصوصًا أن هذين الأمرين مرتبطان مباشرة بما يمكن أن يقدّمه بعض السياسيين من "إمتيازات" لغايات إنتخابية وغيرها من الأمور، التي تندرج في خانة ضمان ولاء البعض لهذا السياسي أو ذاك الزعيم.

ويسأل السائلون: هل إسقاط الرسوم على رخص السلاح والزجاج الداكن، سيحول دون تمادي بعض "الشبيحة" من ممارسة تشبيحهم وعنترياتهم على الناس والتعدي على كراماتهم؟

قد يكون الجواب السلبي عن هذا السؤال من البديهيات، إذ  لم يقترن إسقاط هذه الرسوم بتعليق منح هذه الرخص، إنما تم ربطها بدراسة توضع لاحقاً من قبل وزارة الداخلية، يتم بموجبها تحديد الفئات التي يحق لها الاستحصال على رخص السلاح والزجاج الداكن، مع العلم أن التجارب السابقة، وهي كثيرة، لا توحي بأن هذا الأمر سيبصر النور قريبًا، لأن الذين سيدخلون على الخط قد يعدّون بالآلاف، وسيحاولون تمييع الموضوع، الذي سيكون مصيره في الأدراج ووينام فيها كنوم أهل الكهوف.

وفي مقاربة ولو غير رسمية لتعداد الذين يحصلون على تراخيص الزجاج الداكن وتراخيص حمل السلاح فإنهم يصلون إلى الآف مؤلفة، مما يعني أن الرسوم التي ستفرض على طالبي الرخص ستصب في الخزينة اللبنانية، وستسهم في تعزيز مداخيل الدولة، مع التذكير بأن المادتين تنصان على فرض رسم سنوي على رخص وضع حواجب الرؤية على زجاج السيارات، بشكل كامل بقيمة مليون ليرة، وبشكل جزئي بقيمة 500 ألف ليرة، وفرض رسم سنوي على رخص حمل السلاح قيمته 250 ألف ليرة.

وفي علم النفس أن من يجلس في سيارات زجاجها الحاجب للرؤية هو إما أنه يخاف من نظرات الناس، وإما أنه يخاف من أن يتطلع في عيونهم خشية أن يكتشف ما في أعماقها من مآسٍ.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى ترامب يطالب بايدن بإجراء اختبار معرفي بسبب قرارته “المريعة”