استدعت التطورات الداخلية والإقليمية المهمة التي تمر بها المنطقة، ولا سيما الأوضاع في سوريا، اجتماعًا طارئًا عقده مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، والرئيسان فؤاد السنيورة وتمام سلام.
وقد جاء هذا الاجتماع في إطار المسؤولية الوطنية لمناقشة الأوضاع الدقيقة في لبنان، والاتفاق على مجموعة من الخطوات التي تعزز استقرار البلاد ووحدتها، وتضمن استمرار تنفيذ القرار 1701، بالإضافة إلى التحضير لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وقال السنيورة باسم المجتمعين: نعوّل على الدور الوطني الكبير الذي قام وما زال يقوم به الجيش اللبناني في أداء مهامه في حفظ حدود الوطن”.
واضاف: “في ظلّ ما يحصل في سوريا أناشد اللبنانيين أن يتعاملوا مع هذا الحدث التاريخي بحكمة ووعي وألا ينجرّوا لردّات الفعل العاطفيّة أو أن ينزلقوا إلى دعوات مشبوهة متعصّبة”.
كما دعا اللبنانيين جميعًا إلى دعم الحكومة والوقوف إلى جانبها في مسعاها الأساس بالالتزام بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بكل مندرجاته والقرارات الدولية ذات الصلة، والحرص على وقف إطلاق النار، والتمسك بالجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية، والتشديد على تعزيز إمكانياتها وقدراتها وجهوزيتها للدفاع عن لبنان وعن سيادته على كل الأراضي اللبنانية، وفي تعزيز الأمن والاستقرار في الداخل اللبناني.
وشدد على أن “لبنان لا يتخلى عن سيادته وحماية أرضه ومواطنيه، ولا عن كرامة لبنان وعزته ولن يتنازل عن أي شبر من أراضيه، ويتمسك بنظامه الديمقراطي البرلماني القائم على الحرية والعيش المشترك الإسلامي – المسيحي. فلبنان لا يحتمل مغامرات جديدة بعد أن عانى الكثير من عواقب مغامرات عديدة سابقة”.
وتابع: “لن يقبل لبنان باستمرار الجيش الإسرائيلي بانتهاك القرار 1701، ويرفض ويدين الانتهاكات والخروقات التي تقوم بها إسرائيل للأرض اللبنانية، وهدم المنازل والتعدي على اللبنانيين، ويحمل الدول التي رعت الترتيبات والتفاهمات الجديدة لوقف إطلاق النار مسؤولية احترام هذا الاتفاق وإلزام إسرائيل بتطبيقه”.
كما تم التأكيد على دور ومسؤولية الدولة في تحقيق ضبطٍ كاملٍ للحدود اللبنانية، فالحدود اللبنانية لا ينبغي ولا يجوز أن تكون معابر غير منضبطة. وهنا نعول على الدور الوطني الكبير الذي قام وما يزال يقوم به الجيش اللبناني في أداء مهامه في حفظ حدود الوطن.
وأشار إلى أن “ان الأحداث المتسارعة في سوريا التي أدت إلى تغيير النظام تدعونا الى ان نتمنى لسوريا وللشعب السوري الشقيق كل الخير وسرعة الذهاب إلى الاستقرار وإعادة تكوين السلطة وإقرار دستور حديث يراعي جميع أطياف المجتمع السوري وبما يعزز وحدته وسلمه الأهلي على قواعد المواطنة كما والحفاظ على كامل التراب الوطني السوري وبناء علاقات سوريا القويمة مع جميع الاشقاء العرب وجميع الأصدقاء في العالم”.
وأضاف: “كما اننا في الوقت عينه نناشد جميع اللبنانيين أن يتعاملوا مع هذا الحدث التاريخي والمهم بحكمة ووعي شديدين وأن لا ينجرفوا لأي نوع من انواع ردات الفعل العاطفية او ان ينزلقوا الى دعوات مشبوهة متعصبة فلبنان أثبت في محنته أنه متضامن مع بعضه بعضًا وفي الوقت عينه أن لبنان يتضامن مع الشعب السوري في خياراته الوطنية التي يتوافق عليها ولما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين وتعزيز العلاقات بينهما والقائمة على الاحترام المتبادل”.
كم دعا المجتمعون “مجلس النواب إلى القيام بدوره في إعادة تكوين السلطات الدستورية، بدءًا من انتخاب رئيس للجمهورية، ومن ثم قيام الرئيس العتيد بإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس مجلس الوزراء المكلف لتشكيل حكومة إنقاذ وطني، تكون قادرة وفاعلة ومتضامنة، وتعمل على وضع لبنان على طريق التعافي والنهوض الوطني والسياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي، ومحاربة الفساد، والحرص على التمسك بالدستور، وحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، وعودة جميع اللبنانيين بوحدتهم منتصرين إلى الدولة اللبنانية وبشروط الدولة اللبنانية، وإلى سلطتها الواحدة والموحدة، الدولة القوية والراعية والعادلة”.
واستنهاض الدعم العربي والدولي لمساعدة لبنان بما يمكّنه من تأمين العودة الكريمة للنازحين اللبنانيين قسرًا عن بلداتهم وقراهم، ودعم جهود الدولة اللبنانية في إعادة البناء والإعمار في المناطق المهدمة والمتضررة لإفشال مخططات العدو الإسرائيلي. بعد معاناة دموية وقاسية اتفقت دول العالم على وقف الحرب في لبنان، وتطبيق القرار الأممي 1701 بحذافيره ومندرجاته، فلنتخذ من هذا الموقف مظلة تقينا آثار التحديات القائمة والقادمة.”
وختم السنيورة: “لن يكون اللبنانيون إلا حماة لأرضهم ووطنهم ووحدتهم واستقلالهم، عنوان سيادتهم، وإنها لمسؤولية وإنها لأمانة”.
وبعد الاجتماع، توجه دريان على رأس وفد كبير من العلماء إلى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت وقرأ سورة الفاتحة على روحه، كما زار ضريح المفتي الشهيد حسن خالد في الأوزاعي.