وصل لبنان إلى مشارف انقسام عمودي حاد لن يكون من السهل معالجته إلا في حال حصلت تدخلات خارجية كبرى.
وفي الوقت الذي حققت القوى المسيحية نجاحاً بالاتفاق مع عدد من النواب التغييريين والمستقلين إضافة إلى نواب من السنة، على مرشح موحد لرئاسة الجمهورية في مواجهة ترشيح سليمان فرنجية، تمسك حزب الله وحركة أمل بترشيح زعيم تيار المردة، في حين ذهب رئيس مجلس النواب نبيه بري بعيداً، مؤكداً أنه لن يدعو قريباً إلى جلسة لانتخاب رئيس لأنه لا يرى أن هناك تنافساً جدياً.
موقف برّي هذا، ينسف كل مواقفه السابقة التي كان قد أعلن فيها أنه لا يعطل عمل مجلس النواب، وأنه مستعد للدعوة إلى جلسات انتخابية عندما يتوافق المسيحيون أو المعارضون على مرشح.
وأثار موقف بري استياء المسيحيين وغيرهم، لا سيما أنهم استشرفوا بهذا الموقف وكأن هناك توافقاً كاملاً بين حزب الله وحركة أمل على تعطيل الاستحقاق الرئاسي والاستمرار في التعطيل إلى حين توفر الظروف المواتية لانتخاب فرنجية، ولو أدى ذلك إلى فراغ طويل، وتكرار سيناريو انتخاب ميشال عون.
الأهم من ذلك، هو لا بد من ترقّب للمسار الذي سيتعاطى فيه المجتمع الدولي مع هذا التعطيل، خصوصاً أن تلويحات أوروبية أميركية خليجية كانت قد صدرت سابقاً حول إمكانية فرض عقوبات وإجراءات بحق من يعمل على عرقلة إنجاز الاستحقاق الرئاسي. لكن كلام بري يتقاطع مع كلام فرنسي أيضاً، إذ إن الفرنسيين يحاولون التحرر أيضاً من مسألة الالتزام بأي مهلة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.
ونقل عن السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو أنها لا ترى في موعد منتصف حزيران أمراً ثابتاً، متوقعة أن تطول الأزمة أكثر، وسط معلومات بأن مهلة باريس يمكن أن تمتد حتى شهر أيلول. ويأتي ذلك، في حين التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي في باريس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد زيارة إلى الفاتيكان ورفض أن يتم انتخاب أي رئيس من دون موافقة المسيحيين وخارج إرادتهم.
وتمسكت فرنسا مجدداً بالتوافق بين اللبنانيين، وهو ما تفسره مصادر لبنانية بأنه تمسك بخيار فرنجية، لكن مع ترتيب ذلك مع البطريرك، الذي حمل لائحة تضم أسماء مرشحين رئاسيين وقال، إن القوى المعارضة لفرنجية مستعدة للتوافق على واحد منها.
وهنا تتضارب المعلومات بين من يعتبر أن باريس ستأخذ بالمعطيات الجديدة وتتعاطى معها بواقعية،وبين من يرى أن استراتيجية فرنسا ثابتة.