كتب ماهر غازي الشوا في “اللواء”:
دولة الرئيس، أحببناك عام ٢٠٠٥ إثر استشهاد والدك الرئيس رفيق الحريري… ألبسناك عباءة الزعامة البيروتية والنيابية والحكومية لأننا توسّمنا بك خيراً… لكنك خذلتنا في أكثر من محطة وخذلت أمّة بأكملها.
لقد أخطأت ثلاثة أخطاء كبرى خلال ١٧ عاماً عدا عن أخطاء صغيرة لكنها بمفعولها وتداعياتها كانت كبيرة.
الخطأ الأول
مجاراة سمير جعجع بترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية وإيصاله إلى سدّة الرئاسة بعد فراغ رئاسي استمر عامين ونصف العام، لزعمك أنك تريد إنهاء الفراغ الرئاسي وتضمن أنك ماسك السلطة الثالثة بيديك مدة ٦ سنوات من الولاية الرئاسية العونية، ولكن سرعان ما سقط العهد بينك وبين عون… نحن نعرف أكثر منك ميشال عون المتمرّد على السلطة الشرعية أواخر ١٩٨٩ بعد اتفاق الطائف… فقد شنّ ما يُسمّى بـ«حرب التحرير» ضد الوجود السوري العسكري «المؤقت» في ١٤ آذار ١٩٨٩ ثم شنّ «حرب الإلغاء» على «القوات اللبنانية» وكنّا نحن البيروتيين أو البيارتة أول من دفع ثمن هاتين الحربين قصفاً ودماراً وتهجيراً، بدءاً بقصف مناطق الأونيسكو وعائشة بكار وسقوط عشرات الشهداء والجرحى يوم الثلاثاء ١٤ آذار ١٩٨٩ (أول أيام «حرب التحرير») ثم صار كل من عون وجعجع يتنافسان ويتناوبان على قصف المنطقة الغربية لبيروت في تلك الحرب المشؤومة، لينقلب «الحليف» (عون) على «حليفه اللدود» في حرب إلغائية في منطقة بيروت الشرقية ونالت منها بيروت وأهلها قذائف صواريخ عشوائية وربما مركّزة حاصدةً خسائر بشرية ومادية كبيرة. سردت لك هذه التفاصيل لأقول لك إننا تحمّلنا من ميشال عون في غضون عامين من تمرّده على الشرعية ما تحمّلناه على مدى ١٤ عاماً (من ١٩٧٥ إلى ١٩٨٨) من ويلات وحروب أخوية وطائفية وإسرائيلية فضلاً عن متفجرات متنقلة. كل هذا وأنت لم تكن معنا في بيروت، ربما كنت في صيدا، أو في الرياض، أو في باريس أو في أي عاصمة أخرى أو كنت تتعلّم التزلّج على ثلج جبال الألب الفرنسية، وكنت لا تزال يافعاً ابن ١٨ عاماً وشعرك مربوطٌ ببكلة شعر!
أو ربما لم تقرأ تاريخ الحرب أو أقلّه لم تشاهد وثائقيات عن الحرب وعن ميشال عون وسمير جعجع. ولم تسمع نصيحة السعودية ولا الرئيس نبيه بري الذي قال لك: «ما تمشي بترشيح ميشال عون لأن بيصير عنّا رئيسين» ويقصد جبران باسيل، وهذا ما حصل فعلياً!
الخطأ الثاني
وافقت على قانون الانتخاب المسخ عام ٢٠١٧ «على عماه» ولم تدرك لا أنت ولا مستشاروك أنه فخّ أوقعوك فيه لتخسر كتلتك النيابية (من ٣٥ نائباً إلى ٢٠ تقريباً) وانتزعوا منك بعض نواب بيروت من مختلف الطوائف بينما كان والدك يكسّر «السكور» فيها وفي كل لبنان. فضلاً عن إيصال أناس سقطوا في انتخابات سابقة ونجحوا نتيجة هذا القانون!
الخطأ الثالث
وهو مرتبط بالخطأ الثاني حيث شجّعت من خلال موافقتك على ذلك القانون بإيصال جبران باسيل «الساقط» في دورتين انتخابيتين، داعماً إيّاه ومخاطباً جمهور الشمال: «انتخبوا صديقي جبران، وامنحوه الصوت التفضيلي»!
في مقابل هذه الأخطاء المميتة أصررت على ديما جمالي نائب في طرابلس رغم الطعن ودعمها مرة أخرى حيث كانت بديلاً غير موفّق لمصطفى علوش، وأتيت بنواب «أطفال» مثل سامي فتفت وطارق المرعبي. بالله عليك كيف يمكن للثلاثي جمالي – فتفت – المرعبي أن يقارعوا محمد رعد ونواف الموسوي وعلي عمار؟
ولنصل إلى الخطأ الرابع (الخطيئة) وهو تعليق العمل السياسي وعدم الترشّح ودعم اللوائح الانتخابية في بيروت والمناطق وأخيرا بدعة المقاطعة. حبيبي وبالمشبرح وبالعربي الدارج: «بدّك تنتحر انتحر لوحدك» و«بلاها هالحركات النص كم» فإمّا أن تكون مسؤولاً وقيادياً وإمّا فلا واقعد على ضفة النهر وراقب كيف أغرقتنا بوحول أخطائك والختام سلام!