في انتظار غودو... الأميركي

في انتظار غودو... الأميركي
في انتظار غودو... الأميركي
لا لبس في تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. أعلن بطريقة دبلوماسية دخول مبادرته حالة المراوحة. لكن الجديد في كلامه أمس، تصويب النار على سلاح "حزب الله" مما يوحي بأن هامش التحرك الفرنسي في لبنان بات أضيق مما كان عليه. فمواقف ماكرون أوحت بأن ثمة لغة عنيفة وجدية تجاه "حزب الله"، قد تترجم بطرق عدة ومنها العقوبات. كما أنها تلتقي مع التوجه الأميركي والسعودي لناحية الضغط عليه، ولو أن ماكرون حاول افتعال تمايز ما عبر الإصرار على حفظ المكانة السياسية والإجتماعية للحزب وحركة "أمل" بوصفهما جزءا من التركيبة اللبنانية ولا يمكن إستبعادهما. 

لكن في المحصلة، ورغم كل الحديث عن ضرورة التغيير وتحميل الطبقة السياسية برمتها مسؤولية الإنهيار، فإن ماكرون يظهر أنه "نفض" يديه من مبادرته، وما تمديد المهلة سوى تحايل دبلوماسي واضح لعدم الإقرار النهائي بفشلها. 

أمام هذا الواقع باتت الساحة اللبنانية مفتوحة على كل السيناريوهات: 

اولاً: لا حكومة في المدى المنظور، أقله حتى تنجلي صورة الإنتخابات الأميركية التي قد تعيد خلط الأوراق الإقليمية في حال أصبح ترامب خارج البيت الأبيض. 


ثانياً: كل ما سيثار من نقاشات وتصريحات وردود فعل خلال الأسابيع المقبلة، لن تعدو كونها "حرق وقت" حتى جلاء الصورة، علماً أننا سندخل في حفلة من المزايدات والإتهامات المتبادلة وزجل لبناني سقيم حول الوطنية خاصة مع الإصرار الأميركي على رفع عدد أسماء السياسيين الذين سيدرجون على لائحة العقوبات. 

ثالثاً: لن يكون أمام الجميع سوى القبول بحكومة حسان دياب كأمر واقع، فتقوم بتصريف الأعمال، لكن هذا لن يعفيها من تلقي سهام الإنقسام اللبناني الآتي. 

رابعاً: سنكون أمام حالة من الإهتراء غير مسبوقة، إقتصاديا واجتماعيا، وفي حين ستكون الحكومة عاجزة عن المعالجة، ستترك الساحة لكل أنواع الجمعيات غير الحكومية لسد الفراغ، مما سيفاقم أزمة الثقة بين اللبناني ودولته. 

خامساً: لن يتمكن الرئيس من تشكيل أي حكومة قريباً في حال قرر ذلك، كون العقد الرئيسية لا تزال على حالها. فالفيتو الاميركي – السعودي على "حزب الله" سيظل قائماً فيما ثنائي حركة "أمل" و"حزب الله" سيصبحان أكثر تشددا في ما يخص مكانتهما وقوتهما خاصة بعد العقوبات وتلك المحتملة التي ربما تطال الرئيس نبيه بري شخصياً. 

سادساً: انكشاف الساحة اللبنانية معطوفاً على جو من الرداءة سيكون مفتاحاً للفوضى. وما المعارك التي تخاض ضد "داعش" اليوم الا عينة صغيرة عما يمكن ان نشهده خلال الفترة المقبلة من خضات أمنية محتملة. 

سابعاً: فوز ترامب بولاية رئاسية ثانية سيعني الإندفاع نحو مزيد من الأزمات في الإقليم. اما خسارته فقد لا تجلب لنا النتائج المرجوة. ذلك أن البديل، وهو جو بايدن، قد لا يجد نفسه مضطرا لتقديم تنازلات في وقت باتت فيه ايران محاصرة بقوة، وإسرائيل اكثر نفوذا بعد اتفاقيات التطبيع الحاصلة والآتية لاحقاً. كما ان الرهان عليها قد يكون مكلفاً فعلاً، ويذكرنا بفترات الإنتظار التي كان يعيشها رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات مترقبا فوز حزب "العمل" على "الليكود". 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى ترامب يطالب بايدن بإجراء اختبار معرفي بسبب قرارته “المريعة”