ناصيف حتي يحزم حقيبته الديبلوماسية اليوم ويغادر... خلاف مع باسيل أشعل الأجواء وكلام دياب عن لودريان سرع الاستقالة

ناصيف حتي يحزم حقيبته الديبلوماسية اليوم ويغادر... خلاف مع باسيل أشعل الأجواء وكلام دياب عن لودريان سرع الاستقالة
ناصيف حتي يحزم حقيبته الديبلوماسية اليوم ويغادر... خلاف مع باسيل أشعل الأجواء وكلام دياب عن لودريان سرع الاستقالة
لم تكن نهاية عطلة عيد الأضحى في لبنان على خير، بل ان الحكومة ومع اول يوم عمل بعد العطلة تستعد بكل قواها الى تلقي صفعة قوية وخضة هي الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة، منذ منذ تشكيلها قبل سبعة أشهر، ذلك ان المعلومات التي توافرت تشير الى اتجاه جدّي لدى وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي الى تقديم استقالته اليوم الى رئيس الوزراء بكتاب معلل لم يتمكن أي مصدر معني أو قريب من الوزير حتي من ان يقف على مضمونه. 

وما لم تحصل مفاجآت في اللحظة الأخيرة، فإن الاستقالة ستغدو أمراً واقعاً اليوم يتعين على الحكومة مواجهته اذا فشلت محاولات ثني حتي عنها. فالديبلوماسي المخضرم الذي لم يتنازل يوماً عن مبدأ التقرب من جميع الدول، لطالما نادى بالحياد الايجابي وبعدم إقحام لبنان كطرف في الاصطفافات الاقليمية والدولية، لا بل كان متمسكاً بدعوته الى استحداث دور جديد للبنان في المحافل الدولية كإطفائي للنزاعات في المنطقة، خاب ظنه على نحو عميق عندما أيقن أن عزلة دولية فرضت على لبنان نتيجة انحياز طرف فيه الى محور.

أسباب استقالة حتي
وفي حين تتكتم المعلومات حول الاسباب الكامنة وراء الاستقالة، الى حين اعلانها من قبل الوزير بعد لقائه رئيس الحكومة، أشارت المعلومات المتوافرة لدى "النهار"الى ان تراكمات عدة حيال مسألة العرقلة الحاصلة للإصلاحات التي كان حتي أكثر الوزراء دراية بموقف الأسرة الدولية والدول التي تدعم لبنان في شأنها تشكل أساساً لموقفه الدافع الى الاستقالة، بما يعني ان الوزير صار على اقتناع بأن الواقع الحكومي فقد المبادرة في تنفيذ الالتزامات التي قطعتها الحكومة على نفسها. كما يرجح ان يكون الوجه الثاني للأسباب التي تدفع حتي الى الاستقالة متصلاً بواقع العمل الديبلوماسي والمداخلات السياسية التي شابته بقوة وأثرت على مسار عمل الوزير وأخرجته عن التزاماته المستقلة.

ومن الأسباب، وفقا لمصادر مقرّبة من حتي لـ"اللواء" ان استقالته "لها علاقة بتعاطي الرئيس دياب مع الوزير لودريان".

إلا أنّ هذه الاستقالة غير مرتبطة فقط بالمواقف من وزير خارجية فرنسا ولا من تطويقه في ملف التشكيلات والتعيينات الديبلوماسية، حيث برز خلافٌ بينه وبين النائب جبران باسيل، بل من قضايا أخرى أيضاً ومنها إثارته في جلسة مجلس الوزراء التي أقرت فيها الحكومة خطة عودة النازحين إلى سوريا جملة من الاعتراضات على مضمون الورقة "التي ألغت دور الديبلوماسية اللبنانية في هذه المسألة الكيانية"، وفق رأي حتي.

في الموازاة، تؤكد أوساط ديبلوماسية لـ"نداء الوطن" أنها أسباب متعددة ومتشعبة، وتوضح أنّ "كيل حتي طفح من الممارسات السياسية الطاغية على الأداء الحكومي"، مشيرةً إلى أنه "الأجدر بشرح أسبابه لكنّه على الأرجح بلغ مرحلة شعر فيها بانعدام الانسجام بين موقعه الحالي وبين علاقاته السياسية وتاريخه الديبلوماسي". وقياساً على تقييمه لأكثر من محطة واجهته في الحكومة وفي قصر بسترس حيث "استشعر بأن وزارة الخارجية أصبحت مهمّشة وتحولت إلى أشبه بالجزيرة المعزولة عن كل عمل ديبلوماسي الأمر الذي راكم المآخذ لديه ودفعه إلى الاستقالة"، تشي المعلومات المستقاة من مصادر موثوق بها بأنّ حتي بات أقرب إلى الخلاصة التي وصل إليها المجتمع الدولي وعبّر عنها من بيروت وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان لناحية تأكيده أنّ الحكومة القائمة في لبنان لا تساعد نفسها ولا تتجاوب مع متطلبات المرحلة وتحدياتها، بينما على المستوى الشخصي من القرار فإنّ المصادر تؤشر بالإصبع إلى مسؤولية مباشرة يتحملها رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل في "تهشيل" خليفته عن كرسي الخارجية عبر سلسلة من التدخلات الممنهجة في آلية عمل الوزارة وآخرها في ملف التشكيلات الديبلوماسية الذي يريد باسيل بسط سطوته عليه بكامل تفاصيله، وهو في هذا المجال كان قد دفع باتجاه الخروج عن الآليات المعتمدة لتعيين أكثر من إسم مقرب منه سفيراً لدى عواصم دول القرار لا سيما في واشنطن حيث يصرّ على استباق إحالة السفير غابي عيسى إلى التقاعد بتعيين هادي هاشم خلفاً له.

أما على صعيد مواقف حتي المتصاعدة في الآونة الأخيرة والتي بدت جلياً أنها تغرد خارج سرب المنظومة الحاكمة وخصوصاً في مقاربة مسألة الحياد الإيجابي وغيرها من المسائل السياسية والسيادية والديبلوماسية، فكشفت المصادر أنّ الصاعق الذي فجّر قنبلة الاستقالة تمثل بإقدام رئيس "التيار الوطني" على الاتصال بوزير الخارجية إثر إطلالته التلفزيونية الأخيرة مع الإعلامي مارسيل غانم وتوجه إليه "بعبارات من التأنيب الصريح على المواقف التي أطلقها بلغت مستوى التجريح، فكانت تلك "شعرة معاوية" التي قطعت بين الجانبين ليحسم وزير الخارجية أمره باتجاه تقديم الاستقالة".

ما قبل الاستقالة
وأشارت معلومات لـ"الأخبار" الى وجود محاولات تولاها بشكل خاص سفير لبناني سابق، بالنيابة عن الأميركيين. لكن الضغوط الرئيسية أتت من جانب فرنسا، الدولة الغاضبة على دياب، الذي خاطبها بلغة لم تعهدها من رئيس حكومة لبناني سابقاً. كانت النصيحة بضرورة الخروج من المركب، طالما أن الحكومة عمرها قصير ولا أفق لها.

وعليه، عمد حتّي طيلة الأسبوع إلى إبداء رغبته في التخلي عن منصبه، احتجاجاً على أداء الحكومة في الملفات التي تتعلق بعلاقات لبنان الخارجية. وقد أبلغ قراره أمس إلى جبران باسيل، عبر اتصال هاتفي. كذلك أبلغ حتي إدارة الوزارة بقراره، مشيراً إلى أن اعتراضه الأساسي هو على سلوك حسان دياب تجاه ما يسمّى "المجتمع الدولي". وأشار إلى أن بيان الاستقالة لن يوجّه ضد جبران باسيل بل ضد السياسة المتّبعة من دياب. واعتبر أن استمراره في منصبه ينسف "البورتفوليو" الذي راكمه على مدى عشرين سنة. كذلك، أكد مدير مكتب وزير الخارجية هادي هاشم أن حتّي سيقدم استقالته إلى رئيس الحكومة، بسبب عدم تقدم الحكومة في عملها.

مصادر مطلعة أكدت لـ"الأخبار" أن حتي أسرّ إلى إحدى زميلاته في مجلس الوزراء أنه غير راض عن أداء الحكومة التي لم تحقق أي إنجاز منذ تأليفها، وعبّر عن انزعاجه من تغريدة رئيس الحكومة حسان دياب بشأن زيارة وزير الخارجية الفرنسي الى لبنان، والتي قال فيها إن لدى الوزير الفرنسي "نقصاً في المعلومات لناحية مسيرة الإصلاحات الحكومية في لبنان". وأكدت المصادر أن حتّي نفى للوزيرة وجود أي خلاف مع الوزير السابق جبران باسيل حول تعيينات دبلوماسية، مشيراً إلى أن موضوع التعيينات لم يُطرح للبحث.

مصادر أخرى أكدت أن السبب وراء استقالة حتّي انزعاج من تنامي الدور المعطى دبلوماسياً للواء عباس إبراهيم في التواصل مع بعض الدول على حساب وزارة الخارجية، وخلاف مع طريقة تعاطي رئيس الحكومة في السياسة الخارجية، "الأمر الذي بات يستنزف رصيدي المهني والدبلوماسي"، بحسب ما قال حتّي أخيراً في مقابلة مع برنامج صار الوقت". ولمّحت المصادر الى أن وزير الخارجية "ربما تلقّى إشارة غربية تشجعه على الاستقالة والقفز من المركب قبل أن يغرق، مع وعد بجائزة ترضية مستقبلاً".

اتصالات لتجنب الاستقالة
وافادت مصادر وزارية لـ"اللواء" ان عددا من الوزراء اجرى امس اتصالا بوزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي من اجل التمني عليه العودة عن رغبته بالاستقالة. وقالت: انه جدي في هذا الأمر. مشيرة الى ان الوزير حتي علل هذه الرغبة بأنه لم يعد قادرا على لعب الدور الذي يطمح له وانه مقتنع بقراره.

وعلم ان وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار كان قد اتصل بالوزير حتي وابلغ "اللواء" انه تمنى عليه العودة عن رغبته، وهناك جهد يبذل في هذا المجال  لأن الوزير حتي من خيرة الوزراء وهو يملك خبرة استثنائية في السلك الديبلوماسي ويشكل قيمة، كما انه عنصر ايجابي داخل الحكومة التي تغنى بحضوره.

واشار الوزير نجار الى ان هناك حاجة للتضامن الحكومي وقال ردا على سؤال عن امكانية استقالة عدد من الوزراء ان لا علم له بذلك والأمر مستبعد.

دياب ينتظر اللقاء
في المقابل، نفى رئيس الحكومة حسان دياب للمتصلين به علمه بالاستقالة، كما نفى ان يكون الوزير حتي فاتحه بها. واذا كانت الاستقالة ستصير واقعاً اليوم، فإن الاجراء الطبيعي ان يحل محله زميله وزير البيئة والتنمية الادارية دميانوس قطار لكونه الوزير الوكيل الى حين تعيين وزير أصيل. وهذا التكليف يضيء على مشكلة جديدة قديمة، ذلك ان دياب اقترح بداية تعيين قطار للخارجية، لكنه جوبه برفض اكثر من طرف سياسي، خصوصاً "التيار الوطني الحر" باعتبار الموقع يمكن ان يشكل بوابة عبور الى رئاسة الجمهورية، وهو ما لا يرغب فيه فريق رئيس الجمهورية، ما يحتم تعيين وزير أصيل بدل حتي في وقت قريب، وعدم ترك الخارجية ملعباً لقطار، أو الاصرار على تكليف وزير آخر بذريعة ان قطار يمسك بحقيبتين معاً.

وإذا كانت مصادر "السراي" عمّمت معلومات إعلامية مساءً، بحسب "نداء الوطن" تفيد بأنّ رئيس الحكومة سيدعو وزير الخارجية إلى التريث في قراره، فإنّ مصادر "التيار الوطني الحر" سارعت إلى احتواء المشهد بإشاعة أنباء وأجواء مناهضة تؤكد جهوزية البديل في وزارة الخارجية مع تسريب أسماء مستعدة لتولي المهمة من الدائرة العونية وأبرزها المستشار الديبلوماسي في قصر بعبدا السفير السابق شربل وهبي، وذلك بالتوازي مع التلويح بإمكانية الاستفادة من فرصة استقالة حتي لإجراء تعديلات وزارية تقطع الطريق على أي استقالات مشابهة محتملة.

وترددت معلومات لـ"اللواء" بأن خلافا نشب بين الرئيس دياب وجبران باسيل حول من سيتولى حقيبة وزارة الخارجية، باعتبار ان الاول يرغب في  تولي الوزير ديميانوس قطار وهو الوزير المخول بذلك بالوكالة حسب مرسوم التعيين، في حين يعارض باسيل هذا التوجه ويطالب بتعيين المستشار الدبلوماسي في قصر بعبدا السفير وهبي كوزير اصيل بموجب مرسوم يصدر في هذا الخصوص. 

وعلم ان حزب الله دخل على خط الاتصالات لتسوية الخلاف حول تعيين البديل عن الوزير المستقيل في الوقت الذي لا يخفي تأييده لتوجه باسيل بتعيين وهبي لشغل هذه الحقيبة.
حتي أول المبادرين

من جهة أخرى، لم تستبعد مصادر سياسية متابعة لـ"النهار"، ألا تقتصر الاستقالة على حتي، بل ان يشكل أول المبادرين، خصوصاً أن أكثر من وزير بدأ يشعر بالضيق، ومن بينهم وزيرة العدل ماري كلود نجم، ووزير الطاقة ريمون غجر.  وتناولت المصادر بنوع من الشماتة كتاب التعهد لعدم الاستقالة الذي طالب به الرئيس دياب الوزراء لدى صدور مرسوم تأليف الحكومة.

في المقابل، أكدت مصادر مطلعة أنه ليس مطروحاً أي تعديل وزاري، لا عند دياب ولا عند باسيل، وبالتالي فإن استقالة حتّي ليست جزءاً من تعديل وزاري، وإن قد تكون فاتحة استقالات أخرى. وعلمت "الأخبار" أن كلاً من دياب وباسيل باشرا العمل على امتصاص تأثير هذه الخطوة سريعاً. وتردّد في هذا السياق أن اسم البديل صار جاهزاً، مع البدء بتداول اسم مستشار رئيس الجمهورية السفير السابق شربل وهبي، الذي كان أميناً عاماً للوزارة.

التيار غير راض
أما على المقلب الآخر، فتنتقد مصادر ديبلوماسية مقربة من "التيار الوطني الحر" قرار حتي ولا تتردد باتهامه "بالهروب إلى الأمام لتنفيذ أجندة خاصة ولطموحات شخصية"، وتقول لـ"نداء الوطن": "يعلم الجميع كيف دخل وزير الخارجية إلى الحكومة وهو لم يحقق أي إنجاز يُذكر لا في الحكومة ولا في وزارته بل سجّل "صفر انتاجية" وامتهن مسايرة الجميع من دون اتخاذ أي موقف في أي ملفّ، ليصبح لقبه وزير اللاموقف"، معتبرةً أنّ مقابلته الملتفزة الأخيرة "إنما جاءت تمهيداً لخطوة الاستقالة بغية نفخ حجمه وبيع استقالته بأعلى سعر ممكن وتقديم أوراق اعتماد بذلك لدى المجتمعين العربي والدولي، في حين أنّ خطوة الاستقالة لا تعدو كونها تجسّد تهرّباً واضحاً من المسؤولية وتسجيلاً للبطولات الفارغة من أي مضمون".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى ترامب يطالب بايدن بإجراء اختبار معرفي بسبب قرارته “المريعة”