أخبار عاجلة
حركة الأسواق التجارية خجولة! -

"قرص العسل" غريزة حب السلطة

"قرص العسل" غريزة حب السلطة
"قرص العسل" غريزة حب السلطة

كتب المفكر والإعلامي والديبلوماسي الراحل واجد دوماني في العديد من الصحف والمجلات، وأغنى صفحاتها بما كتب عن الفكر والأدب والثقافة والإعلام والسياسة والصحة والإنسان وشؤون الحياة، بأسلوب يعتمد العمق والبساطة والسلاسة والأناقة في آن، وينبع من غنى الثقافة وغزارة الإطلاع وعمق التجارب.

بعض مقالاته يعود إلى الستينيات، ومع ذلك فإن القارىء يتفاعل معها وكأنها كتبت اليوم، ولقد اختار"لبنان 24" إعادة نشر هذا المقال، وعنوانه: "قرص العسل" غريزة حب السلطة:

"قرص العسل" غريزة حب السلطة

بعض الناس... أو الكثيرون.. يعتقدون بأن السلطة هي مفتاح كل شيء... المال، النساء، الشهرة، الوجاهة كلها تكون في متناول رجل السلطة.. والكثيرون يلتمسون من صاحب السلطة.. الرضا... ولا يترددون في تقديم الخدمات حتى يكونوا قريبين من "قرص العسل" الذي يصنعه رجل السلطة.

والواقع أن هناك فريقين من الناس الفريق الأول صاحب السلطة.. والفريق الثاني هم الناس الذين ينفذون الأوامر... وبين صدور الأوامر، وتنفيذها تتحقق المتعة التي يحس بها صاحب السلطة وحده... ومن المعلوم أن كل إنسان في أعماقه ينزع إلى السلطة.. ولكن النزوع قد يكون عند البعض أقوى منه عند البعض الآخر.. فهذه النوعية من البشر، النزاعة إلى السلطة السياسية خاصة، المتلهفة لها، المتفانية فيها، الزاحفة نحوها، بهدف بلوغها، وامتطاء صهوتها، لا تتردد في التخطيط والتآمر، والتحايل، والنضال في ركوب هذا الجواد... (جواد السلطة).

إن ظاهرة "السلطة" هذه قد أثارت اهتمام علماء النفس والاجتماع في الولايات المتحدة فقام البروفسور "دافيد ماك كيلاند" من جامعة هارفرد... والبروفسور دافيد وينتر من جامعة ويسليان.. بوضع دراسة تجريبية لعدد من النماذج البشرية في محاولة تستهدف سبر أغوار النفس البشرية، للكشف عن الحقائق غير الظاهرة التي تسكن في مخيلة البعض وخاصة عند أولئك الرجال القادة الأذكياء والدهاة.. الذين يستبد بهم نوع من الهوس.. فيخرج عاشق السلطة عن السيطرة على نفسه، وقد يقوده الفشل في الحصول على السلطة إلى ممارسة سلوك منحرف ينعكس على الآخرين بشكل "نزق" وقد يدفعه أحياناً إلى تحطيم ذاته أو إلى تخلي أعوانه وأصدقائه عنه، وقد ينتهي عند البعض إلى الانتحار... بعض هؤلاء الذين يعيشون تحت هاجس السلطة، والوصول إليها، مهما كان الثمن... يتعرضون لهذا الهزات النفسية، بعكس السياسيين الناجحين المتحررين من هاجس السلطة... حيث لا يخضعون لهذا النوع من الهوس وذلك بسبب ممارستهم اليومية لتنفيذ أوامر الحاكم أو الرئيس.. بشكل طبيعي..

فغريزة السلطة بالنسبة للفرد طبيعية وفطرية.. كل إنسان بفطرته نزاع إلى نوع من السلطة، في منزله، ومكتبه، ومؤسسته... والتاريخ يحدثنا عن أشخاص استبد بهم هاجس السلطة، وتحول إلى نوع من الهوس، وأخذ ينعكس على سلوكهم عند ممارسة سلطاتهم، وكثير من القرارات والمواقف التي تصدر عن رجل السلطة (المتهوس) تكون خطيرة، ونتائجها مدمرة، وحصيلتها الفشل، إن علماء النفس والاجتماع في أميركا، درسوا نفسيات بعض الشخصيات التاريخية التي لعب (هوس) السلطة في سلوكها.. فتوصلوا إلى الحقيقة... الآتية:

"إن النزعة إلى السلطة ظاهرة طبيعية عند كل إنسان... وعندما تكبر هذه النزعة، وتتجاوز حجمها الطبيعي.. تتحول إلى نوع من "المرض"... ولا تكتشف حقيقة هذا المرض ويتأكد من نوعيته، إلا بعد بلوغ الفرد لمنصب ما... وخاصة إذا كان هذا المنصب قيادياً، وقاعدة الذين يتلقون الأوامر "عريضة".

في هذه الحالة.. يخضع هذا الفرد للتجربة.. من خلال المغريات التي تفرزها "السلطة" فإما أن يسقط في مستنقع هذه المغريات، ويستسلم لها، ويغرق فيها، وإما أن يقف في وجهها، ويصمد أمامها... ويؤكد علماء النفس... أن الأكثرية من أصحاب "السلطة" ينهارون.. ويتحولون إلى شخصيات أخرى منفصلة عن شخصياتهم الأصلية ومختلفة جداً بسبب خضوعهم لروح السلطة، هذه الروح وحدها هي التي ترسم لهم سلوكاً خاصاً، بل تفرض عليهم هذا السلوك الجديد... الذي اسمه "سلوك السلطة".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى ترامب يطالب بايدن بإجراء اختبار معرفي بسبب قرارته “المريعة”