في غضون ثلاثة أشهر من الآن، ستُعقد الانتخابات الرئاسية في روسيا. ويعتبر الرئيس الحالي، فلاديمير بوتين، المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات، حيث يشغل منصب الرئيس الفعلي للبلاد منذ سنة 2000، إلا أنه ابتعد قليلاً عن هذه المهمة خلال هذه الفترة، ليلعب دور رئيس الوزراء.
وقد كشفت تسريبات من مكتب رئيس الكرملين، عن بعض التفاصيل الغريبة حيال العملية الانتخابية، ومن الواضح أن الأمور لا تسير بشكل جيد، إذ يتوقع أن تقل نسبة المشاركة في الانتخابات لنسبٍ غير مسبوقة، بحسب تقرير صحيفة Bild الألمانية.
فحسب التسريبات، هناك أمر يزعج مستشار الرئيس الروسي بشدة، لخّصه الكاتب الألماني، برتولت بريشت في قوله: "تخيل أن تُجرى انتخابات في دولة ما دون أن يذهب ناخب واحد إلى مكاتب الاقتراع".
في الحقيقة، يخشى الخبراء الاستراتيجيون في الكرملين من ضعف الإقبال في الانتخابات القادمة، الأمر الذي من شأنه أن يجعل فوز بوتين "المتوقع" باهتاً. من جانبه، يطمح بوتين من خلال فوزه في الانتخابات القادمة إلى أن يصبح "مرشح الشعب"، مما سيدفعه للترشح هذه المرة مستقلاً وبعيداً عن أي مظلة حزبية.
في الواقع، تعتبر أصوات الناخبين آخر ما قد يقلق بوتين، ولكن المشكلة تكمن في كيفية دفعهم من أجل الذهاب للاقتراع. ومنذ شهور، يسعى الكرملين لبلوغ هدفه المسمى "70/70"، أي أن تصل نسبة المشاركة في الانتخابات إلى 70%، وفي الوقت ذاته، يتحصل بوتين على 70% من أصوات الناخبين.
ومن أجل تحقيق هذه النسبة لصالح بوتين، من المفترض أن تصل نسبة المشاركة في الانتخابات إلى 80%. ولكن كيف سيواجه بوتين عزوف الناخبين عن الانتخابات؟ وفي هذا الشأن، استطاعت صحيفة Bild الألمانية الحصول على جواب لهذا السؤال، حيث كشفت أن بوتين يخطط للقيام بمسابقة "سيلفي"، من أجل حفظ ماء وجهه في الانتخابات.
الخوف من الإحراج
يعتبر فلاديمير بوتين السياسي الوحيد الذي يسير على طريق معبّد في اتجاه ولاية جديدة. فقد استبعد أخطر منافسيه، أليكسي نافالني، من الانتخابات، علماً أن الفرق بين نافالني وأقرب منافسيه يعد أكثر من 50% في كافة استطلاعات الرأي. فضلاً عن ذلك، يستحوذ بوتين على المساحة الأكبر في التلفزيون الرسمي الروسي، بينما لا يحظى المرشحون الآخرون سوى بوقت قصير من البث.
في الأثناء، تنتشر الدعاية الانتخابية الخاصة ببوتين في كل مكان، في حين لا يتوقع أحد في روسيا بأسرها وجود مرشح آخر في الانتخابات القادمة. في المقابل، قد يحمل هذا الأمر في طياته جانباً سلبياً بالنسبة لبوتين نفسه.
ففي الواقع، يخشى الكرملين أن يفضل الناخبون البقاء في منازلهم وعدم الذهاب إلى مكاتب الاقتراع، نظراً لمعرفتهم المسبقة بالنتيجة النهائية للانتخابات. وبالتالي، سيطيح الإقبال الضعيف للناخبين بكافة شعارات بوتين، على اعتباره "مرشح جميع الروسيين"، أو "مرشح الشعب".
منافسات بوتين الشقراوات
تعتبر المذيعة الروسية الجميلة، كيسينا سوبشاك، صاحبة 36 سنة، وكذلك الصحفيّة الشقراء إيكاترينا غوردون، صاحبة 37 سنة، أبرز المرشحين للفوز بكرسي الرئاسة في روسيا. ولكن هل يعد وجود منافستين شابتين مشهورتين فقط في السباق الانتخابي من قبيل الصدفة؟
يعتقد غالبية الروس أن الكرملين دفع المرشحتين لتقديم أوراق ترشحهما لمنصب الرئيس، بهدف تهدئة الأجواء الانتخابية، وإضفاء صفة "المنافسة" على الانتخابات.
عموماً، لا يعتقد أحد في روسيا أن هناك مرشحاً في الانتخابات القادمة يمثل خطراً على الرئيس. وفي الأثناء، تحوم الشكوك حول مصداقية كيسينا سوبشاك، ابنة عمدة سانت بطرسبرغ، الذي يعتبر مستشار بوتين المقرب للغاية. وقد صرحت سوبشاك في التلفزيون في إحدى المناسبات أنها لن تنتقد بوتين أبداً.
ومن هذا المنطلق، يرى العديد من المراقبين أن دخول كيسينا سوبشاك سباق الرئاسة في الوقت الحالي يعتبر تكتيكاً من قبل الكرملين. من جانبه، يشكك بوتين في أن تجعل الشقراوات العملية الانتخابية أكثر إثارة، أو أن تدفعن الروسيين للمشاركة في الانتخابات. عموماً، يرغب بوتين، في الوقت الحالي، في إغراء الناخبين من أجل المشاركة.
كيف سيدفع بوتين الناخبين للإقبال على الانتخابات؟
حسب وسائل إعلام روسية، وضع الكرملين خطة محكمة بغية تحقيق هدف "70/70". ويعتبر الجزء الخاص بمسابقة "سيلفي يوم الانتخابات" الأكثر غرابة في هذه الخطة.
ووفقاً لوكالة الأنباء الروسية RBC، تهدف هذه المسابقة إلى التقاط صور السيلفي أمام لجان الاقتراع في يوم الانتخابات، ورفعها على موقع إنستغرام. إثر ذلك، ستختار لجنة التحكيم أفضل الصور التي التقطت في ذلك اليوم، حتى يحصل الفائزون على أجهزة "آي فون"، "وآي باد"، وأجهزة إلكترونية أخرى عالية الجودة.
لا تعتبر مسابقة "سيلفي يوم الانتخابات" الهدف الذي يسعى وراءه الكرملين، بل يطمح لأبعد من ذلك، حيث يرغب في أن يتسم هذا اليوم بطابع احتفالي. ففي الحقيقة، يتوجب على الآباء اصطحاب أبنائهم إلى لجان الاقتراع، والمشاركة في بعض الألعاب المعدة لهم خصيصاً، على غرار مسابقة الأسئلة السياسية، وركل الكرة لإحراز الهدف. ومما لا شك فيه، يكمن الهدف من وراء ذلك في حضور كلا الأبوين من أجل الإدلاء بأصواتهم.
ولعل الخطوة الأكثر يأساً تتمثل في إجراء استفتاء في المدارس الروسية، ضمن الحملة الانتخابية لبوتين، حتى يعبّر الطلبة عن مدى رضاهم عن المدرسة. وعلى الرغم من أن هذا الاستفتاء غير إجباري، إلا أن الكرملين يأمل أن يكون له أثر على إقبال الناخبين. ويتمثل الغرض من وراء هذا الاستفتاء، أن يحدث نقاش بين الآباء والأبناء، وقد يتطرق الحديث إلى القضايا السياسية، ومن ثم إلى مسألة المشاركة في الانتخابات.
(هافينغتون)