هذا الموقف الصريح للرئيس الحريري، سيؤدي حتماً الى اعادة خلط للأوراق الحكومية، وهذا ما دعا مصادر مطلعة الى التأكيد عبر "اللواء" ان لبنان يمر بأزمة تأليف مفتوحة، تنتظر جلاء الغبار الإقليمي، وعودة الرئيس المكلف لاستئناف الاتصالات، في ضوء جمود يضرب الموقف، وإن تحدثت مصادر نيابية عن اتجاه لزيارة وفد من كتلة الوفاء للمقاومة إلى بعبدا.
وعلى وقع هذا الترقب ترددت معلومات، أن موفداً إلى بيروت هو Amelien Le Chevalier سيصل لبنان ومن المحتمل ان يتطرق في لقاءاته إلى الوضع السياسي، بما في ذلك تأخر تأليف الحكومة.
التشكيل والعقوبات على ايران
وعلى الرغم من اقتناع كثير من المراقبين أو المعنيين بموضوع تأليف الحكومة، بأن الأزمة الحكومية المستجدة، أو المفتعلة، ليست في وارد إيجاد الحلول لها، قبل ان تتبلور مفاعيل العقوبات الأميركية على إيران، فإن بعض المعلومات تحدثت عبر "اللواء" عن إمكان ان يشهد الأسبوع الطالع اتصالات ولقاءات لحلحلة عقدة تمثيل النواب السنة المستقلين، في حال عودة الرئيس الحريري من باريس، علماً ان هذه الاتصالات ستتركز اساساً على معالجة موضوع الخلاف في وجهات النظر بين الرئيس ميشال عون و"حزب الله"، على اعتبار ان حل هذا الخلاف يمكن ان يمهد أو يؤسّس لصيغة حل من شأنها ان تفتح "كوة" في موضوع تمثيل النواب السنة من خارج تيّار "المستقبل"، إلا إذا أراد "سعاة الخير" الذين يعملون على رأب الصدع الذي أصاب العلاقة بين الطرفين، بعد الموقف الذي أعلنه رئيس الجمهورية في حواره التلفزيوني الأخير، على حصر وساطتهم في معالجة نقاط التباين من دون الدخول في معالجة موضوع الأزمة أو الخلاف، بقصد إبقاء الكرة في ملعب الرئيس المكلف، وليس في ملعب الرئيس عون أو «حزب الله»، الذي قالت مصادره أمس ان المشكلة ليست مع عون الذي نختلف معه في وجهات النظر، لكن ليست هناك قطيعة معه.
"سعاة الخير" غير متفائلين
وفي اعتقاد أوساط "سعاة الخير" ان موضوع الخلاف بين الرئيس عون و"حزب الله" يمكن إيجاد حلول له بالحوار أو عبر اتصال مباشر، وهو ليس مشكلة لدى الطرفين، في حين ان موضوع تمثيل النواب السنة الستة غير قابل للمعالجة في الوقت الراهن، على الرغم من وجود مقترحات عدّة ما زالت قيد التداول، لكن من دون ان يتبناه أحد كحل مقبول، وقد تحتاج إلى شهرين أو أكثر، ريثما تتضح ابعاد "الكباش الاقليمي" الحاصل في المنطقة سواء على صعيد العقوبات الأميركية أو إيجاد الحلول للازمات المشتعلة في اليمن وسوريا.
وقالت هذه الأوساط لـ"اللواء" ان المساعي التي تقوم بها أكثر من جهة، وخاصة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لم تصل إلى مرحلة إيجاد الحلول المقبولة، وانه لا مجال الآن للدخول في أية محاولات ناجحة قبل ان تبرد الأمور بين أطراف الأزمة، وبخاصة بين الرئيس عون و"حزب الله" وبين الرئيس الحريري والنواب السنة المستقلين.
التيار الوطني الحرّ: ما في شي ما بيتحرّك
في هذا الوقت، برز كلام وزير الخارجية جبران باسيل عن "الاستعداد لتقديم التضحيات" ليشكّل فجوة في حائط التأليف، واعتبرت مصادر في قوى 8 آذار عبر "الأخبار" أن الأمر يفتح باباً للحل ويؤشّر إلى نية باسيل للتحرك وإيجاد حلول. وفيما أكّد عاملون على خط الاتصالات أن "الأبواب غير موصدة تماماً"، قالت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر لـ"الأخبار": "ما في شي ما بيتحرّك... المهم هو خفض السقوف العالية". وشدّدت على أن "الموضوع بين الحريري وحزب الله ولسنا معنيين به، ولكن يمكن أن نكون مساعدين في إيجاد الحل". فيما على ضفّة تيار المستقبل، من ينتظر اتصالاً من باسيل بالحريري، أو حتى إمكان زيارة وزير الخارجية باريس للقاء الرئيس المكلّف والبحث في سبل الخروج من المأزق.
حزب الله: الاتصالات مستمرة
من جهة أخرى، قال مصدر وزاري مطلع على مسار التأليف لـ"النهار" إن موقف "حزب الله" من التمثيل السني ليس طارئاً، بل هو مطلب قديم، وكان يمكن حله بالحوار، الّا ان أي جهة رسمية لم تأخذ هذا المطلب في الاعتبار. وأضاف أن تمسك "حزب الله" به وتعطيل تأليف الحكومة يقرأ كالاتي: ان الحزب غير مستعجل تأليف الحكومة كما يعتقد البعض باعتبارها غطاء له قبيل العقوبات على ايران، والحزب ليس في وارد التخلي عن حلفائه الا اذا ارتضوا حلاً مختلفاً، والحزب مصرّ على المعايير الموحدة التي اعتمدت مع العقدتين الدرزية والمسيحية. ورأى المصدر ان ولادة الحكومة باتت من دون موعد في انتظار اتصالات الاتي من الايام بعد عودة الرئيس الحريري.
ورات الأوساط السياسية عبر "الحياة" أن عقدة تمثيل نواب 8 آذار لا يمكن أن تطول وبالتالي لا بد من أن يجد التحالف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبين "حزب الله" الذي يتمسك بتمثيل هؤلاء، المخرج المناسب خلال أسبوع أو 10 أيام، لأن الوضع لا يحتمل تأخيراً أكثر.
ويذهب الخبراء الدستوريون عبر "المستقبل" إلى اعتبار ما يجري انتهاكاً للدستور واتفاق الطائف بأن تُفرض على رئيس الحكومة شروط وطلبات في استحقاق يُفترض أنّ استشاراته ليست مُلزمة أصلاً. وبالمحصلة فالنتيجة واحدة إنّ "حزب الله" لم يلاقِ الرئيس الحريري في مبادراته من أجل ولادة الحكومة لأنّ الحزب "الإقليمي" ربما لا يريدها أن تبصر النور.
وأوضحت مصادر في حزب الله ان المشكلة ليست مع الرئيس عون الذي له وجهة نظر في توزير أحد السنة المستقلين تختلف عن وجهة نظر الحزب، وان الموضوع هو لدى الرئيس المكلف المعني بالتوزير وبتشكيل الحكومة. أما العلاقة مع رئيس الجمهورية و"التيار" فهي علاقة ممتازة. لكن مصادر أخرى حملت "تيار المستقبل" مسؤولية عدم الافادة من رفع "حزب الله" البطاقة الحمراء في وجه رئيس الجمهورية لعدم السماح له بنيل 11 مقعداً وزارياً مع فريقه.
وبحسب أوساط "اللواء"، فإنه من غير المرتقب ان يصل الاختلاف بين الرئيس عون و"حزب الله" إلى حدّ القطيعة، إنما هناك اختلاف في الرأي يتم حله بالتفاهم، بعدما تبرد الأجواء المحمومة، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما دفع مسؤولي "حزب الله" إلى التحفظ والهدوء والكتمان في التعاطي مع الموضوع، وإلى معالجته بعيداً عن الضجيج حتى لا يحصل تخريب للمساعي، فيما كان لافتاً للانتباه حرص أوساط رئيس الجمهورية على "تذويب" نقاط الخلاف.
وفي هذا الاطار، أشارت معلومات صحيفة "الأخبار" الى ان الاتصالات لم تنقطع أبداً بين الوزير باسيل ومسؤول وحدة الارتباط في حزب الله وفيق صفا.
بري: المشكلة موجودة منذ لحظة التكليف
الرئيس نبيه برّي شدد امام زواره مساء أمس على انه لا يرى جديداً على مستوى تأليف الحكومة، مؤكداً حرصه على ان لا تكون هناك أجواء مذهبية، لأن المشكل الموجود سياسي، لافتاً إلى ان تمثيل النواب السنة المستقلين موجود منذ تكليف الرئيس الحريري وليس موضوعاً طارئاً.
اكد الرئيس بري لزواره، بحسب "النهار" ان العقدة ليست سنية - شيعية، وأشاد ببيان المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى. وعلم ان بري بادر الى الاتصال بمفتي الجمهورية قبيل الاجتماع متمنياً عدم التصعيد خوفاً من انعكاس ذلك على الشارع.