نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للصحافية باربي لاتزا ناديو، تتساءل فيه عن سبب تفضيل المتشددين الترامادول على المادة المخدرة فيتانيل، التي قتلت المغني المعروف ببرنس، وعن الجهة التي تقوم بتوفيره لهم.
ويكشف التقرير، عن أن مادة الترامادول توفرها لهم عصابات المافيا الإيطالية "نادرانغيتا"، بحسب الشرطة المالية الإيطالية، التي قامت بمصادرة ما قيمته 100 مليار دولار من حبوب الترامادول، التي كانت في طريقها لمقاتلي تنظيم داعش في ليبيا، مشيرا إلى أنها عندما تصل إلى هناك فإنها إما تكون للاستخدام المحلي، أو تهرب من جديد إلى سوريا ومصر، أو تباع لمقاتلي جماعة بوكو حرام في نيجيريا.
وتنقل الكاتبة عن الصحافية مارتا سافريني، التي كشفت عن حجم هذه التجارة قبل فترة لصحيفة "كوريريا ديلا سيرا"، قولها: "تنتهي هذه المادة في يد اليائسين في غزة، وبائعات الهوى في عمان، وعمالة الأطفال في تركيا، وهي حبوب لمن يريد الهروب من البؤس".
ويشير الموقع إلى أن هذه الحبوب قد تجد طريقها إلى السوق الاميركية، لافتا إلى أنه بحسب قائمة إدارة مكافحة المخدرات عن المواد التي يمكن أن يساء استخدامها، مثل أل أس دي والماريجوانا وفيتانيل والكيتامين وتيلينول مع الكودين، فإن هذه تأتي في المرتبة الأولى والثانية والثالثة من حيث خطورة استخدامها، أما الترامادول فهو في المرتبة الرابعة.
ويذكر التقرير أن صحيفة "وول ستريت جورنال" وصفت الترامادول في تقرير عام 2016 بأنه "أزمة الأفيون لبقية العالم"، مشيرا إلى أنه بسبب العقوبات المخفضة التي تطبقها الولايات المتحدة، وتداول الجريمة المنظمة له، بالإضافة إلى الاحتياجات المالية التي يواجهها تنظيم داعش المحاصر، فإن المادة تتحول إلى المادة المخدرة المفضلة للمدمنين على الأفيون.
وتبين ناديو أن بيع الحبوب، التي تصل قيمة الواحدة منها في الشارع إلى 5 دولارات، أصبح في أوروبا وشمال أفريقيا واحدا من أهم التجارات الناجحة لعصابة نادرانغيتا في منطقة كالابريا الإيطالية، مشيرة إلى أن النائب العام المعادي لنشاطات المافيا في كالابريا غياتانو باسي، أكد الصلة بين عصابات كالابريا والجماعات الإرهابية، بعد اكتشاف شحنة ثالثة قيمتها ملايين الدولارات من حبوب الترامادول في ميناء جيويا تاورو، الذي تستخدمه عصابات المافيا لكل ما هو غير شرعي.
ويلفت الموقع إلى أن الميناء تعرض لمداهمات عدة، حيث يتم من خلاله تهريب كل شيء، من الآثار القديمة إلى الأجساد الميتة، حيث تصل قيمة المواد اليومية التي تهرب عبره إلى مليون دولار، مشيرا إلى أنه يتم إخفاء المواد المهربة كلها في صناديق فاكهة الأناناس والسمك المجمد وحليب جوز الهند، التي يتم نقلها بسرعة؛ نظرا للمدة الزمنية القصيرة للاستخدام.
ويفيد التقرير بأن الميناء استخدم عام 2014 لنقل 700 طن من السلاح الكيماوي السوري، بعدما قامت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بإخراجها لتفكيكها على متن البارجة الاميركية كيب ري، لافتا إلى أن البعض يعتقد أن اختيار المرفا للتهريب جاء بسبب الرقابة الشديدة فيه، فيما هناك من يقول إن أي شيء حدث خطأ فإن المنظمة ستحمل المسؤولية، و"لم يحدث أي خطأ في عملية نقل الأسلحة السورية، بحسب ما علم".
وتورد الكاتبة نقلا عن وكالة محاربة تهريب المخدرات الإيطالية، قولها إن نسبة 80% من الكوكايين الذي يصل من كولومبيا في طريقه إلى أوروبا، تمر عبر هذا الميناء الإيطالي، حيث يعد هذا الميناء من البوابات التي يتم من خلالها تهريب الأسلحة، مشيرة إلى أن ميناء جيويا تاورو أصبح المكان الرئيسي لنقل حبوب الترامادول، التي تنقل من مصانع الهند وسريلانكا، وتوزع على تنظيم الدولة في ليبيا.
وينقل الموقع عن باسي، قوله إنه تم العثور في تشرين الثاني 2017 على 24 مليون حبة مخبأة بين شحنة ملابس، كان يمكن أن تحصد 50 مليون يورو، بالإضافة إلى أنه تم العثور على شحنة صغيرة من الكابتغون، الذي يسمح باستخدامه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأضاف باسي لصحيفة "لاريببليكا": "كل شيء يمر عبر جيويا تاورو، وليس غريبا العثور على مواد مهربة من هذا النوع"، مشيرا إلى أن "الشرطة تعلم منذ وقت عن العلاقة بين مافيا نادرانغيتا ومنظمات الشرق الأوسط، وحتى بعدما أصبح الميناء أقل أمنا للمافيا؛ وبسبب التحقيقات استطعنا ملاحقة بعض الصلات، ونحاول جمع النقاط معا".
وينوه التقرير إلى أنه تم حجز شحنات مماثلة في موانئ يونانية بين عامي 2016 و2017، وتم إخفاء 37 مليون حبة بين علب الشامبو التي وصلت إلى ميناء جنوة في شمال إيطاليا، وكانت كلها في طريقها لموزع في ليبيا على علاقة مع تنظيم الدولة.
وتقول ناديو إن معظم حبوب الترامادول والكابتغون تأتي من الهند وسريلانكا، إلا أن هناك نسخا مزيفة منها تصنع في تركيا وبلغاريا، حيث يقول باسي إن مادة الترامادول عثر عليها في بيوت وأجساد مهاجمي مسرح باتكلان في عام 2015، وهجوم سوسة في العام ذاته.
ويوضح الموقع أنه عندما يتم مزج المادة بالكافيين فإن أثرها يصبح قويا، مثل مادة أمفيتامين، التي تقوم بإزالة الخوف والألم والإجهاد وتغير الحواس، لافتا إلى أن باسي عبر عن مخاوفه من مرور مادة الترامادول من خلال منطقة كالابريا، وفيما إن كان تنظيم الدولة يحضر لعمليات، أو أنه يوزع الحبوب على جماعة بوكو حرام.
ويورد التقرير نقلا عن مصدر في تحقيقات مكافحة المخدرات الإيطالية، قوله: "بالتأكيد ليست في طريقها إلى الليبيين، وسيستخدمها المقاتلون أو يبيعونها".
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أن صحيفة "الغارديان" ذكرت يوم الأربعاء أن الشرطة الدولية "إنتربول" حددت 50 من ناشطي تنظيم الدولة تسللوا عبر قوارب المهاجرين إلى أوروبا، منوها إلى أن وكالة مراقبة الحدود الأوروبية "فرونتكس" شنت قبل يوم واحد عملية أطلقت عليها اسم "تيمس/ آلهة النظام والقانون اليونانية".
(عربي 21)