شارك الرئيس حسين الحسيني، في اللقاء التشاوري حول الانتخابات النيابية الذي أقامه "الحزب الشيوعي اللبناني" قبل ظهر اليوم في مسرح المدينة.
وألقى الحسيني كلمة استهلها بالقول للحضور: "يسعدني أن أكون بينكم، يسعدني أن أكون معكم، وهل من العصبية أن يحب الرجل قومه؟ هذا السؤال، أجاب عنه الإمام علي بن الحسين، زين العابدين، إجابة، أحب أن أنقلها إليكم، قال: ليس من العصبية أن يحب الرجل قومه، إنما العصبية أن يرى شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين".
أضاف: "الحكمة السياسية، كما هي الحكمة الأخلاقية، إنما هي كامنة في ضمان المحاسبة، سواء في الأنظمة السياسية، أم في أخلاق النفس. والأمر الأكيد في السياسة هو استحالة الدولة الكلية، استحالة السلطة الكلية، بل خطر السلطة الكلية، التي تدعي تولي كل مسؤولية، اجتماعية أو روحية، تدعي تلبية كل حاجة، اجتماعية أو روحية، فإذا بها تسيطر على المجتمع، بدلا من تحريره من الحاجة، فإذا بها تلبي حاجة سيطرتها، بدلا من تلبية حاجة أفراده. وإذا بنا نرى ما نراه في هذه الأحوال، من فقدان للحيوية، ومن إفقار مادي ومعنوي. إن قوة الدولة المدنية التي نسعى إلى قيامها، ليست في أن نكون عبئا عليها، بل في أن تكون حيوية المجتمع المدني، التي على هذه الدولة أن تطلقها وتنميها، قوة لهذه الدولة. إن امتلاكنا لهذه الدولة، ليس هو، في الحقيقة، في مقدار تلبيتها لمطالب فئوية نتقدم بها، بل في مقدار عمل في بنائها، نشرع به، في مقدار مشروع شامل نحققه. إن وحدة هذه الدولة، ليست في مقدار الإكراه الذي نفرضه، بل في مقدار الأمل الذي تبعثه وتحييه. إن تحرير الأرض الذي نريد، ليس في الحقيقة بمقدار المال أو السلاح الذي نحمله، بل بمقدار الوحدة التي ننطلق منها".
وتابع: "إصلاح الدولة، نفع للجميع. نفع للجميع بدولة مستقرة، بدولة عادلة، بدولة قادرة، لا نفع فئة، ترى في الإصلاح نفعا فئويا، أو ضررا فئويا. أمن المجتمع، أمن الجميع، أمن الدولة، لا أمن فئة، والإرهاب على الفئة الأخرى، وإلا فهو إرهاب للجميع. العيش الكريم للجميع، ولن يكون إلا للجميع، وإلا فهو إفقار لكل واحد، كما نرى كل يوم، كأن الهاربين إلى الغنى، فروا إلى الفقر، كأن طلاب العدل، وجدوا الظلم، كأن من نشد الحرية، دخل السجن. إن منطق وعمل هذه السلطات الكلية الزعم، المشتتة الواقع، التي تفصل المناطق، وتشتت الجمع، التي لا ترى ضرورة في العودة إلى الناس، في تلمس إرادة الناس، قليلا بسبب الاندفاع، وكثيرا بسبب الاستغلال، التي تتجنب أن يحاسبها الناس، قليلا بسبب السهو، وكثيرا بسبب وقوع الذنب".
وختم الحسيني: "مهما يقال في الأسباب التي تتعدى إرادتنا، وتمنعنا من بناء الدولة، فإن هذه الأقوال، جزء من الحرب علينا، جزء من ضرورات استمرار هذه السلطات المشتتة. إن هذه البلاد، قد عرفت، وفي هذه السنوات الأخيرة، احتلالا عاتيا ما لبث أن تراجع عندما أردتم، إن هذه البلاد، ما زالت تتعرض، منذ بداية الحرب، لمحاولات تقسيم تنجلي في كل مرة عن وضوح الرؤية ذاتها، بأن الخلاص، إنما هو خلاص الجميع. إن اليأس لم يبلغ مبلغه، إلا عندما تراجعنا إلى حدود الفئة، وانغلقنا في حدود المطالبة، وفقدنا روح المبادرة. المهم أن نتمسك بهذه الرؤية، المهم أن ينجم عن هذه الرؤية، إرادة حياة، هي أرحب من أي امتياز أو مطلب. المهم أن ينطلق تيار مدني، لبناء دولة، في وجودها أمان جميع اللبنانيين، وفي عدلها رخاء جميع اللبنانيين. أما الأسباب التي تتعدى إرادتنا، فحدودها ما نريد وما نفعل".