التعصيب.. مزيج من الوراثة والسلوك المكتسب

التعصيب.. مزيج من الوراثة والسلوك المكتسب
التعصيب.. مزيج من الوراثة والسلوك المكتسب

كتبت ماري الأشقر في صحيفة الجمهورية:

مع البواعث الرئيسية للشدة (التعصيب) يسهل التعرّف إليها نسبياً، لأنّ الشدة غالباً ما تكون ناتجة عن خصومة علنية بين شخصين مثلاً. إلّا انّ المشكلة المتعلقة بالاحتكاكات اليسيرة تكمن في انها في اغلب الاحيان مشاكل خفية تجعل الانسان جاهلاً بها ومعرّضاً للأخطار التي تجلبها له.

قد لا تدركين مثلاً أن تعرّضكِ لزحمة من المواصلات هو السبب الحقيقي وراء تلف أعصابكِ التي تجعلك معرّضة لأبسط المؤثرات. وفي مثل هذه الحالة، قد تتلقّين نصيباً زائداً من مسببات الشدة، بحيث لا تكوني قادرة على احتمال المزيد منها ولو كان شيئاً تافهاً. فإذا كانت ردود الفعل الآنية تتجاوز حدود الواقعة التي تتعرّضين لها، فتلك هي نقاط الشدة الصامتة.

من الجائز أن يكون استعداد الناس للانفعال بالشدة الصامتة هذه، آخذ في الازدياد في هذه الايام. ويعود ذلك إلى حد كبير إلى ما يراه الناس ويسمعونه كل يوم من الأخبار المأساوية في شتى بقاع الأرض على شاشة التلفزيون أو عبر الراديو. فهذه الانباء السيئة تشوّه قدرة الانسان على رؤية الأحداث في صورة إيجابية. فإذا عُرضت مرة بعد مرة بمثابة وإلحاح، يمكن أن تسبب لك الإرهاق وتلف الأعصاب، وبالتالي، يبدو كل شيء أمامكِ يشكّل تهديداً.

كذلك، إنّ الطريقة التي تتفاعلين بها إزاء إحساسكِ بالشدة يمكن أن يؤدي إلى مضاعفة تأثير بواعث الشدة القائمة فعلاً، أي اذ كان التجاوب مع مشكلة تتخيلينها غير قابلة للحل، يتمثّل في الانكباب على الطعام أو الاستزادة من عدد السجائر التي تدخنينها أو في الشعور بالقلق، فإن الشدة الأصلية تتضخّم وتشتدّ أكثر فأكثر.

إذا سمحتِ للشدة بأن تستشري وتشتد في نفسك فقد يؤدّي ذلك إلى الاكتئاب. لأنّ انفعال الانسان بالشدة ليست دائماً طوع بنانه بل انه قد يكون (مبرمجاً) مركّباً في المؤثرات الوراثية عند الانسان. ويبدو أنّ الشدة مزيج من الوراثة والسلوك المكتسب. فعلى سبيل المثال إذا كان الشخص مستعداً للاصابة بالقروح الهضمية أو الآفات القلبية، أي انها كثيرة الحدوث لأفراد الأسرة الواحدة، فإنّ ذلك الشخص يصبح أكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض اذا كان يشعر بشدّة مزمنة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى دواء ضد الكوليسترول يقلل كمية “الملوثات الأبدية” في الدم