مُكمِّل لتعزيز علاج مشكلاتكم الصحّية

كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:

من المعلوم أنّ الناقل العصبي «سيروتونين» يساعد على إنتاج الكيماويات التي تضمن الشعور بالسعادة، ويرسل الإشارات بين الخلايا العصبية. وكي يتمكّن الجسم من إنتاجه، يستعين بمجموعة خطوات كيماوية بدءاً من الحامض الأميني «L-tryptophan». ومن بين الكيماويات المشاركة في تحويل «L-tryptophan» إلى سيروتونين، ما يُعرف بالـ«5-HTP». فما هو تحديداً، ولمَ أصبحت مكمّلاته أكثر شعبية؟

أشارت اختصاصية التغذية ناتالي جابرايان، في بداية حديثها لـ«الجمهورية»، إلى أنّ الـ»5-HTP» كان مُتاحاً فقط عن طريق الوصفة الطبية حتى عام 1995، عندما وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على اعتباره مكمّلاً لا يحتاج إلى وصفة طبية»، لافتة إلى أنّ شركات التصنيع تستمد هذا المكمّل من بذور نبات إفريقي، وهو غير متوافر طبيعياً في المأكولات.

وأوضحت أنّ «بعض الأشخاص يعتقدون أنّ الحصول على مكمّلات «5-HTP» يرفع نسبة السيروتونين في الجسم. واللافت في هذا السياق أنّ الأطباء قد ربطوا مُسبقاً قلّة السيروتونين بمشكلات صحّية كثيرة بما فيها الكآبة، والقلق، واضطرابات النوم، وزيادة الوزن. نتيجة هذا الواقع، فإنّ بعضهم ينصحون بتناول «5-HTP» جنباً إلى أدويتهم المُعتادة لتعزيز فاعلية علاج مجموعة حالات، وتحديداً:

النوم

إنّ أبحاثاً كثيرة عن تأثير «5-HTP» في النوم أُجريت على الحيوانات. على سبيل المثال، نظرت دراسة صدرت عام 2018 في «Nutrition Research and Practice» إلى انعكاسات «5-HTP» على مركّب «GABA» في الجسم، الذي يعزّز الاسترخاء، لدى مجموعة من الذباب والفئران. وقد استخدم العلماء الكافيين لتحفيز الأرق، ثمّ أدخلوا مزيج «GABA» و»5-HTP»، فوجدوا أنّ هذا الأخير ساهم في تحفيز النوم وتحسين جودته ومدّته.

خسارة الوزن

تناول «5-HTP» قد يدعم السلوكيات التي تساعد الشخص على خسارة الوزن أو الحفاظ على معدل وزن صحّي. إستناداً إلى بحث نُشر عام 2017 في «Brain and Behavior»، أعطى الباحثون 7 أشخاص يتمتعون بصحّة جيدة مكمّل «5-HTP»، وقدّموا لـ7 آخرين مكمّل الفيتامين C. ثمّ أجروا تصويراً بالرنين المغناطيسي أثناء إظهارهم للمشاركين مأكولات حقيقية وصوراً لها لمراقبة استجابة أدمغتهم.

وتبيّن أنّ استجابة الدماغ لمصادر البروتينات، التي تساهم في الحفاظ على وزن صحّي، كانت أكثر شيوعاً لدى المجموعة التي حصلت على مكمل «5-HTP»، ما دفع العلماء إلى استنتاج أنّ هذا المكمّل قد يساعد على فقدان الوزن من خلال خفض الشهيّة على الأطعمة غير الصحّية.

وبحسب دراسة أخرى صدرت عام 2012 في «International Journal of Eating and Weight Disorders»، تمّ إعطاء 10 نساء يعانين زيادة الوزن مكمّل «5-HTP» مدة 4 أسابيع، في حين حصلت 10 أخريات على دواء وهميّ خلال الفترة ذاتها. وتبيّن أنّ اللواتي حصلن على «5-HTP» شَعرن بمزيد من الشبع أو الامتلاء أثناء الأكل، ما ساهم في خفض كمية الطعام المستهلكة، فضلاً عن أنهنّ استطعن تقليص مؤشر كتلة أجسامهنّ (BMI).

الكآبة

من الشائع استخدام أدوية تمنع الجسم من تفكيك السيروتونين بُغية علاج الكآبة، وبالتالي زيادة نسبته الموجودة في الجسم. يعتقد بعض العلماء أنّ «5-HTP» قد يعمل بطريقة مُماثلة من خلال زيادة كميته في الجسم. حلّلت مُراجعة نُشرت في مجلّة «Intervention» عام 2002 نتائج دراسات أُجريت على «5-HTP» والـ»تريبتوفان» في تهدئة أعراض الكآبة.

وخلص الباحثون إلى عدم وجود دلائل كافية على أنّ «5-HTP» يملك تأثيراً أفضل من الدواء الوهمي على الكآبة. غير أنهم لاحظوا أنّ بعض الأبحاث وجد أنّ هذا المكمّل قد يكون أفضل من الدواء الوهمي عند بعض الأشخاص.

هناك أيضاً تحدّ آخر عند استخدامه في علاج الكآبة، وهو أنّه لا يدوم عادة طويلاً في الجسم، الذي يَمتصّه سريعاً ويُزيله. هذه المميزات قد تمنعه من أن يكون وسيلة فعّالة لعلاج الكآبة، وإذا تمكّن العلماء من إيجاد طريقة لإطالة فترة بقائه في الجسم، فقد يُظهر وعوداً كبيرة في مُداواة الكآبة، وفق دراسة صدرت في «Trends in Pharmacological Sciences» عام 2016.

القلق

يعتقد بعض الأطباء أنّ تناول مكمّل «5-HTP» قد يساعد على خفض القلق والهلع، غير أنّ غالبية الأبحاث التي أُجريت في هذا الصدد، وتتراوح أعمارها ما بين 15 و20 عاماً، كشفت أنّ تناول هذا المكمّل قد خَفّض القلق عند الأشخاص الذين يَشكون من اضطراب الهلع.

غير أنّ الباحثين لم يجدوا أيّ اختلاف في القلق لدى المشاركين الآخرين، الذين لم يَشكوا من هذا الاضطراب. علماً أنّ الأطباء يُدركون تماماً أنّ نقص السيروتونين يؤدي دوراً في القلق والهلع، لكنّ الأبحاث لم تُثبت حتى الآن أنّ الحصول على «5-HTP» يزيد السيروتونين بشكل فعّال، وهو كفيل بخفض القلق.

الوجع

يتمحور معظم التركيز هنا على تأثير هذا المكمّل في تهدئة الألم العضلي الليفي (Fibromyalgia)، الذي يؤثر في نوم الشخص ومزاجه. علماً أنّ الأبحاث التي أُجريت في هذا الصدد محدودة وقديمة جداً، بحيث بَيّنت دراسة صدرت عام 1990 أنّ تناول هذا المكمّل ساعد في خفض أعراض المشاركين الذين يعانون الألم العضلي الليفي، ولكن من الضروري إجراء دراسات أوسع وأحدث لتأكيد هذه النتيجة.

الجرعة

وتعليقاً على الجرعة اليومية المسموح بها، قالت جابرايان إنّ «الشركات المصنّعة تبيع 5-HTP بجرعات مختلفة، كما أنّ بعضها قد يُضيف هذا المكمّل إلى الـMultivitamins. في الواقع لا توجد كمية يومية محددة، ومعظم الأشخاص يحصلون على 50 إلى 100 ملغ في اليوم بعد البدء بجرعة أقل تبلغ 25 ملغ، ومن ثمّ رفعها تدريجاً. علماً أنه يجب قراءة الملصق المدوّن على المكملات جيداً، والتحدث إلى الطبيب قبل تناولها».

الآثار الجانبية

وختاماً، شدّدت خبيرة التغذية على أنّ «المكملات الغذائية لا تخلو من السلبيات، بحيث توصّلت مجموعة أبحاث إلى أنّ تناول «5-HTP» قد يرفع السيروتونين ولكنه يخفّض كميات ناقلات عصبية أخرى، مثل الدوبامين. هذا التأثير السلبي قد يجعل بعض المشكلات الصحّية أسوأ، مثل قصور الانتباه وفرط الحركة، والكآبة، واضطراب القلق، والبدانة، والباركنسون، والاضطرابات العاطفية الموسمية.

هذه الأمور تحدث خصوصاً عند تناول مكملات «5-HTP» لمدة طويلة. كذلك توجد ردات فعل سلبية أخرى، مثل الإسهال، والتقيؤ، والغثيان، والدوخة.

لذلك، وقبل الإسراع إلى الصيدلية لشراء «5-HTP»، من الضروري استشارة الطبيب للتأكد من أنّ هذا المكمّل لن يتعارض مع أي حالة صحّية أو أدوية».

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى دواء ضد الكوليسترول يقلل كمية “الملوثات الأبدية” في الدم