القطاع الخاص محبط ومتشائم... بالأرقام

القطاع الخاص محبط ومتشائم... بالأرقام
القطاع الخاص محبط ومتشائم... بالأرقام

رغم أنها لم تكن إلا وقفة احتجاجية لساعة واحدة فقط، بدت خطوة الهيئات الاقتصادية بالغة التعبير عن مستوى التدهور الذي بلغته المؤسسات التجارية، بحيث لم يمكنها المخاطرة بأكثر من ساعة إقفال، في ظل بحثها عن فرص استقطاب الزبائن.

فالأزمة التي ينوء تحت ثقلها لبنان لا تقف عند حدود أزمة مالية أو نقدية، بل إن مفاعيلها بدأت تتمدد لتضرب القطاعات الانتاجية ومؤسسات القطاع الخاص. وليس أكثر دلالة على هذا الواقع من التقارير المحلية الصادرة عن مؤسسات مالية أو مراكز ابحاث، والتي تبين حجم التدهور الذي بلغته هذه القطاعات والنظرة التشاؤمية لدى أصحاب المؤسسات.

فقد بيّن تقرير لبنك عودة تراجع عائدات المرفأ في الاشهر الثمانية الاولى من السنة بنسبة 13،5 في المئة، فيما تراجعت المبيعات العقارية بنسبة 15 في المئة، علما ان البيوعات العقارية المبنية تراجعت 23 في المئة مقابل تراجع بنسبة 7,2 في المئة للبيوعات غير المبنية.

من جهتها، بينت نتائج المسح الشهري حول النشاط الاقتصادي لشركات القطاع الخاص اللبناني، وفق مؤشر بلوم PMI انخفاضا من 8.47 نقطة في شهر آب إلى 4.46 نقطة في شهر أيلول. وتعكس هذه القراءة تدهور الظروف التشغيلية لدى شركات القطاع الخاص في لبنان بأسرع وتيرة لها خلال 3 أشهر. وجاء هذا التراجع السريع نتيجة تسارع الانكماش في الإنتاج خلال أيلول. وكان هذا التراجع الأسرع منذ حزيران، وبقي ملحوظاً بشكل عام. وقد نسبت معظم الشركات المشاركة في المسح تدني أنشطة الاعمال التجارية إلى حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد، خصوصا على الصعيد السياسي. كذلك، شهدت الطلبات الجديدة لدى شركات القطاع الخاص انخفاضا في أيلول، علما أن المؤشر سجل تراجعا منذ بداية الربع الثالث من السنة. بدوره، تسارع معدل التدهور ابتداء من آب ليصل إلى أعلى مستوى له منذ حزيران.

أما على صعيد التكاليف، فقد شهدت الشركات اللبنانية ارتفاعا في أسعار مستلزمات الإنتاج في أيلول. ورغم التراجع الهامشي لمعدل التضخم بشكل عام، بقي المعدل أسرع بقليل مقارنة بشهر آب. ومع استمرار ارتفاع أعباء التكلفة، واصلت الشركات نهجها في خفض متوسط أعباء الانتاج في نهاية الربع الثالث من السنة. وكان الانخفاض الاخير الاسرع خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة، غير أنّه بقي معتدلاً بشكل عام. أما مؤشر التوظيف، وبعدما استقر في آب، فعاودت الشركات تقليص أعداد موظفيها في أيلول.

في الوقت نفسه، أكمل النشاط الشرائي للقطاع الخاص انخفاضه، ليمدد بذلك سلسلة التدهور التي كانت قد بدأت منذ شهر شباط 2016. واستنادا الى نتائج المسح في أيلول، ظلت شركات القطاع الخاص متشائمة في شأن مستقبل الاعمال خلال السنة، وقد سيطرت حالة من الاحباط وسط توقعات أفادت باستمرار ضعف الطلب. وكانت نظرة شركات القطاع الخاص هذه الاكثر تشاؤما خلال الاشهر الاربعة الماضية ومقارنة مع الاعوام الأخيرة.

وفي تعليقها على التقرير، قالت الخبيرة الاقتصادية لدى بنك لبنان والمهجر للأعمال ربى شبير انه "على الرغم من تجدّد عزيمة الأطراف السياسيّة في البلاد لمواصلة سلسلة الإصلاحات والجهود المبذولة لاستقطاب استثمارات دول مجلس التعاون الخليجيّ ضمن خطط تطوير البنية التحتيّة المحلّيّة، إلّا أنّ التقارير الصادرة عن وكالة فيتش، من بين وكالات التصنيف الائتمانيّ الأخرى، قد خفّضت تصنيف لبنان من B- إلى CCC، مع العلم أنّ هذا التصنيف يعكس أيضًا التصنيف الجديد للمصارف اللبنانيّة. نتيجةً لذلك، تباطأ النموّ الاقتصاديّ، ومن المتوقّع أن يراوح بين 0 و%0.5 في الأشهر التسعة الأولى من السنة الجارية. وكان لهذه التصريحات الصادرة عن وكالات التصنيف الائتمانيّ دور كبير في تراجع ثقة المستثمرين، التي باتت تُعدّ ركيزةً أساسيّة لاستعادة التدفّقات الاستثماريّة في الاقتصاد الوطنيّ. وبالتالي، لا بدّ للبنان من أن يعمل على تنفيذ الإصلاحات الهيكليّة وخفض العجز الضريبيّ لتحرير الأموال الموعودة من مؤتمر سيدر واستعادة ثقة المستثمرين".

سابين عويس - النهار

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى