تجري الأحد المقبل إنتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، وهو الإستحقاق الإنتخابي الثاني في عهد مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، وفي خضم أجواء مشحونة بشتى أنواع التحديات والصعوبات، للنهوض بمؤسسات دار الفتوى التي تعاني من ضغوط وعقبات، تحول دون قيامها بالمهمات الملقاة على عاتقها تجاه مجتمعها، بطرفيه الديني والمدني.
تقييم تجربة المجلس المنتهية مدته لا يُفيد لأن التطلع إلى الوراء لا يُجدي، فضلاً عن الظروف التي يمر بها البلد، والإرباكات السائدة في المؤسسة الدينية الأم، لأسباب إدارية ومادية، لم تساعد في الوصول إلى الأهداف المنشودة.
المهم أن تكون تجربة المجلس السابق على مشرحة المرجعية الدينية، لإستخلاص الدروس والعبر، وتحديد مواقع الخلل والتقصير التي عرقلت مسيرة أعلى سلطة تشريعية إسلامية، طوال سنوات ولايته الماضية.
ولعل الأهم أن يكون المجلس المنتخب العتيد ممثلاً لمكونات مجتمعه وشرائحه المختلفة، الدينية والمدنية، الإجتماعية والمناطقية، مع الأخذ بعين الإعتبار الأوضاع السياسية المستجدة بعد الإنتخابات النيابية الأخيرة، وما أفرزته من موازين قوى جديدة لا بد من التعامل معها بشجاعة وموضوعية.
لا بد من إحلال لغة الحوار والإستيعاب مكان أساليب الفيتو والإلغاء السابقة، لأن الإستمرار العمل بعقلية « أنا وبس»، سيزيد الجروح التي تُدمي جسم الأمة، وتُحجم دور المرجعية الدينية، وتجعلها وكأنها رهينة فريق سياسي معين، وعلى خصام مع بقية الأطراف السياسية والإجتماعية الأخرى، وهذا ما لا يريده أحد من الحريصين على إبقاء دار الفتوى بمثابة المظلة التي تحوي كل أبنائها وقياداتهم، بعيداً عن أي حسابات أو حساسيات طائفية.
وضع مصلحة الأمة فوق كل إعتبار، هو واجب كل القيادات، وفي مقدمتهم المرجعية الدينية، التي طالما كانت هي جسر الوحدة بين الجميع، ومنبر اللقاء بين الجميع، إسلامياً ووطنياً، وتلك التجربة عاشها عن كثب المفتي دريان في عهد المفتي الشهيد حسن خالد الذي جعل من اللقاء الإسلامي الجامع في دار الفتوى، صوتاً وطنياً مدوياً، في مواجهة فجور غربان الطائفية البغضاء.
تُرى هل نعود إلى تلك الأيام المجيدة في مسيرة دار الفتوى؟
نون - اللواء