أخبار عاجلة
حركة الأسواق التجارية خجولة! -

سقط الإضراب واستقال رئيس "رابطة الأساتذة": ترهيب وإهانات..

سقط الإضراب واستقال رئيس "رابطة الأساتذة": ترهيب وإهانات..
سقط الإضراب واستقال رئيس "رابطة الأساتذة": ترهيب وإهانات..

كانت الاستقالات التي قدّمها رئيس رابطة الأساتذة في الجامعة اللبنانية، يوسف ضاهر، والعضوان بشير عصمت وجورج قزي متوقّعة في ظل الهجمة الحزبيّة على الرابطة. لكن المستغرب ألّا يستمرّ بعض الأعضاء الآخرين بتقديم الاستقالات، بعد أن كانوا قد أعلنوا عنها شفهيّاً أو خطّياً، بسبب حسابات حزبيّة ضيّقة. والمستغرب أيضاً أن تلقى الهجمة التي ساهمت فيها جميع الأحزاب لسلب الأساتذة حقوقهم، ومنحهم فتات المطالب، ترحيباً من بعض الأساتذة. إذ باتت الحقوق والمطالبة بها مدعاة خوف لدى مندوبي تيّار المستقبل في الهيئة التنفيذية من أنّ الأساتذة يريدون إسقاط الحكومة. وإذا كانت كل القوى الحزبيّة مربكة بالاستقالات، وتحاول رأب الصدع عبر إقناعهم بالعودة عن الاستقالة، فالثابت أنّ "الشرعية" سُحبت من الرابطة، ليس بسبب الاستقالات التي لا عودة عنها، بل أيضاً بسبب الشرخ الكبير الذي أحدثته جميع قوى السلطة بين الأساتذة. فجزء منهم سيعود إلى التدريس وجزء منهم سيستمر في الإضراب. إذ رسا التصويت على إعلان الاستمرار في الإضراب في الجمعيّات العمومية للكليّات التالية: كلّية العلوم في الفرع الأول والرابع والخامس، وكلّية التربية في الفرع الأول، وكلّية الإعلام في الفرع الثاني، وكلّية الفنون في الفرع الأول، وكلّية الآداب والعلوم الإنسانية في الفرع الخامس، وكلّية الإدارة في الفرع الثالث.

لا عودة عن الاستقالة
صحيح أنّ العديد من الأساتذة سينتفضون على قرار وقف الإضراب، إلا أنّ قرار العودة إلى قاعات الدراس اتُّخذ، وستستمر الرابطة بمن حضر ليٌصار إلى انتخاب أعضاء جدد. أي تجاهل الاستقالات والأسباب التي دفعت الأساتذة إليها. وهذا ما لوّح به رئيس مجلس المندوبين الدكتور علي رحّال في نص دعوة المجلس للانعقاد يوم السبت المقبل. ما دفع ببعض الأساتذة إلى اعتبار هذه الدعوة غير شرعيّة كونها تتجاهل تواقيع 66 مندوباً وقّعوا على عريضة دعت المجلس إلى الانعقاد يوم الثلاثاء لنقض قرار الرابطة بوقف الإضراب. واعتبر الأساتذة هذا الإجراء مخالفاً للنظام الداخلي للرابطة.

لقد فرض رئيس مجلس المندوبين خطوطاً حمراء في البيانين اللذين صدرا عنه بعد تفجير ضاهر استقالته. أولاً، احتسب الأغلبيّة في مجلس المندوبين لنقض قرار الهيئة التنفيذية على مجمل المندوبين، وليس من أكثرية الذين سيحضرون الجلسة، بالتالي يحتاج إلغاء القرار إلى تصويت 83 مندوباً، أمر شبيه بالأغلبية النيابية التي فرضها الرئيس نبيه بري لانتخاب رئيس الجمهورية. وثانياً، وضع الاستقالات الثلاث في عهدة المجلس لانتخاب بديل منهم، أي أنه عملياً فرض عليهم إمّا العودة غير المشروطة عن الاستقالة، أو استمرار الرابطة من دونهم، ومن دون حتى نقاش الأسباب التي دفعتهم إلى الاستقالة. لذا من المستبعد أن يقبل المستقيلون بهذا الإذعان. فثمة أسباب دفعت الأساتذة إلى الاستقالة يفترض البحث بها، وبالتالي لا عودة عن الاستقالة إلّا إذا تراجعت الهيئة التنفيذية، ووفت أقلّه بالتزاماتها السابقة بالعودة إلى الهيئة العامة للرابطة، لبت مصير الإضراب المفتوح.   

نكث الوعود
أفضت الضغوط الحزبية، وتلك التي أتت حتى من الأساتذة الذين يفترض أنّهم سند رئيس الرابطة في معركة تحصيل حقوق الجامعة، إلى استقالة ضاهر. تحمّل جميع الضغوط السياسية، التي حملت في طيّاتها إهانة لأساتذة الجامعة، عندما تمّ "استدعاءهم" مرتين للرضوخ والاستسلام. الأولى، عندما أُعطي مهلة ربع ساعة لأخذ قرار في فكّ الإضراب من عين التينة، مقابل حصول الأساتذة على مطلب الخمس سنوات، والثانية، عندما أٌبلغ بأنّ الأساتذة لن يحصلوا على أي مطلب حتى لو استمر الإضراب ثلاث سنوات.

وتخطّى ضاهر رفض تيّار المستقبل القاطع لمطلب الثلاث درجات، ورضوخ مندوبيه الأربعة في الهيئة التنفيذية للتعليمات الحزبيّة، بذريعة "عدم إسقاط الحكومة لتحصيل الأساتذة قرشين زيادة". ورغم ذلك استمرّ ضاهر بإيجابية، غير أنّ "التسوويّة" التي يتميّز بها جوبهت بحملة حزبية منظّمة يصعب التسوية معها. وجرى ترهيبه حتى من داخل الهيئة التنفيذية. كما وصلت الأمور ببعض الأساتذة إلى توجيه إهانات شخصية ومعيبة (نتحفّظ عن ذكرها) ممّن هم سند له. وهذا ما لم يكن له طاقة على تحمّله، خصوصاً أنّه حُمّل مسؤولية فكّ الإضراب وخيانة جميع الأساتذة والطلاب الذين صمدوا معه. بينما الحقيقة كانت في مكان آخر، فبعد توافق جميع أعضاء الهيئة التنفيذية على العودة بقرار وقف الإضراب إلى الهيئة العامة يوم الخميس الفائت، تفاجأ ضاهر يوم السبت بتبديل المواقف والنكث بالوعود، عندما أصرّت أغلبية الأعضاء على رفض العودة إلى الهيئة العامة ومجلس المندوبين، وأسقط سبعة أعضاء هذه الاقتراحات.  

انتفاضة الأساتذة
في ظل الحراك الحالي للأساتذة الرافضين العودة إلى التدريس، من المستبعد أن يعود المستقيلون عن استقالتهم، خصوصاً أن "انتفاضة الأساتذة" طالت حتى الحزبيّين، على مستوى المندوبين وفي الجمعيّات العامة. فهناك استقالات من تيّار المستقبل من قبل بعض المندوبين في مجلس المندوبين، وسجّلت احتجاجات لبعض الأساتذة الموالين للقوى "المسيحية" اختاروا عدم الالتزام بوقف الإضراب. لذا بات المستقيلون، وعلى رأسهم ضاهر، مطالَبين من الأساتذة بالاستمرار في استقالاتهم والعمل على تشكيل تيّار نقابي مستقل، لمواكبة حراك الأساتذة والطلاب الذي تشكّل خلال أكثر من أربعين يوماً من الإضراب. فالرابطة بشكلها الحالي أثبتت أنها غير قادرة على الصمود في وجه الضغوط الحزبية، كونها مؤلفة من الأحزاب الموجودة. أما في حال عودة المستقيلين وعلى رأسهم ضاهر من دون فرض مبدأ العودة إلى الهيئة العامة لبتّ مصير الإضراب ومصالح الجامعة، فستؤدي إلى عودة الطلاب إلى استئناف عامهم الدراسي خالي الوفاض من حقوقهم، إسوة بأساتذتهم. ويصبح المشهد السائد في ساحة الجامعة فارغاً من أي شيء جامع يليق بجامعة الوطن.

وليد حسين - المدن

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى