كتب عيسى يحيى في صحيفة "الجمهورية" تحت عنوان "إقفال محال النازحين السوريين هل ينعش إقتصاد البقاعيِّين؟": "بين قرار المجلس الأعلى للدفاع بإزالة الغرف الإسمنتية التي بناها النازحون السوريون داخل المخيمات في بلدة عرسال إبّان النزوح وخلال مرحلة الفوضى والحرب مع المجوعات الإرهابية، وبين قرار وزارة العمل بإقفال المحال التابعة للنازحين في البقاع وبعلبك تحديداً، هل تنتعش حياة البقاعيين الإقتصادية وتفتح أمامهم أبواب العمل، وتعود عرسال إلى حالها؟
في تموز عام 2013 إتخذت اللجنة الوزارية المكلفة في حينه البحث في ملف النازحين السوريين قراراً بإقفال المحال التي يشغلها نازحون ولا صفة شرعية لها، حيث كان النزوح السوري وقتها في أوجه، واحتضن البقاع وبلداته نتيجة المساحة الجغرافية الكبيرة العددَ الأكبر منهم، وساهمت الحدود المفتوحة والمعابر غير الشرعية في تدفّق أعداد خيالية إلى البقاع وصلت في الكثير من البلدات كعرسال مثلاً إلى ثلاثة اضعاف عدد السكان الأصليين.
ستُّ سنوات مرّت على القرار الأول والذي لم يطبَّق حيث عانى البقاعيون البطالة والضيق الإقتصادي، وكأنهم لا تكفيهم حالُ الحرمان التي يعانون منها نتيجة سياسات الحكومات المتعاقبة، وضعف أداء نواب ووزراء من المنطقة لم يعمدوا إلى تحسين وضع المنطقة، حتى جاء قرار وزير العمل كميل أبو سليمان بإقفال تلك المحال غير المرخّصة ومنع عمل السوريين دون حيازة إجازة عمل، ما فتح الباب على مصراعيه بين مؤيّدٍ للقرار الذي أمّن فرص عمل للبنانيين ومُعارضٍ من بابٍ إنساني.
حملة وزارة العمل التي بدأتها منذ أكثر من شهر شملت كل المحال وعلى مختلف أنواعها، حيث بدأت بإقفالها دورياً بمعدل خمسة محال أسبوعياً بمؤزارة الأمن العام وأمن الدولة، فيما وجّهت إنذارات وسطّرت محاضر ضبط بحق محال أخرى، وفي هذا الإطار أشارت مصادر متابعة الى أنّ الحملة مستمرة وقد لاقت ترحيباً وصدىً إيجابياً في المنطقة، علّها تخفّف عبءَ النزوح المتراكم منذ سنوات على عاتق اللبنانيين، وتفتح أمامهم فرص العمل، وتنخفض معها إيجارات المحال التي ارتفعت أسعارها بعد طلبها من قبل السوريين التي توزعت بين مطاعم ومحال خضار وألبسة، وفي المقابل أشارت المصادر الى أنّ بعض الموظفين يتعاملون باستنسابية في تطبيق القرار وهو ما يحدث من دون علم الوزراة والوزير، إذ أصبح معروفاً لدى الكثير في البقاع أنّ موظفين يقبضون مبالغ شهرية من أصحاب المؤسسات والمطاعم ومحال الدولار مقابل عدم تسطير مخالفات ضبط وإقفال محالهم، كذلك يحصلون على ما يحتاجون اليه من المحال والمطاعم دون دفع ثمنها، وهو ما تسجّله الكاميرات وفق أصحابها.
وعن واقع العمالة اللبنانية التي يُفترض بها أن تتحسّن أكدت المصادر أنّ الوقت كفيلٌ بإعادة الأمور إلى نصابها وتحقيق الأهداف التي من اجلها بدأت هذه الحملة، ولكن في المقابل يقع على عاتق اللبناني سعيه لتأمين العمل ومبادرته إلى القبول بما هو متاح، فالخطة في الأساس كانت من أجل تخفيف المعاناة المستمرة منذ بداية الأزمة السورية.
وعلى المقلب الآخر حيث كانت لعرسال الحصة الكبرى من النزوح واعبائه، وفاق عدد السوريين سكان البلدة وخلّف معه العديد من المشاكل بدءاً من الخضات الأمنية والمشاكل الإجتماعية إلى أزمة الصرف الصحّي وبناء المخيمات بشكل عشوائي، وصولاً إلى إستقرار النازحين بغرف إسمنتية بنوها خلال الحرب وبداية النزوح وكأنّ الإقامة أصبحت دائمة.
وفيما أقفل عدد من المحال داخل البلدة بالشمع الأحمر لتخفيف العبء الإقتصادي عن أهالي عرسال، إتّخذ المجلس الأعلى للدفاع قراراً بهدم كل البلوكات والغرف الإسمنتية التي بناها النازحون، وكان قد أعطى مهلةً حتى نهاية تموز الماضي كي يهدمها قاطنوها ويبقوا على الجدران الإسمنتية بإرتفاع مترٍ واحدٍ، وإستكمال بناء الخيم بالقماش والشوادر والخشب".