هل تتمكن تركيا الخروج من الهاوية الاقتصادية؟

هل تتمكن تركيا الخروج من الهاوية الاقتصادية؟
هل تتمكن تركيا الخروج من الهاوية الاقتصادية؟
أكد عدد من خبراء الاقتصاد في تصريحات لموقع "فرانس 24" أن الوضع الاقتصادي التركي يشهد انهيار في هوة سحيقة، ولكن لا تعد النجاة مستحيلة إذا سارعت الحكومة التركية باتخاذ بعض الخطوات.

وفي مستهل تحقيق موسع نشره موقع "فرانس 24" تم استعراض أحد النماذج من مدينة اسطنبول لمواطن يدعى حزير البيرق بدأ العمل في محل تجاري صغير لبيع ألعاب للأطفال في بازار اسطنبول قبل 25 عاماً في نفس العام، الذي تولى فيه الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان منصب عمدة اسطنبول. واليوم، يدير البيرق مركزاً تجارياً من 7 طوابق، ما يعكس بوضوح التحول الاقتصادي الكبير الذي شهدته تركيا خلال ربع القرن الماضي.


يتجوّل البيرق بين عربات الأطفال والألعاب والملابس في المركز التجاري الواقع في إمينونو، أحد الأحياء التاريخية في إسطنبول فيما يروي بفخر: "بدأت من الصفر. الآن، نقدّم 295 علامة تجارية من تركيا والعالم كله".

3 سنوات من عدم الاستقرار
ويعود الفضل في هذا الازدهار بشكل كبير إلى أردوغان الذي شهدت تركيا خلال عهده فترة غير مسبوقة من الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي.

لكن تزعزع الاستقرار، الذي اتّسمت به سنوات أردوغان في الحكم كرئيس للوزراء بدءاً من العام 2003 وكرئيس منذ 2014، في السنوات الأخيرة مع تنفيذ سلسلة هجمات وانقلاب فاشل عام 2016 تلته حملة قمع بلا هوادة وتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة.

انهيار العملة والركود
وفقدت العملة التركية نحو ثلث قيمتها مقابل الدولار العام الماضي، ما أغرق البلاد في ركود ورفع نسبة التضخم إلى حوالي 20%.

ويقول البيرق بانفعال "انظروا إلى هذا!" مشيراً إلى سعر علبة حفاضات أطفال. ويضيف "منذ أسبوع، كنا نبيعها بـ30 أو 35 ليرة تركية. واليوم، انظروا: ارتفع سعرها إلى 49 ليرة!". ويتابع "في السابق، كانت الاسعار تتغيّر كل بضعة أشهر. الآن، كل أسبوع تقريباً".

تقلبات سياسية وعدم استقرار
يتطلع البيرق، وهو من أنصار حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، بشكل خاص إلى الاستقرار. ولكن سيتوجه سكان اسطنبول بعد غد الأحد إلى مراكز الاقتراع للمرة الثامنة خلال 5 سنوات، بسبب إلغاء الانتخابات البلدية، التي أجريت أخر مارس الماضي وفازت بها المعارضة بفارق ضئيل.

ويرى منتقدو الرئيس التركي أن الوتيرة المتواصلة للانتخابات جعلت أردوغان يعيش في حملة انتخابية دائمة تقريباً، بحيث إنه يهاجم معارضيه ويغذّي حالة الاستقطاب بين مواطني تركيا.

ويقول البيرق إن "ممارسة التجارة في تركيا، باتت تشبه القيام بأداء حركات بهلوانية"، مضيفاً أنه عندما "تحدث أزمة، فتتراجع العملة ويمكن أن يخسر التاجر كل شيء خلال عام واحد".

حالة تشاؤمية
ويخشى بعض الاقتصاديين من وقوع الأسوأ، إذ إن الكثير من الشركات تواجه صعوبات في سداد ديونها مع الركود وانهيار الليرة التركية وحقيقة أن جانبا كبيراً من النمو التركي يعتمد على قروض بعملات أجنبية.

أزمات سيئة متتالية
ويرى الخبير في شؤون تركيا فادي هاكورا من مركز الأبحاث "شاتام هاوس" في لندن أن "تركيا مرّت بسلسلة أزمات صغيرة، كل واحدة أسوأ من سابقتها".

نقطة اللاعودة
ويتوقع أن تبلغ تركيا نقطة لا يمكن الرجوع منها، ما لم توقف الحكومة مشاريعها الضخمة وتركز على حل مشكلة ديون النظام المصرفي.

ويضيف هاكورا: "للأسف، تصر الحكومة على اتباع النموذج القائم والمعتاد في الاستهلاك والبناء اعتمادا على مصادر التمويل عن طريق الاستدانة".

حافة الهاوية
لكن يرفض المناصرون المؤيدون للحكومة أي تحذيرات ويعتبرونها مبالغات لإثارة المخاوف. ويرى بروفيسور مولود تاطليير من مجموعة "سيتا" للأبحاث الموالية للحكومة، أنه يتم تقديم حماية كافية للشركات التركية ضد الإفلاس وأنها تمتلك احتياطات نقدية تفوق ديونها التي تقدر بـ6.5 مليار دولار.

ويشير بروفيسور تاطليير إلى أن مستوى ديون الحكومة نفسها يُعتبر منخفضاً مقارنة بدول أخرى.

ويقر بروفيسور تاطليير بأن "هناك ركودا حاليا" ولكنه يرى أنه "لم يتحوّل إلى أزمة اقتصادية". ويبرر وجهة نظره بأن الاقتصاد "نشيط" ويستند إلى حقيقة أن "الأتراك معتادون على انعدام الاستقرار".

نقطة التحول
وربما تتمثل نقطة التحوّل في الخطوة المتوقعة بفرض عقوبات أميركية، تلوّح بها واشنطن في حال، لم تتخلَ أنقرة عن صفقة منظومة الصواريخ الدفاعية S-400 روسية الصنع.

سلبيات صهر أردوغان
وإذا تمكن أردوغان بطريقة أو بأخرى من تخفيف التوترات مع الولايات المتحدة، فإن هناك حالة سلبية تنتاب المستثمرين، حيث إنه تم استبعاد بعض الخبراء الاقتصاديين الأكفاء، من أجل تعيين صهر أردوغان بيرات البيرق، وزيراً للاقتصاد والمالية.

استدعاء الأكفاء
ويقول المحلل الاقتصادي أتيلا يشيلادا من "غلوبل سورس" في اسطنبول: إنه لا يزال هناك أمل، وعلى الرغم من أنه لا يتفق مع سياسات الحكومة التركية، مشيرا إلى مجموعة من الإحصاءات، بداية من تراجع مبيعات السيارات إلى انخفاض ثقة الشركات الصناعية، بما يمكن وصفه بأنه الاقتصاد يسقط للهاوية.

ولكن يوضح يشيلادا: "في الماضي، عندما كان أردوغان يدرك أنه على حافة الهاوية، كان يسارع على الفور بالتراجع". ويضيف يشيلادا: "أقال أردوغان الكثير من الأكفاء، لكنهم لا يزالون على قيد الحياة ويمكن استدعاؤهم مجدداً".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى خسائر فادحة في قطاع الاتصالات