قبل يومين، عقد رئيس الحكومة سعد الحريري مؤتمراً صحافياً هاجم فيه "مماطلة" المجلس النيابي بدراسة الموازنة، موحياً أن في الأمر مناكفة، وخصوصاً أن القوى التي أقرت الموازنة في الحكومة هي نفسها ممثلة في مجلس النواب. الحريري مستعجل ولا يريد للجنة المال النيابية تضييع الوقت في القيام بدورها الرقابي من أجل غربلة مواد الموازنة التسع والتسعين. لكن لا الحريري ولا غيره وجدوا في المواد ما يستدعي إعادة النظر بهذه الموازنة. أو أنهم يريدون الإسراع بإقرارها من أجل ذلك بالضبط. إذ يقول رئيس لجنة المال النيابية النائب إبراهيم كنعان لـ"الأخبار" إن أول 14 مادة فقط (من أصل 99 مادة) تشكل الموازنة، وباقي المواد هي "فرسان الموازنة"، وهي تعديلات لقوانين لا صلة للموازنة بها. نسبة "الحشو" في مشروع الموازنة تبلغ نحو 85 في المئة!
بحسب المادة 3 من قانون المحاسبة العمومية الصادر عام 1963، «الموازنة هي صك تشريعي تقدّر فيه نفقات الدولة ووارداتها عن سنة مقبلة، وتجاز بموجبه الجباية والإنفاق». أما المادة الخامسة من القانون نفسه فتقول إن "الموازنة هي النص المتضمن إقرار السلطة التشريعية لمشروع الموازنة. يحتوي هذا القانون على أحكام أساسية تقضي بتقدير النفقات والواردات وإجازة الجباية وفتح الاعتمادات اللازمة للإنفاق، وعلى أحكام خاصة تقتصر على ما له علاقة مباشرة بتنفيذ الموازنة".
في هذا الصدد، يقول الوزير السابق زياد بارود لـ"الأخبار" إن مشروع الموازنة يحتوي على كم هائل من الأحكام المخالفة لتعريف قانون المحاسبة، لأنه يتضمن ما يعرف بـ"فرسان الموازنة". وتلك أحكام دُسّت في قلب الموازنة، فيما هي "تتعلق بتعديل قوانين خاصة كان ينبغي أن يجري تعديلها بقوانين متكاملة لها هيكليتها وفلسفتها، وإذا بالموازنة تعدّلها بمادة واحدة، وهنا خطورة الأمر". وذلك تماماً ما دفع بلجنة المال النيابية الى إلغاء بعض المواد، ومنها تعديل الضريبة على القيمة المضافة وضريبة الدخل على المعاش التقاعدي. ويشير كنعان الى أن فصل الضريبة كاملاً (منها التهرب الضريبي والضريبة على القيمة المضافة وضريبة الدخل والضريبة على الأنشطة البترولية)، والفصل الرابع الذي يتضمن أحكاماً متفرقة وغيرها من الأحكام، تدخل ضمن "فرسان الموازنة". فهي أحكام مؤلفة من مادة واحدة "يجري من خلالها تعديل قوانين خاصة نافذة مثل قانون الدفاع الذي يفترض أن يناقش مع الجيش وقانون التقاعد وقانون القضاء وقانون البناء".
الأخطر هنا، وفقاً لكنعان، أن في الموازنة مادة تتيح تعديل غالبية مواد قانون المحاسبة العمومية الذي يُعرّف عن الموازنة ودورها، وبالتالي كان يفترض احترامه والتقيّد بأحكامه! حتى التسويات التي يطرحونها في الموازنة كتجميد رخص البناء وتمديد المهل وغيرها، الدستور واضح في شأن إقرارها بقانون خاص، وبالتالي إقرارها بهذا الشكل يعتبر تعدّياً على الدستور.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.