يتحجّج أصحاب المؤسّسات السياحية بعدم وجود عمال لبنانيين لملء وظائف محدّدة، ما يدفعهم إلى تشغيل العمال الأجانب، والاستحصال لهم على رخص وإجازات عمل من وزارة العمل لاستقدامهم من الخارج، مستغلين حاجة هؤلاء العمّال للعمل مهما كانت الشروط. فيشغّلونهم ساعات طويلة بأجر زهيد، لن يتجاوز نصف الحد الأدنى المعتمد في لبنان، ومن دون تسجيلهم في الضمان الاجتماعي أو حتى تأمين الضمانات الصحية المناسبة. وكل ذلك بسبب جشعهم لكسب المزيد من الأرباح، ضاربين عرض الحائط القوانين اللبنانية، في ما يتعلّق بالأجر المناسب للعمّال الأجانب، والقوانين الناظمة بعدم تشغيل العمالة الأجنبية، إلا في الوظائف التي لا يوجد لها يد عاملة لبنانية بديلة.
زيف الإدّعاء
بمبادرة من اتحاد نقابات عمال قطاع الفنادق ودور التغذية واللهو في لبنان وبالتعاون مع وزير العمل أبو سليمان، وضع الاتحاد خطة عمل، تتضمّن مواجهة جميع المشاكل التي يعاني منها القطاع، لمعالجة التجاوزات التي تلجأ إليها المؤسسات في تشغيل العمالة الأجنبية الرخيصة، على حساب العمّال اللبنانيين. ووفق رئيس الاتحاد جوزف الحداد، في حديث إلى "المدن"، يوجد شريحة كبيرة من اليد العاملة اللبنانية عاطلة عن العمل في هذا القطاع، بسبب تهرّب المؤسسات من دفع الحد الأدنى للأجور، ومن تسجيلها العمّال في الضمان الاجتماعي. لذا طلب وزير العمل تأمين طلبات عمل من عمّال لبنانيين، كي يواجه بها أصحاب المؤسسات التي تتحجّج بعدم وجود بديل للحصول علي إجازات عمل للأجانب. وطلب منهم تأمين حوالى ألف طلب كي يستند إليها، لعدم منح تلك المؤسسات إجازات عمل للأجانب، طالما يوجد عمال لبنانيين لملء هذه الوظائف.
لذا تم إطلاق موقع الكتروني خاص لهذه الغاية، كي يتسنّى للبنانيين الراغبين في العمل في هذا القطاع تقديم الطلبات، لعرضها على أصحاب المؤسسات السياحية، التي تتحجج بعدم وجود عمال لبنانيين. وأكّد الحداد أنه خلال أقل من 48 ساعة على إطلاق "الويب سايت" وصل عدد الطلبات إلى أكثر من 12 ألف وثلاثمئة طلب من عمّال عاطلين عن العمل. أي، على عكس ادعاء المؤسسات السياحية بأن اللبنانيين يرفضون العمل برواتب غير مرتفعة. وأكّد الحداد أن هذا الكم من الطلبات يزيل أي لبس حول وجود عمال لبنانيين مستعدين وتواقين للعمل، ويؤكد زيف ادعاء أصحاب المؤسسات، التي يدفعها الجشع وتوفير بعض الأموال والتهرّب من دفع الضرائب لتشغيل العمال الأجانب.
وأضاف، أنه فضلاً عن تلاعب وتهرب تلك المؤسسات من الالتزام بقانون العمل اللبناني، ثمّة خداع للمستهلك أيضاً. فبعض المؤسسات تصنّف نفسها في فئة الخمسة نجوم، بينما تستعين بيد عاملة رخيصة وغير كفوءة بهدف التوفير. وهذا يعتبر معيباً حتى على المستوى المهني.
تطبيق القانون
وإذ استغرب الحدّاد عدم تحرك مؤسسة الضمان الاجتماعي لوقف التجاوزات التي تقوم بها المؤسسات، التي غالباً ما تكون بحاجة لأكثر من 40 عاملاً بينما يوجد فيها فقط ثلاثة عمال مسجلين في الضمان، طالب وزارات العمل والاقتصاد والداخلية التحرّك على هذا الصعيد. فالمطلوب وفق الحدّاد استبدال اليد العملة الأجنبية بيد عاملة لبنانية متوفّرة، والتشدّد في تطبيق القانون، خصوصاً أن نسب التوظيف غير متكافئة بين العمال اللبنانيين والأجانب، فبينما يجب أن يكون الرقم هو واحد على تسعة لصالح اللبناني، الواقع اليوم معكوس.
وعن ما إذا كان هذا الإجراء قد يؤدي إلى تعسّف في طرد العمال الأجانب، الذين يعملون بشكل قانوني ونظامي، لفت الحداد إلى أن تطبيق القانون يمنع أي تعسّف. فمن يعمل وفق القانون سترفع له القبّعات. لكن المؤسسة التي تعمل على تشغيل الأجنبي فقط بهدف التوفير والتهرب من دفع الضرائب، فلا أسف عليها في حال تمّ إقفالها، طالما أنها بتصرفاتها تعمل على إقفال آلاف البيوت من اللبنانيين بسبب البطالة.
المصدر: المدن