في الوقت الذي اقترب فيه الصيف الذي يسمّيه البعض "موسم الأعراس"، تُشير الأرقام إلى تراجع كبير في الإقبال على إقامة حفلات زفاف، في الوضع المالي الصعب، إضافةً الى صعوبة يواجهها عدد كبير من اللبنانيين لشراء شقة.
وفيما تُصوّب أصابع الإتهام إلى وقف القروض السكنيّة التي كانت تُساعد الشباب على بناء وشراء "شقة الأحلام"، أوضح الإستراتيجي في أسواق البورصة العالمية والشؤون الاستثمارية جهاد الحكيّم في حديث لـ"لبنان 24" أنّ هذا الركود لا يعود فقط لسياسة الإسكان وعدم منح قروض، فالطلب على السوق العقاري في لبنان ينقسم إلى ثلاث فئات، الأول يخصّ المغتربين، والثاني متعلّق بالطلب الخليجي، اللذين تراجعا بفعل انهيار أسعار النفط، لتحلّ قروض الإسكان في المرتبة الثالثة، ومع وقفها "زادت الطين بلّة!".
وأشار الحكيّم إلى أنّ المعطيات الأخيرة تدلّ إلى أنّ أسعار الشقق قد انخفضت بنسبة 35% على الأقلّ. وتوضيحًا لوجهة نظره الإقتصاديّة، أشار إلى أنّ التضخّم والفوائد يعدّان معايير مهمّة لتقييم أسعار الشقق والفرص الإستثمارية.
وأوضح أنّه إذا كانت لدى المواطن شقة بـ100 مليون ليرة لبنانية، ويملك رصيدًا في البنك بمبلغ مماثل، وهذا الرصيد زادَ بعد سنوات بفعل الفوائد، إلا أنّ الشقة بقيَ سعرها على حالها، إذًا بمعادلة حسابية يتبيّن أنّ سعر الشقة يكون قد تراجع.
وأوضح الحكيّم أنّ حزمة القروض التي قدّمها مصرف لبنان لن تفي بالغرض بالنسبة إلى الشباب اللبناني، حيثُ كانت القروض في السنوات الماضية تُلبّي الحاجة لآلاف الشقق.
وإذ توقّع الحكيّم مزيدًا من انخفاض الأسعار، قال إنّ من يملك المال يجب أن تكون محفظته المالية متنوّعة، أي ألا يستثمر بالشقق فحسب، بل أن يعدّد استثماراته بين أصول مختلفة يمكن أن يشتريها في لبنان أو خارجه وفي أكثر من قطاع، كما أنّه يجب أن تكون الأموال النقديّة بأكثر من عملة، وذلك درءًا لأي مخاطر مالية قد تواجهه.
وبحسب ما أوضح الحكيّم، فالخسارة الفعليّة بأسعار الشقق لا تتمثّل بنسبة الـ35% فقط، التي هي تعدّ إنخفاضًا إسميًا أو رقميًا. فالخسارة الحقيقة تشمل أيضًا تكلفة الفرصة الضائعة opportunity cost. فعلى سبيل المثال إذا اشترى أي مواطن شقة في العام 2013 بـ200 مليون ليرة، وكان يملك ثمنها نقدًا، فلا يكون قد خسر 35% من قيمتها فقط مع تراجع الأسعار، أي 70 مليون ليرة، لأنّ الخسارة الفعلية أكبر، فالمواطن الذي أودع الـ200 مليون ليرة بالمصرف في العام 2013، كان يعود عليه متوسّط فائدة 8.5% على الليرة اللبنانية. أما الذي اشترى الشقة وقام بتأجيرها، فكان عائد الإيجار 2%، وبالتالي يكون الفارق بين الإستثمارين 6.5% (2%- 8.5%) بين الإستثمارين أي ما يعادل 92 مليون ليرة بعد 6 سنوات. وتكون المعادلة كما يلي: 200* (1.065)^6 = 292. وبهذا يكون من اشترى شقة قد خسر ما نسبته 46% من الفرصة الضائعة (92/200=46).
وهنا إذا جمعنا الخسارة الإسمية 35% مع الفرصة الضائعة 46%، يكون المشتري قد أضاع أكثر من 80%، وهذا هو الإنخفاض الحقيقي الذي خسره المشتري الذي كان يملك سعر الشقة نقدًا. وهنا لا نتحدّث عن الذين يشترون شققًا مستعينين بقروض الإسكان، إنما عمن كانوا يمتلكون ثمن الشقة نقدًا أو المطورين العقاريين الذين لم يقوموا ببيع الشقق منذ ست سنوات، وفضّلوا التريث.