هل يجوز تقبيل الأطفال على أفواههم؟

هل يجوز تقبيل الأطفال على أفواههم؟
هل يجوز تقبيل الأطفال على أفواههم؟

كتب د.أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:

يحبّ الأطفال ومن دون إستثناء، أن يكونوا مصدر الاهتمام لوالديهم. لذا ينتظرون منهم الحنان والعاطفة التي تُتَرجَم من خلال التغنيج والدغدغة… وغيرها من السلوكيات التي تُظهر اهتمام الأهل بطفلهم.

ومن أهم هذه السلوكيات هو التقبيل على خدّي الطفل تعبيراً عن الحب الكبير الذي يكنّه الأهل له. وقد اهتمّ علماء النفس والمحاضرون في التربية، على رغم من ندرة وجود دراسات علمية عربية عن «تقبيل الطفل»، بهذه القبلة تحديداً. وأجمعوا بأنّ التقبيل هو نوع من أنواع التعبير عن الحب الذي يشعر به الإنسان تجاه الآخر. ويسعى كثير من الأهل وبشتّى الطرق إلى أن يعبّروا عن حبهم لطفلهم. ولكن كيف يفهم الطفل التقبيل؟ وما هي أهميته النفسية؟ وهل يمكن للوالدين تقبيل طفلهما على شفاهه؟

من أجمل المشاعر التي يمكن أن يعبّر الأهل عنها للطفل هي مشاعر الحب والعاطفة، وذلك من خلال قبلة على الجبين أو على الخد. وطبعاً، لكل قبلة معناها الخاص في عالم الطفل. فقبلة الجبين معناها السمو في العلاقة ما بين الأب والأم مع ولدهما، وقبلة الخدّ رمز للحنان والحب والعاطفة التي يقدمها الوالدان لطفلهما، وقبلة اليد رمز للتقدير والاحترام. كما نجد «القبلات السريعة» و»القبلات الطويلة»، وهناك «القبلة العميقة» و»القبلة السطحية»… ومهما كان النوع والشكل، لكل قبلة سحرها الخاص في عالم الأطفال، وهي مفتاح كل عملية ناجحة ما بين الطرفين: الأهل والطفل. ولكن ما يجب الانتباه منه هو ألّا تكون القبلة ميكانيكية… لأنَّ الطفل يميّز جيداً ما بين القبلة من القلب والقبلة المصطنعة.

أهمية التقبيل على خدّ الطفل

الجميع يحب التقبيل من دون إستثناء. حتى في عالم الحيوان، تقبّل الأم والأب الغوريللا طفلهما الصغير. والجدير بالذكر أنَّ هناك أنواعاً كثيرة من القبلات:

  • قبلة المحبة، يتشاركها الأقارب في ما بينهم، أو قبلة الثقة، وهدفها تعزيز المحبة بين الأصدقاء والأصحاب.
  • قبلة التقديس، وقيمتها معنوية ومقدَّسة، كتقبيل الإنجيل المقدَّس أو القرآن الكريم.
  • قبلة البركة، يعطيها شخص ذات مكانة معنوية عالية لشخص أدنى منه في الرتبة، من أجل مباركته. كما هناك أنواع أخرى من القبلات، كقبلة الصفقات، أو قبلة التعاطف أو قبلة السلام والصلح… أما بالنسبة للحب، فتضيف قبلة الرغبة رونقاً حماسياً على العلاقة ما بين الحبيبين، وقد تكون قبلة عميقة، قبلة إنسجام، قبلة قوية…

أما قبلة الوالدين لطفلهما، فلا مثال لها. وهي تنطبع أينما كان على الطفل: على وجهه، رأسه، قدميه… قبلة الوالدين دافئة ومليئة بالعاطفة. وتليها قبلة الاحترام، وهي عربون شكر لشخص ما. تُعطى قبلة الاحترام للأم أو الأب أو الجد أو الجدة، وتُعطى أيضاً لكبار السن…

ولكن ما أهمية تقبيل الطفل على خدّيه؟ يمكن أن تنقسم أهمية التقبيل عند الطفل إلى ثلاثة أقسام وهي التالية:

أولاً، القبلة للحاجة البدنية والحاجة للشعور بعاطفة الآخر. هذا النوع من القبلات مهم جداً لجميع الأشخاص، ولنموِّهم النفسي، وليس فقط للأطفال. ونجد أنَّ الأطفال الذين يعانون من نقص في العاطفة، يطلبون الحنان ويقبّلون الأهل وكأنهم ينتظرون منهم قبلة تعبّر عن عاطفتهم.

ثانياً، القبلة كوسيلة للتعبير عن الحب والاهتمام بالآخر. فكم من مرة، بعدما تتمّ معاقبة الطفل، نجده يأتي إلى والدته (أو والده) ليطلب قبلة وكأنه يريد إسترجاع العلاقة العاطفية المبنية بينهما.

أما القبلة الثالثة، فتلبي الحاجة الروحية. إنَّ الفائدة الروحية للقبلة أكبر من فائدتها البدنية، فيخلق التقبيل نوعاً من الارتباط والتلاحم بين الطفل الذي يتوق لأهله ولاهتمامهم به.

القبلة على الشفتين

القبلة على الفم عند الأطفال ليست سوى مسألة ثقافة، حيث يختلف قبولها (أم لا) بين بلد وآخر وثقافة وأخرى. فلا يعتبر الأوروبيون أنَّ قبلة الفم للطفل غير مقبولة، بل هي أمر شائع. بينما في البلدان العربية، هذه القبلة محرَّمة وغير مقبولة إجتماعيّاً.

يقبّل كثير من الآباء والأمهات طفلهم على فمه، فيما يحصر أهل آخرون الأمر بالقبل على خدَّي الطفل. فهل يجوز تقبيلُ الطفل على فمه؟ وهل من ضرورة للتعبير عن حب الأهل لطفلهم من خلال التقبيل على الشفاه؟ الجواب وبكل بساطة هو «كلا». ليس مجدِياً أبداً تقبيل الطفل على فمه. بل يجب أن يفهم الطفل، خصوصاً عندما يمرّ بمرحلة «عقدة أوديب» (من السنتين والنصف حتى الست سنوات) بأنّ التقبيل على الشفاه هو فقط لـ»ماما» ولـ»بابا».

كما يجب أن يستوعب بأنه لا يمكنه تقبيل أمه على شفتيها، ولا الطفلة الصغيرة أن تقبّل أباها على فمه. والسبب بسيط: القبلة على الشفتين هي فقط بين الوالدين اللذين يحبان بعضهما، وهما لبعضهما البعض. لا يجب أن يحصل الطفل على قبلة على الشفتين من أحد الوالدين لأنه سيتحوّل إلى «البابا» أو «الماما» (بحسب جنس الطفل). ولكن للأسف وفي بعض الأحيان، يعتقد الأهل بأنّ القبلة على الفم ليست سوى تصرّف بسيط وبريء، وأنها مشابهة للقبلة على الخدّ. كما يعتقد بعض العلماء أنَّ الطفل لا يميّز ما بين قبلة على الفم وقبلة على الخدّ. في كل الأحوال، مهما كانت التفسيرات والاجتهادات حول موضوع تقبيل الطفل، من المستحسَن أن تكون القبلة على الخدّ وليس على الفم، حيث من الأفضل تجنّب ما يمكن أن يفكر به الطفل خلال حصوله على قبلة على فمه.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى دواء ضد الكوليسترول يقلل كمية “الملوثات الأبدية” في الدم